الرهان القاتل 

قصة قصيرة.

..بقلم مصطفي حسن محمد سليم
لم يكن الأمر في البداية سوي مزحة مع صديقي ،ورهان وتحدي، أن امكث لمدة ليلة واحدة في تلك البناية المهجورة، التي تقع في آخر الشارع الذي اقطن به، والذي يخاف معظم سكان المنطقة المرور من امامها ليلا ،وبدأ الطمع بداخلي في المبلغ المادي الذي ساتقاضاه من صديقي يروادني، وماالضرر في أن امكث ليلة واحدة في هذا المنزل، مقابل أن انال ذلك المبلغ المادي منه، والذي سيحل لي بعض مشاكلي المادية، وبدأ الخوف ينتابني، وانا اخطو بخطوات ثابته نحو ذلك المنزل ،وانا انظر من حين لآخر في ساعتي المضيئة، كانت الساعة تقترب من الواحدة بعد منتصف الليل، والهدوء يخيم علي ذلك المكان، لايقطعه من حين لآخر سوي صوت حفيف الأشجار ،ونباح بعض الكلاب الضالة التي تمر في المكان من وقت لآخر، وقفت امام تلك البناية التي تقع من دورين، والظلام يخيم عليها مثل الصمت الذي يحيط بها من كل مكان، وبدأت دقات قلبي تتصاعد من الخوف، وانا افكر فيما انتويته في هذه الليلة، وبدأت اتحسس بيدي البطارية التي اضعها في جيب معطفي، ربما لكي تبعث بداخلي بعض الطمانينة، مرت الدقائق بطيئة وانا في انتظار صديقي لكي يبدأ الرهان، وفي الموعد المحدد ،وجدت شبح لرجل يقترب من مكاني في خطوات مسرعة في الظلام، وعندما اقترب مني بمسافة كافية ،وقعت بقعة ضوء من الكشاف الذي ينير الشارع علي وجهه، بدأ بعض الأرتياح علي وجهي وانا اصافحه، وهو يقول لي في سخرية يمكنك التراجع عن فكرة الرهان هذه، مرت لحظات سريعة وانا احدق في وجهه، ثم اختلس النظر إلي المنزل قبل أن اقول له لاتبالي بذلك ياصديقي ،لقد اتخذت القرار وانتهي كل شئ، المهم إلاتتراجع انت عن راهنك معي، وصافحته وانا اخطو نحو المنزل في خطوات سريعة، وقد شعرت بانقباض شديد في بأدي الأمر، وانا اخطو داخل بوابة المنزل ،واصعد الدرج الخاص بالمنزل في خطوات متثاقلة، كانت درجات المنزل مكونة من ثلاث درجات، والتي بدأ بعضها متهالك من آثار الزمن، ثم يوجد بعد ذلك شقة تقع في الطابق الأول تحتل مساحة المنزل، وشقة أخري تحتل الطابق الثاني، اصابني الخوف وانا ادفع باب الشقة المتهالك، الذي تساقطت منه بعض الأتربة ،وقد اغرقت وجهي كله وثيابي، لم ابالي بمسح تلك الأتربة فربما يكون ماينتظرني بالداخل اكبر بكثير من ذلك الأمر التافه، بدأت الشقة تعم في ظلام دامس، إلامن نور شحيح ينبعث من أسفل غرفة تقع في أخر الشقة ،وبدأت اتسائل بداخل نفسي من الذي اشعل نور تلك الغرفة ؟!وهل يوجد مصدر للضوء في هذه الشقة ؟واين يقع هذا المصدر؟ وفي حين مرور ذلك السؤال علي عقلي، وجدت باب تلك الغرفة يفتح ببطء شديد، وفي صرير مخيف، مما اوقع الرعب في قلبي وشعرت ان مفاصلي ايضا قد اصابها الوهن، ولايستطيع جسدي التحكم فيها ،حاولت التراجع للخلف، ولكن جسدي لم يطاوعني في ذلك، وبدأت دقات قلبي تتعالي من الخوف حتي إني اكاد اسمع صوتها في ذلك الصمت المطبق، وشعرت أن شئ ما سيخرج من هذه الغرفة وينقض علي، ويضع اسنانه علي رقبتي ،ويمتص في دمائي مثلما يفعل دراكولا دائما في افلام الرعب، مرت دقائق بطيئة وانا احاول استجماع قوتي لفعل اي شئ في محاولة للهروب من ذلك المكان، واصطك بأذني صوت ضعيف لخطوات إنسان تقترب مني ،ولكني لااعرف مصدرها ،ربما تنبعث من كل ارجاء المكان، ذلك ماشعرت به وأنا احاول أن اميز مصدر ذلك الصوت، ولكن الخوف الذي بداخلي منعني من تمييز اي شئ غير فكرة الهروب، التي سيطرت علي عقلي بكل قوة، وآخيرا استطعت تمييز مصدر الصوت، انه قادم من تلك الغرفة المضيئة اللعينة، وبدأ يتضح اكثر مع خيال ذلك الشبح الذي حجب الضوء الشحيح المنبعث من الغرفة ،والذي يبدو لجسد أمرأة واضح جدا من مشهد جسد ذلك الشبح ،كان النور القادم من هذه الغرفة ضعيف جدا ،حاولت اضاءة البطارية ولكنها ابت ذلك، رغم أن الحجارة التي تعمل بها البطارية جديدة، وفجأة انبعث نور قوي اضاء المكان كله كومضة فلاش الكاميرا ،ثم اختفي فجأة، لاأعرف ماالذي حدث لي بعدها، لقد فقدت الوعي لمدة دقائق ،وعندما بدأت استعيد الوعي والادراك بما يحوطني، وجدت نفسي اجلس علي مقعد وثير ويدي مكبلة في ذلك المقعد، وانا اجد تلك السيدة تقف امامي تحدق في بعيونها الواسعة ،وهي تضحك تلك الضحكة الشيطانية، وشعرت أنها بدأت ترج انحاء المنزل من صوتها، ثم وجدت عنقها يبتعد عن جسدها بمسافة كبيرة، وعيونها تقترب مني تحدق في وجهي الذي سال منه العرق في قطرات باردة، وقد بدأ يتساقط علي وجهي، وشعرت ان الدماء قد توقفت بداخل عروقي من كثرة الرعب، وتكلمت تلك السيدة بلغة غير مفهومة لي ،ثم بدأ كل شئ حولي يتطاير في الهواء ًوبعدها فقدت الوعي، لااعرف كم لبثت في ذلك الأمر من فقدان الوعي، إلا عندما وجدت صديقي يقف امامي وهو يبتسم لي ،وهو يقول لي انا واقف هنا منذ اكثر من نصف ساعة، احاول ان اجعلك تستعيد وعيك، لقد اندفعت إلي هنا عندما سمعت صراخاتك المتتالية، والتي شقت صمت المنطقة كلها، وقد وجدت جسدك قابع امام باب الشقة كما تجلس انت الآن، انت حتي لم تحاول الدخول إلي المكان من الداخل؟! كل هذا الصراخ وانت لم تحاول الدخول إلي الشقة، ماالذي حدث لك بالتفصيل حتي اصابك كل هذا الرعب ؟! حاولت أن اجيبه وأن اخبره عن الذي حدث، ولكني وجدت جميع أيات الرعب تسيطر علي وجهه، وهو يسقط بجواري جثة هامدة، ونظرت خلفي لكي اجد شبح تلك السيدة يأتي من خلفي ،وقد عاد ثانية في صورة ابشع من الأولي، ولم اشعر إلابنفسي وقد دبت بداخلي قوة رهيبة، وانا اندفع خارج المنزل في سرعة شديدة ،وصرخات تلك السيدة الملعونة تلاحقني من خلفي في صوت رهيب ،وانا اقف خارج المنزل ،وقد بدأت احمد الله علي إني قد نجوت من ذلك المكان ،وبدأت اشعر إني قد عشت في هذه الليلة، قصة رعب بداخل ذلك المكان بكل ماتحمل الكلمة من معاني الخوف .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.