السر وراء نوستالجيا الحنين للماضي

السر وراء نوستالجيا الحنين للماضي

بقلم وريشة / كيرلس عادل جرجس

مع تعاقب الأجيال ووسط سلسلة التطور التي نشهدها والتحف المعمارية التي تطل علينا يوميا والمتنزهات ذات التصميم الهندسي الاوربي يظل بداخلنا حنين إلي بيت العائلة القديم مع أجدادنا نحتسي الشاي في العصر ونتجاذب أطراف الحديث ونستمتع بلحظات الدفئ وسط لمة العيلة وخصوصا في يوم الجمعة مع مشاهدة برامج التليفزيون التي كانت تُعرض علي القنوات الأرضية الأولي والثانية والتي كنا لا نملك سواها كنا نشعر برفاهية عن وقتنا الحالي كنا غير منعزلين أمام شاشات الهواتف يوما كاملا بل كنا إجتماعيين نكتسب خبرات ممن هم أكبر منا سناً كنا بالرغم من قلة اختيارات وسائل الترفيه وبالرغم من إغلاق التليفزيون علي الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل والتي لا يعلمها ابناء الجيل الحالي لكننا كنا نشعر باللهفة ولذة الأشياء عند إصدارها كان عندما يُعرض فيلم جديد كنا نشعر بأن التليفزيون أفضل من اي دار عرض سينمائية أو عند صدور شريط كاسيت لأي مطرب كنا نعتبره أفضل من اي حفلة تليفزيونية وكان الفن يُقدم في صورة علي أكمل وأجمل ما تكون ناهيك عن مايحدث للفن في أيامنا الحالية التي نشهدها من ابتذال وسخافة إلا من رحم ربي.

كيف نعود للماضي ونشعر بأحاسيسه الجميلة؟ :-

العودة بالزمن الي الخلف هو أمر مستحيل وخارج قدرة البشر ولكن نستطيع العودة بالذاكرة للوراء واستشعار لحظات من الماضي، فمن عجائب العقل البشري انه يستشعر تلك اللحظات وكأنها وليدة اللحظة فأحيانا نبكي بسبب لحظة ألم او نبتسم بسبب لحظة فرح وكأنك سافرت عبر الزمن للعودة لتلك اللحظة بكل تفاصيلها وتكرار نفس الأحساس الذي شعرته حينها.

سر جمال الماضي وتأصل النوستالجيا داخلنا:-

للماضي جماله ودفئه الخاص الذي يشعرنا بالحنين إليه والي أشخاص كانوا بيننا ورحلوا ولأماكن كانت تجمعنا الي ضحكاتنا وصراختنا والي ألعابنا البسيطة، برغم بساطة الحياة في ذاك الزمن إلا ان للماضي سحره الخاص.
ومن المفارقة التي تُحير العقول نجد أن هناك العديد من الصفحات التي تحمل اسم جيل الطيبين وسط هذا الكم من المنوعات علي السوشيال ميديا تعرض مسلسلات كانت تُعرض في شهر رمضان قديما أو الفوازير او برامج إجتماعية قديمة أو حلوي أو أدوات من الزمن الجميل ونجد إقبال المتابعين علي مشاهدتها وإبداء الإعجاب بها كما لو كان بينهم رابطة عشق لا يمحوها الزمن.

الصراع بين الماضي والحاضر عبر الأجيال:-

هذا الصراع الداخلي بين الحاضر والماضي يثير في نفسي التساؤلات، ما الذي جعل الماضي يحظى بهذا القدر من الجمال ؟! بالتأكيد تكررت كلمة “الزمن الجميل” على مسمعنا كثيرا عند سماع اغنية او مشاهدة مسلسل من ذاك الزمن، هل جمال تلك الفترة يكمن في الأشخاص؟ ام في بساطة الأمور؟ ما الذي يجعل الماضي يختلف عن الحاضر؟!، برغم ما نعيشه اليوم من حداثة وتطور الذي سهل علينا الكثير من أمور حياتنا مثل الانترنت، وسائل النقل، الهواتف … الخ

من وجهة نظري ان جمال الماضي يكمن في بساطة الحياة والترابط بين الناس بعيدا عن النفاق والتفاخر والمظاهر الزائفة، فاليوم أصبحت السعادة مقترنة بالمادة وزائفة غير نابعه من القلب ينقصها الرونق الحقيقي للفرحة ، لم تكن سعادتنا قديما ترتبط بالتفاخر بالثروة او بالنجاحات او بالبلاد التي سافرنا إليها او بالحفلات التي دفعنا فيها مبالغ طائلة لحضورها لكن كانت فرحتنا في أشياء تبدو بسيطة لكنها كانت تمثل فرحة حقيقية غير ظاهرية كالتي توجد علي العالم الافتراضي والسوشيال ميديا كان بالنسبة لجيلنا شراء جهاز كهربائي جديد أو رجوع فرد من عائلتنا من السفر كانت تمثل الفرحة ذات اللهفة النابعه من القلب.كنا نحن من يصنع لحظات الفرح وليس السوشيال ميديا هي من تصنعها.

فمن رأيي المتواضع الماضي والحاضر وجهان لعملة واحدة، وسيظل الماضي قابعاً في ذاكرتنا و الحاضر معبراً عن حالنا.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.