الزوجة المهملة

بقلم / حاتم إبراهيم سلامة

 

 
=========
الزوجة المهملة
=========
أكتب اليوم عن آفة خطيرة من الآفات التي تُعاني منها بيوت الزوجية.!
إنها الزوجة المهملة، لكنه ليس ذلك الاهمال الذي يتصوره خيالنا حين تهمل الزوجة عملها في بيتها، وتتكاسل عن إنجاز مهماتها في أسرتها، وتتأفف عن مسؤولياتها المنوطة بها، من إعداد الطعام، وغسل الملابس، وتنظيف البيت، وتلميع الأثاث.
وإنما الإهمال الذي أعنيه وأريده، هو تلك المرأة التي تُهمل جمالها وزينتها ومفاتنها وثيابها أمام زوجها، ورغم علمها بحبه لذلك، ورغبته القوية في رؤيتها مبهرة، واشتياقه الدائم لبريقها الأخاذ، إلا أنها تُصر على إهمالها وتغاضيها وفتورها، فإذا ما طلب الزوج أن تتزين له تستهين بطلبه، وتجاريه حتى ينسى رغبته، وتعده أنها ستفعل، وتظل على حالتها، يطلب وتتكاسل، يأمر وتتهرب، حتى يُعرض عنها ويقل حبه لها، وينطفئ لهيب إعجابه بها، ثم تفاجأ في النهاية أنه يعرف الجميلات وأنس بالفاتنات المتزينات.!
إن الله تعالى قد منح الرجل قوة الجسد وقوامة الحياة، ومنح المرأة جمالها ومفاتنها التي تعوضها عن هذه القوة، فإذا ما أهملت المرأة جمالها، ولم تعتن بمفاتنها، فقد فرطت في وظيفتها وأهانت خصائصها كامرأة، وقتلت أنوثتها التي تميزت بها عن الرجال، وتكون الحجة دومًا جاهزة معدة مفصلة، فهي متعبة أو مرهقة أو نعاني من تربية الأبناء، أو أنها لا وقت لديها لذلك الدلال والكلام الفارغ، والحجج كثيرة لا تعدمها المرأة، إن نوت هذا الاهمال الذي يقودها لشرخ لا يجبر في حياتها الزوجية.
ولو أنها ماهرة ذكية عاقلة، لأدركت أن تزينها، وإظهار جمالها هو وظيفتها الأولى التي تبتدئ بها في بيتها، وأول عمل تباشره حينما تقوم من نومها لترعى شؤون أسرتها، إن الزينة للزوج أمر محتم وضروري وقدسي، لا تفريط فيه ولا إهمال ولا تقصير ولا تراجع، لأنه الإعلان عن سحر المرأة وأنوثتها، والرباط المتين الذي يربط قلب الزوج وعينيه وكل جوارحه، ويجذبه إليها كما يجذب المعناطيس شذرات الحديد.
عليكِ أن تكوني حصيفة ذكية، ولا تستهيني بالأمر ولتعرفي ولتتعرفي على مزاج زوجك، ما الزينة التي يهواها؟ ما اللون الذي يحبه؟ ما اللباس الذي يألفه؟ ما الكلمات التي يتوق إلى سماعها؟ ما العطر الذي يحب أن يستنشق عبيره من جسدك.؟
لقد كانت هناك زوجة تهمل زينتها لزوجها، ولا تقرب أدوات الزنية، ولا تنظر في المرآة إلا في المناسبات، حتى تزوج عليها وجلب لها ضرة، فإذا بها تتزين وتتجمل، وتعرف طريقها للمرآة، حتى يَحن إليها ومرة أخرى وتجذبه لفراشها، ولكن بعد ماذا؟ بعد فوات الأوان.! بعد أن أخذته منك، تلك التي تتقن كيف تتزين وتتجمل؟
وزوج آخر يًعطي زوجته مالا حتى تشتري ثيابًا جديدة، لأنه يحب دومًا أن يراها في صورة أنيقة، فلا تلبي طلبه، وتنفق المال في شؤون البيت التي لا يتأخر عنها ابتداء، وحين يسألها تقول له: البيت ومصاريفه أولى من هذه الكماليات، ولعلها جاهلة لا تفقه شيئًا، لأن هذه الأمور التي تراها من باب الكماليات، هي أكبر الأسس التي تُنمي جذور السعادة في بيت الزوجية ولكن أكثر الزوجات لا يعلمن ولا يدرين.!
تقول سيدة واعية: إن زوجي رجل يحتطب (يقطع الأخشاب، ويجمعه من الجبل، ثم ينزل إلى السوق فيبيعها، ويشترى ما يحتاجه بيتنا)، أُحِسُّ بالعناء الذي لقيه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فأعد له الماء البارد؛ حتى إذا قدم وجده، وقد نَسَّقْتُ متاعي، وأعددت له طعامه، ثم وقفتُ أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ولج (دخل) الباب، استقبلته كما تستقبل العروسُ الذي عَشِقَتْهُ، فسلمتُ نفسي إليه، فإن أراد الراحة أعنته عليها، وإن أرادني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها.
بل العجب العجاب في امرأة تتزين لأهل الأرض كلهم إلا لزوجها، فإنها تحرمه من ذلك، فإذا خرجت لعملها تزينت وإذا خرجت لأهلها تزينت، وإذا خرجت لأي مناسبة ودعوة تزينت، أما المسكين الذي يجب أن تتزين من أجله، فلا قيمة له ولا تعيره اهتمامًا، وتظن أنها بعشرته لها، قد زالت الكلفة فليس هناك داع للتجمل والتزين.!
كما حكى لي بعض الأزواج: أن زوجته كانت ترتدي ثيابًا يُبغضه ولا يحب أن يراه عليها، فنهاها عنه مرة فلم تستجب، وثانية فلم تستجب، وثالثة ورابعة فلم تستجب، حتى ظهرت كأنها تتحداه وتعانده، فما كان منه إلا أن غضب عليها ومزقه إربًا إربًا.
احذري أيتها الزوجة أن تظني أنني أطلب منك المستحيل، أو أنني أدعوكِ للبطالة والعطلة الدائمة، وتظنين أنني أدعوكِ للنظر في المرآة طول اليوم والتخلي عن واجباتك البيتية! أو أدعوكِ لإرهاق زوجك ماديًا بشراء العديد من المساحيق وأدوات التجميل؟ أنا لا أدعوكِ لشيء من هذا، وإنما أتحدث عن بعض اللمسات البسيطة التي تعرفها النساء، وفي نفس الوقت تسر الزوج حينما يراها من زوجته، ولعلك تتعلمين من المرأة العربية التي نصحت بنتها قبل زفافها فقالت لها: التفقد لموضع أنفه، والتعهد لموضع عينه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، وإن الكحل أحسن الموجود، والماء أطيب الطيب المفقود”.
فهل تستطيع كثير من نساء الحاضر، أن يفقهن ما فقهته هذه الأم العربية منذ مئات السنين؟

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.