الزواج على المذهب العنكبوتـى.. بقلم/ هدير حسين
أحبه جداً .. لقد ملك قلبى
-من هو .. ؟
-“فلان” هو حبيبى
-و من هو “فلان” ؟
-لقد تعرفت عليه من خلال الماسينجر و صرح بإعجابه لـ ادبى و دينى .
-و كيف عرف ادبك و دينك …. ؟
-من خلال محادثتى له على الشـات لساعات طويلة … و من خلال كل هذا الوقت , وجدت فيه الإحترام و الأخلاق و الذوق العالى .. و لديه عمل محترم و أموال كما قال لى لتأمين مستقبله و مستقبل حبيبته التى سوف يتزوجها .
-و كيف عرفتِ انه على خُلق عالِ و صاحب عمل محترم و لديه اموال ايضاً ؟!
-من خلال الشات .. فهو صريح معى جداً.
-و كيف تأكدتِ من صراحته ؟!! و لكـن يرد السائل على نفسه بناءاً على الأجوبة السابقة ( نعـم نعـم بالتأكيد… من خلال الماسينجر ) .
تطور التكنولوجيا و التقنية فى حياتنا – التى لها بالغ الأثر و الأهمية فى توجيه الشعوب إلى الوجهة التى تُريدها , نظراً لأنها لم تكن تحت رقابتنا و إشرافنا فهو تطور قادم من الخارج , تُسيطر عليها اصابع الغرب و يسير بنا بـ كامل الهيمنة نحو إتجاه خطير للغاية , فأصبحت الثقافة العربية عامةً مصبوغة بهذه الصبغة العنكبوتية ” الإنترنت ” و تأثرت بها اشد تأثيراً .
لقد اصبحت هذه الصبغة تُعنى لنا الحياة و تغلغلت فى أهم عوامل بقائها من خلال كل ما يخص ( الأسرة و الزواج ) التى اصبح من عوامل تكوينها خضوعها لإختيارات طبقاً لمواصفات شباب و بنات الماسينجر او الفيسبوك او اياً من مواقع التواصل الإجتماعى الأخرى و مواقع التزويج المُنتشرة على الشبكة و التى تعتبر بمثابة اذرع الشر لهذا العنكبوت .
اما عن الكلام الذى بدأنا به ليس من نسج خيالنا و لا من حواديت النساء , بل هو واقع و حقيقة تحدثت به فتاة ترجو النصيحة و ترغب فى حل لهذا المأزق , فهو حدث يتكرر بشكل يومى مئات المرات مع مئات الفتيات فى ارجاء الأرض , ولا تدرى الفتاة إذا كان هذا الشاب صادقاً فى احاديثه لها ام كاذباً و هل يرغب فى الزواج منها ام هى بالنسبة له مجرد نزوة يُضيع فيها وقته و شحنته العاطفية .. ففى نهاية كل الأحاديث نصل إلى الحائط المسدود و هو إرتباط الفتاة به إرتباطاً شديداً و لا تستطيع منع نفسها من التفكير فيه .
و اقول ان هذه هى النتيجة الحتمية لمثل هذه اللقاءات – فــ كلاً من الطرفين يتحدث مع الآخر و لا يعرف عنه إلا ما يُريد الطرف الآخر ان يظهره من كلمات معسولة و أخلاق حسنة و عاطفة شديدة … كل ذلك و لا يعدو كونه مجهولاً , فقد تكون وقعت فى براثن ذئب من الذئاب البشرية و النفس الإنسانية شغوفة بذاك المجهول . إلا و كلاً منهما يرتسم فى ذهنه الصورة المثالية للآخر, وسيم .. جميلة .. طويل .. قوامها فتان .. بيضاء و فى لحظة شغف لـ لذة زينها الشيطان و فى توهم بالشوق ظلماً للإسم الطاهر (الحب) , يُنزع كل ساتر بينهما و وقعا فريسة الزنا التى قد لاحت فى الأفق و مثلما سمعنا عن حوادث كثيرة تعلقت بقضايا بسبب التعارف عبر كاميرات الويب إلى ان يتطور الأمر بين الطرفين و تفقد الفتاة عُذريتها و فى النهاية يظهر شخص خلاف ما رآته و ما عرفت عنه , زائف , مُبهم الإسم و المكان و يعتبر هذا تحرش و إعتداء من إنسان وهمى , فليس هذا الحب الطبيعى المتعارف عليه الذى يبدأ بنظرة او بموقف برىء بين اثنين متفاهمين على حب تعهد بأن يكون على مر السنين .
و تصبح الفتاة فى نظر المجتمع ارتكبت خطأ شنيع فى حق نفسها , مارسته بكامل إرادتها فيقع عليها كل اللوم فى وقت اصبح فيه الآخر كالدخان المتبخر .
و إما ان تنتهى هذه الرؤية على اقل تقدير بصدمة عاطفية للفتاة و يختلق عذره بعدم قبوله الزواج من فتاة قد رآها او على الاقل تحدث معها . و فى نظره ان اى علاقة بهذه الصورة يصعُب ان يكون لها البقاء و الإستمرارية و قد تكون العلاقة بالفعل مبنية على محمل الجد للفتاة و لكننى آسفة على هذا الواقع المرير الذى يتمثل فى طابع الرجل الشرقى . و من هنا ايضاً تبدأ خيوط الشك و الريبة فى الإلتفاف حول قلب كل شاب مُقبل و عقد النية على الزواج و كل ما رآه سوف يطبقه على كل فتاة اراد الإرتباط بها فإما ان تخدعه بتصرفات مبنية على تجارب سابقة لها و تنكشف الحقيقة بمرور الوقت و لو بعد الزواج و اما ان تحبه هى و يكون هو الحب الأول و تنساق وراء كلامه ثم يتركها ظناً منه بأنها احبت من قبل و له كل الاعذار لأنه لم يعرفها عن قُرب بل معرفة عن طريق جهاز فحسب .
فـ لكل فتاة تؤمن برفعة الزواج و رسالته و دوره فى المجتمع … للزواج أسس و معايير و اركان لابد ان يُبنى عليها و اهمها المعاينة المباشرة فلا يكفى بأى حال من الأحوال سماع احدكما الآخر او قراءة ما يكتبه او ختى مشاهدته على كاميرا (الويب) و لا يكون افضل من رؤية الأشخاص وجهاً لوجه. .
و ايضاً ان يسلك المُحب الطريق الصحيح فى طلب الزواج فالمرأة المسكينة و خاصة المراهقة تثيرها عاطفتها و غالباً ما تقوى العاطفة عندها على العقل فتفكر و لتزن الأمور بعقلها لا بقلبها و ليس لأنها ناقصة, بل لأن الطيبة و حُسن النية هى فطرتها التى فطرها الله بها و للآسف يستغل الرجال الفاسدون هذه الفطرة فيها ليغرروا بها ويفسدونها.