السراب قصة قصيرة….بقلم مصطفي حسن سليم

أشعر أن الحياة تحمل لي الكثير من المفآجات، هكذا نطق صلاح كلمته الأخيرة،

السراب
قصة قصيرة….بقلم مصطفي حسن محمد سليم
أشعر أن الحياة تحمل لي الكثير من المفآجات، هكذا نطق صلاح كلمته الأخيرة، وهو ينظر في وجهه في المرآة ،وقد بدأ يداعب خصلات شعره البيضاء بأصابعه ،ثم يغمض جفنيه وهو يعود بذاكرته إلي طفولته، ليري نفسه طفل في السادسة يجري ويلعب في حديقة منزله، ثم شاب في الجامعة يتنقل بين المدرجات، ويسامر زملائه في حب وعنفوان الشباب، ثم تقف آخيرا ذاكرته علي وجه يعرفه جيدا، ثم يفتح عينيه ليري ذلك الوجه مازال معلق بداخل ذاكرته، أنها سميرة خطيبته السابقة، رغم مرور كل هذه السنوات علي فراقهم، إلا انه مازال يتذكر ملامح وجهها الطفولي، وابتسامتها الرقيقة، ثم تنهد في عمق وهو يغادر مكانه متجها إلي الشرفة، ليصطدم وجهه بلفحة هواء باردة، ويعتري جسده قشعريرة سريعة من البرد القارس ،إلا أنه لم يغادر مكانه وهو ينظر إلي الهواء العنيف بالخارج، يداعب اوراق تلك الشجرة العجوزة، التي يطل عليها منزله، وتخيل إليه انه رآها تعبر الطريق في خطوات مسرعة، وقف مذهولا للحظات من قوة المفأجاة، ثم وجد نفسه يندفع خارج الشقة ،يجري في الاتجاه الذي رآها تسير فيه، أنها هي بالتأكيد، لم يتغير فيها شيء، رغم مرور الزمن، أنها مثل الصورة التي رآها عليها منذ قليل وهي تداعب خياله، ولكن أين هي؟ أين اختفت؟! مرت أسئلة كثيرة بعقله في سرعة وتتابع رهيب، مثل صوت مطارق تعزف سيمفونية بلهاء تدق فوق رأسه، وفجأة تسمرت قدميه في الأرض حينما تذكر ماحدث لها، لقد قرأ في الجريدة خبر وفاتها ، هي، وزوجها ،وطفلتها الوحيدة، في حادث سيارة منذ عامين، أنها الحقيقة المفزعة التي يرفض عقله أن يصدقها، ثم عاد وهو يجر قدميه بصعوبة، وهو يصعد درج السلم في تثاقل شديد، لقد كانت سراب، مجرد وهم، لم تكن حقيقة مثل الصورة التي كانت تداعب خياله منذ قليل، كانت مجرد سراب.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.