الرياضة والسياسة وحصانة المستشار بسيد قراره .. إسهامات / ثروت عبدالرؤوف

للمرة المليون يرفض مجلس الشعب الموقر سيد قراره طلب رفع الحصانة عن المستشار والناس متعجبين ولكن وكما يقول المثل الشعبى إذا عرف السبب بطل العجب 

ماهو السبب ؟
للإجابة على هذا السؤال علينا أن نعود خطوة للخلف
بعد نجاح ثورة يوليو فى مصر إنتفت السياسة وجفت منابعها وماتت الأحزاب وتوقفت المنافسات السياسية
فمن ينافس زعيم قاد ثورة نجحت في طرد الملك و المحتل وتحرير البلاد والعباد من العبودية والإستسلام ومن يجرأ على معارضة زعيم بحجم ناصر إلتف حوله ليس الشعب المصرى فحسب بل الشعب العربى والإسلامي وكل شعوب الأرض التواقه للحرية والتخلص من الإستعمار
وتحول الإعلام من النقد والتحليل إلى الحشد والتعبئة وتحولت أحزاب المعارضة بطبيعتها إلى تنظيمات موالية ومؤيدة ضد طبيعتها وكل من سولت له نفسه المريضة أو عقله المختل أو ضميره الباذنجانى فى منافسة الزعيم أو معارضته أو حتى نقده سواء بطريق مباشر أو حتى غير مباشر تخطفه الطير وألقى به فى غياهب السجون
ولكن نظرا لأن الشعوب لا يمكنها أن تعيش بدون منافسة تم بإقتدار نقل المنافسة من مجال السياسة إلى مجال الرياضة وتشكل فى الرياضة حزبين كبيرين على غرار الحزب الديموقراطى والحزب الجمهورى فى الديموقراطيات العتيقة هما حزب الأهلى وحزب الزمالك وأحزاب صغيرة على غرار الأحزاب الصغيرة مثل الدراويش والشواكيش وسيد البلد بعضها يتحالف مع أحد الأحزاب الكبيرة لدعمه وبعضها يحافظ على إستقلاله بنفس قواعد اللعبة السياسية
وفتحت الدولة الباب على مصراعيه للمنافسة بين الأهلى والزمالك وباقى الفرق ووفرت كل سبل الدعم لإنجاح هذه المنافسة وشيدت أكبر إستاد رياضى على غرار الإستادات العالمية فى حين لم تشيد جامعة ولا حتى مدرسة أو مستشفى على غرار العالمية أو المحلية ووفرت كل سبل الدعاية حتى لم يعد يخلو برنامج إذاعى أو تليفزيوني يستضيف نجم من نجوم المجتمع فى اى مجال من المجالات عن السؤال السمج اللزج والذى غالبا لا يكون له علاقة بالحوار ولا محل له من الإعراب وهو “أنت أهلاوى ولا زملكاوى” ؟
ولا تخلو صحيفة ولا مجلة سياسية أو إجتماعية او حتى إقتصادية إلا من باب عن الرياضة والأهلى والزمالك و لم يعد يخلو حديث للناس فى الشارع أو البيت أو على المقهى أو فى مطعم أو فى فرح أو حتى جنازة أو حتى فى أماكن العمل عن الأهلى والزمالك وأقامت الدولة الإحتفالات والمهرجانات والإستعدات فى كل مباراة للأهلى أو الزمالك أما لقاء الأهلى والزمالك فحدث ولا حرج وأفسحت القنوات الفضائية والارضية والعلوية والسفلية المجال أمام البرامج الرياضية وتم الزج بالمتعصبين والمتشددين والجهلاء وأنصاف المتعلمين فى هذه البرامج لإشعال نار للحرب كلما إنطفات اوقودها حتى فى فترات توقف المسابقات حافظوا على إشعال هذه النار و إستمرار وطيسها
ثورة يناير أيقظت السياسة من ثباتها وبعثت فيها الحياة مرة أخرى وتسللت السياسة إلى المدرجات وروابط الالتراس ورفع جمهور الكرة شعارات سياسية فى الملاعب وبذلت الدولة العميقة والدولة الغويضة والدولة العويصة محاولات جادة وجبارة بداية من تفكيك الروابط ومنع الجمهور من حضور المباريات وصلت لحد تدبير الحوادث لمنع نقل المنافسة السياسية إلى مجال الرياضة مع المحافظة على على الزخم التنافسي الرياضى بين الحزبين الكبيرين الأهلى والزمالك وإشعال نار الحرب بينهما
لذلك لم تنجح ولن تنجح كل محاولات إزاحة المستشار عن المشهد بإعتباره أهم منابع هذا الزخم مهما كان الإجماع على رفضه ومهما كان الإجماع على تجاوزه كل الخطوط الحمراء والنفاذ إلى قلب الأحمر
ومالم يفرز الوسط الرياضى زخوم بحجم المستشار الزقوم قادر على أداء هذا الدور لن يتم التضحية به
تقول قيم ٠٠تقول مباديء٠٠ تقول عفريت أزرق ٠٠تقول عفريت أحمر٠٠٠٠
عفريت السياسة أشد وأقوى

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.