الرئيس “المشاغب”: أنا أقوى شخصية في العالم
الرئيس “المشاغب”: أنا أقوى شخصية في العالم
تمكن عيدي أمين من الاحتفاظ بالسلطة لمدة 8 سنوات فقط، ومع ذلك برز كواحد من الرؤساء “المشاغبين” في القارة الإفريقية، علاوة على اشتهاره بتعليقاته اللاذعة وسخريته الصادمة من خصومه.
تُرسم صورة قاتمة لفترة حكم عيدي أمين في أوغندا، ويتهم بقتل عشرات الآلاف من المدنيين وبأنه أفسد اقتصاد بلاده بطرده عشرات الآلاف من الهنود والباكستانيين لاعتقاده أن هؤلاء كانوا يستغلون ثروات أوغندا، وـنهم بمثابة حجر عثرة أمام تطوره، فيما ترى قلة قليلة وجود تهويل في تلك الاتهامات بسبب معاداة أمين لبريطانيا وللولايات المتحدة وقطعه العلاقات مع إسرائيل.
لم يتمكن عيدي أمين دادا من تعلم الكياسة، وكان مشاغبا ينفر من الدبلوماسية، وأطلق على نفسه خلال 8 سنوات من رئاسته لأوغندا العديد من الألقاب منها الحاج الدكتور، وقاهر الإمبراطورية البريطانية في إفريقيا بشكل عام وفي أوغندا بوجه خاص!
كان عيدي أمين بطلا للملاكمة في الوزن الثقيل بشرق إفريقيا بين عامي 1955-1959، وظل شغوفا بهذه الرياضة بعد وصوله إلى السلطة حتى أنه افتتح في ديسمبر عام 1974 في كمبالا بطولة الملاكمة للهواة بخوض مباراة مع مدرب الملاكمة الأوغندي جريس سيروواجي، وانتصر بالطبع بالضربة القاضية الفنية!
أما العلاقة المسمومة التي تسببت في الإطاحة به في عام 1979، فكانت مع جوليوس نيريري، رئيس تنزانيا المجاورة، حيث ظهر العداء المستحكم بين الرجلين منذ اللحظات الأولى لوصول عيدي أمين إلى السلطة في انقلاب ضد صديق مقرب من نيريري.
عيدي أمين واجه نيريري بحرب كلامية شديدة، وسخر منه بطريقة لاذعة، ووصفه في حديث مع السفير السوداني في كمبالا في عام 1974 بأنه “يعاني من مرض مزمن يتسبب في سوء التفاهم بين الدول، وأنه قد يصيب شعب السودان بهذا المرض”.
التلاسن بين الرئيسين تحول إلى حرب بين البلدين في أكتوبر 1978، حين أرسل عيدي أمين قوات الجيش الأوغندي على داخل تنزانيا، وأعلن ضم جميع الأراضي الواقعة شمال نهر كاجيرا.
جوليوس نيريري رد بإعلان التعبئة العامة، وتمكن الجيش التنزاني من إجبار القوات الأوغندية على الانسحاب من المنطقة الحدودية التي سيطر عليها، ولاحقت القوات التنزانية مع قوات من المنشقين الأوغنديين الجيش الأوغندي في جنوب البلاد وتمكنت في سلسلة من المعارك من هزيمته على الرغم من إرسال الزعيم الليبي معمر القذافي في ذلك الوقت قوات لمساندة الجيش الأوغندي.
وفي أبريل من عام 1979، سيطرت القوات التنزانية على العاصمة كمبالا ونصبت فيها حكومة بديلة، وفي يونيو تم القضاء على القوات الموالية لعيدي أمين، وانتهت بذلك الحرب، وطويت صفحة عيدي أمين.
الآن يمكن التعرف عن قرب من عيدي أمين الذي توفر في عام 2003، من خلال آرائه ومواقفه التي صاغها في عبارات لا تخلو من طرافة وغرابة ونطق بها من دون أي تحفظات دبلوماسية.
يقول عيدي أمين دادا مظهرا “حكمته” في نصيحة: “لا يمكنكم الجري أسرع من رصاصة”، مشيرا في مناسبة أخرى إلى أنه “إذا عرفنا معنى كل ما يحدث لنا، فلن يكون هناك معنى!”.
ويقول هذا الرئيس الإفريقي المشاغب في وصف نفسه: “المشكلة معي تتمثل في أنني سبقت عصري بخمسين أو مائة عام. سرعتي كبيرة جدا. واضطر بعض الوزراء إلى ترك حكومتي لأنهم لم يتمكنوا من مواكبة ذلك.
وفي هذا السياق قال عبارة صادمة مختصرة مفادها: “أكلتهم قبل أن يأكلوني”، مشددا في تصريح آخر بقوله “يجب كي أحافظ على القانون والنظام أن أقتل أعدائي قبل أن يقتلوني”.
عيدي أمين قارن نفسه أيضا بدولة عظمى، حيث قال: “لا أريد أن أكون تحت سيطرة أي قوة عظمى. أنا أعتبر نفسي أقوى شخصية في العالم، ولهذا السبب لا أسمح لأي قوة عظمى بالسيطرة عليّ”.
كما أنه أقترح ذات مرة “التخلص من الأسلحة التقليدية واستبدالها بقنابل هيدروجينية بأسعار معقولة يتم توزيعها بالتساوي في جميع أنحاء العالم!”.
كانت الملاكمة بالنسبة لعيدي أمين، أكثر من مجرد رياضة، حتى أنه رأى أن “السياسة مثل الملاكمة، وتعني أن تحاول إسقاط خصمك”، وتمنى أيضا أن يُذكر “كرياضي عظيم. كبطل في الملاكمة”.