الذكرى ال 72 لرحيل الضاحك الباكي نجيب الريحاني

كتب خالد فؤاد

الريحانى قام برثاء نفسه قبل الوفاة بسخرية كبيرة..

هكذا كتب وودع الحياة

“مات نجيب. مات الرَّجُل الذي اشتكى منهُ طوب الأرض وطوب السَّماء إذا كان للسماء طوب. .

مات نجيب الذي لا يُعجبه العجب ولا الصيام في رجب…

مات الرَّجُل الذي لا يعرفُ إلَّا الصراحه في زمن النفاق ..

ولم يعرف إلَّا البحبوحة في زمن البُخل والشُّح.

مات الريحاني في 60 ألف سلامة”.

هكذا كتب العبقرى نجيب الريحاني ” الضاحك الباكى” الذى تحل اليوم الذكرى ٧٢ لرحيله عن نفسه قبل الرحيل ليكون الفنان الوحيد الذى قام برثاء نفسه قبل الموت.

فقد رحل في 8 يونيو عام 1949، بسبب مرض التيفوئيد اللعين قبل أن يكمل تصويره لآخر مشاهده في فيلم “غزل البنات” الذى أصبح من أهم أفلامه بل من أهم الأفلام فى تاريخ السينما العربية حتي اليوم.

فقد رحل قبل عرضه وشكلت وفاته وقتها صدمة عنيفة للملايين واشترك الآلاف في تشييع جنازته، ورثاه الملك فاروق وكل عمالقة الفكر والفن والأدب حتي من اختلفوا معه.

– ليؤكد وبمعادلة بسيطة للغاية أن الفنان الحقيقي هو الذى يظل باقيا في قلوب الجماهير حتي التي ولدت بعد وفاته بسنوات طويلة، فقد رحل الرجل منذ ٧٢ عاما وجاءت بعده أجيال وأجيال رحل غالبيتهم ولايزال هو وكثيرين غيره ممن يستحقون أن نطلق عليهم لقب فنانين بحق عائشون في عقولنا وقلوبنا.

نجيب الريحاني هو ممثل كوميدي معروف بلقب “كشكش بيه”، وهو أحد أشهر ممثلي المسرح والسينما في القرن العشرين في الوطن العربي عموماً ومصر خصوصاً.

بدايات نجيب الريحاني

ولد الريحاني في القاهرة، مصر، في يناير من عام 1889، أمه مصرية و والده عراقي وكان الأوسط بين أخوته الثلاث.

حياتهم كانت ميسورة للغاية، لذا تلقوا تعليمهم في أرقى مدارس القاهرة. التحق نجيب بمدرسة الفرير الفرنسية وكان منكباً على الدراسة قاضياً الكثير من الساعات في مطالعة الأدب الفرنسي والعربي وكان طليقاً بهما إلقاء وكتابة، وتأثر بأدب الفرنسي الساخر موليير وترجم له معظم أعماله.

لاحظ موهبته الشيخ بحر أستاذ اللغة العربية فعمد إلى اختياره رئيسا لفريق التمثيل، حيث كان يعود إلى غرفته يتدرب على أدواره بأصوات عالية ولساعات طويلة، ولطالما تعرض للتأنيب من قبل أمه بسبب ذلك.

توفى والد نجيب بعد حصوله على الشهادة الثانوية في السادسة عشر، فلم يكمل دراسته واضطر للعمل لمساعدة أسرته في البنك الزراعي في القاهرة، لأن والده ترك ثروته بالكامل لابنة أخته اليتيمة.

إنجازات نجيب الريحاني 

أحب التمثيل جداً لكن بدأت حياته المهنية بعيدا عن الفن، وتحديدا في البنك الزراعي حيث تعرف على عزيز عيد وهو خريج مسرح، عمل في البنك أيضا، ولم يمض وقت طويل حتى بدأت صداقة بينهما وانضم نجيب إلى فرقة عبد العزيز، وبسبب تغيبهما المستمر عن البنك بسبب التمثيل تم فصلهما ليعتبرها نجيب إشارة إلى أن قدره هو اتباع شغفه.

لم يطل الأمر كثيرا في فرقة عزيز وذلك لأن الأضواء سلطت على نجيب فلم يحب عزيز الأمر وقام بطرده من الفرقة، لينضم لاحقا إلى الفرقة التي كانت مشهورة نسبيا، فرقة عطاالله، التي أيضا لم يستقر فيها مطولا، وبدأ فعلا يتساءل إن كان سعيه في مجال المسرح والسينما دون فائدة. انتقل إلى الصعيد ليعمل في مصنع سكر، وتقاضى مبلغا جيدا لقاء عمله، لكنه سرعان ما تخلى عن ذلك كله وعاد إلى القاهرة، للجلوس في مقهى برنتانيا الذي غالبا ما يجلس به الفنانون العاطلون عن العمل، وتدهورت أحواله أكثر وأكثر خاصة بعد أن طردته أمه من المنزل.

كان صاحب المقهى يوناني الأصل محبا للفنانين، لذا حاول مساعدته فعرفه على مجموعة من الفنانين بدون أي عمل وبدأوا بفرقه أخذت تعرض في كراج حول إلى مسرح بفرق وحيد، عليك إحضار كرسيك معك إذا أردت الحضور تحسنت أحوال الفرقة ماديا وبدأوا عروضهم في مكان آخر وهو مسرح بريتانيا في القاهرة، وانضم إلى الفرقة التي احتوت نجيب، أمين عطا الله، أمين صدقي، روز اليوسف حينها، سيد درويش، وبديع خيري الذي صادق نجيب حتى مماته.

تخلى نجيب عن الفرقة وعاد عاطلا عن العمل من جديد، لكن هذه المرة بخبرة مسرحية كبيرة عرف من خلالها مكامن قدراته التمثيلية، إلى أن قدم له استفان روستي فرصة جديدة للعمل وذلك على مسرح آبي دي روزو، حيث ابتكر شخصية “كشكش بيه” التي ارتبطت باسمه بعدها.

قام بعد ذلك بالشراكة مع الخواجة ديمو كونجاس بشراء مقهى حولت إلى مسرح أسموه “مسرح الإجيبيسيانية”، والذي حمل اسمه لاحقا، التي قدمت عليه عروض استثنائية كانت نقطة تحول في تاريخ الفن الاستعراضي المصري والعربي، ولاسيما بكونهم أول من استعان بفرقة راقصات استعراضية أجنبية.

أعماله المسرحية

وقام الريحاني مع فرقته بجولات عديدة في الجزائر وتونس. وبعد غياب 18 شهرا عن المسرح قرر العودة إليه ولاقت عروضه ومسرحياته التي كان يؤلفها صديقه بديع خيري نجاحا كبيرا، لقربها من الناس ومشاكلهم وحياتهم، مثل “الشايب لما يتدلع”، حتى آخر مسرحياته “حسن ومرقص وكوهين”، اعتزل المسرح وفي جعبته أكثر من 50 عملا مسرحيا منها 33 مع صديقه بديع خيري، إضافة ل 6 أوبريهات أشهرها “الشاطر حسن”. ثم عاد إلى السينما مقدما أعمالا هامة برغم أن إنتاجه السينمائي لم يتجاوز 10 أفلام تضمنت صاحب السعادة كشكش بيه وسلامة في خير وسي عمر وغيرها.

بعد توقفه عامين عن التمثيل التقى ريحاني ب”ليلى مراد” واتفقا على تقديم سوية ما كان آخر أعماله “غزل البنات”، حيث توفي قبل إطلاق الفيلم بشهر واحد.

حياة نجيب الريحاني الشخصية 

تزوج الريحاني من الراقصة الإستعراضية اللبنانية “بديعة مصابني” بعد قصة حب بينهما عام 1924، وكانا ثنائيا قويا على الصعيد الفني، لكن بعد زمن وكثير من المشاكل قررا الطلاق علما أنهما تبنيا طفلة معا “جولييت”، حاول نجيب بشتى الطرق الحؤول دون الطلاق لكن بدون جدوى.

تزوج بعدها بفترة الاستعراضية الألمانية “لوسي دي فرناي” وأنجب منها فتاة تدعي “جينا” لكن بسبب القوانين الألمانية التي تمنع زواج الألماني لأي جنسية أخرى (في تلك الحقبة) سجلت الوثائق زوجته لرجل ألماني آخر.

قبل وفاته قام ببناء قصر كبير تبرع به كمأوى للفنانين المتقاعدين الذين يعانون كثيرا بعد الشيخوخة وخاصة لعدم وجود أي معاشات أو خدمات تأمين صحي.

أما من حيث ديانة نجيب الريحاني ومعتقداته وطائفته الأصلية ، فقد ولد لعائلة مسيحية من السريان الكاثوليك

وفاة نجيب الريحاني 

توفي الريحاني في 8 يونيو عام 1949، بسبب مرض التيفوئيد، الذي دمر قلبه ورئتيه، وذلك أثناء تصويره لآخر مشاهد فيلم “غزل البنات” الذي عرض بعد شهر من وفاته.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.