الدكروري يكتب عن معاوية واليا على الأردن
الدكروري يكتب عن معاوية واليا على الأردن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية أنه تولى معاوية بن أبي سفيان ولاية الأردن في الشام سنة واحد وعشرين من الهجره، في عهد عمر بن الخطاب، وبعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان من طاعون عمواس، فقد ولاه عمر بن الخطاب ولاية دمشق وما يتبع لها من البلاد، ثم جمع له الخليفة عثمان بن عفان على ولاية الشام كلها، فكان من ولاة أمصارها، وبعد موت عثمان بن عفان سنة خمسه وثلاثين من الهجره، فقد نادى بأخذ الثأر من قتلة الخليفة عثمان بن عفان وحرض على قتالهم، وقبل ذلك وقعت موقعة الجمل حيث كانت السيده عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، في جيش يقاتل للقصاص من قتلة الخليفة عثمان بن عفان وكان في قيادة الجيش طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام.
الثأر من قتلة عثمان بن عفان
وكانوا خرجوا جميعا لأخذ الثأر من قتلة عثمان بن عفان، وبعد موقعة الجمل قاد معاوية جيشا ضد خليفة المسلمين علي بن أبي طالب وكانت موقعة صفين التي انتهت بالتحكيم الجبري، وبعد مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تولى الحسن بن علي الخلافة فثار معاوية على الحسن وحاربه فما كان من الحسن إلا أن حقن دماء المسلمين وأقام عهدا مع معاوية ينص على أنه يبايع معاوية على مابايع المسلمون عليه أبابكر وعمر وان يسير بسيرتهم وان الأمر يعود للمسلمين لاختيار خليفتهم بعد وفاة معاوية وهذا ما لم يحدث، وبموجب ذلك العهد تسلم معاوية الحكم فأصبح خليفة المسلمين في دمشق عاصمة دولة الخلافة الإسلامية، وبعد استشهاد الإمام علي كرَّم الله وجهه سنة أربعين من الهجره.
صلح معاوية والحسن بن علي
فقد تم الصلح بين معاوية والحسن بن علي بن أبى طالب، رضي الله عنهم وكان ذلك فى عام واحد وأربعين من الهجره، حيث تنازل بمقتضاه الحسن عن الخلافة وبويع معاوية، ودخل الكوفة وبايعه الحسن والحسين سنة واحد وأربعين من الهجره، واستبشر المسلمون بهذه المصالحة التي وضعت حدا لسفك الدماء والفتن، وسموا هذا العام عام الجماعة، وهذه إشارة واضحة لرضا الناس عن خلافة معاوية رضي الله عنه واستقبالها استقبالا حسنا، فقد تولى الخلافة ووراءه تجربة طويلة في الحكم والإدارة وسياسة الناس، فولايته على الشام قبل الخلافة لمدة تزيد عن العشرين عاما، أكسبته خبرة كبيرة هيأت له النجاح في خلافته، والحقيقة أن معاوية رضي الله عنه كان يتمتع بصفات عالية ترشحه لأن يكون رجل الدولة الأول.
وتجعله خليقا بهذا المنصب الخطير، فيقول ابن الطقطقا وأما معاوية رضي الله عنه كان عاقلا في دنياه لبيبا عالما حاكما ملكا قويا جيد السياسة، وكان معاويه أيضا حسن التدبير لأمور الدنيا عاقلا حكيما فصيحا بليغا، يحلم في موضع الحلم، ويشتد في موضع الشدة إلا أن الحلم كان أغلب عليه، وكان كريما باذلا للمال محبا للرياسة شغوفا بها، كان يفضل على أشراف رعيته كثيرا، فلا يزال أشراف قريش مثل عبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر الطيار، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأبان بن عثمان بن عفان، وناس من آل أبي طالب رضي الله عنهم يفدون عليه بدمشق فيكرم مثواهم، ويحسن قراهم ويقضي حوائجهم، ولا يزالون يحدثونه أغلظ الحديث ويجبهونه أقبح الجبه، وهو يداعبهم تارة، ويتغافل عنهم أخرى، ولا يعدهم إلا بالجوائز السنية، والصلات الجمة.