الشاعر الكبير إبراهيم رضوان يتذكر تفاصيل ثورة وغضب الحكومة

الشاعر الكبير إبراهيم رضوان كنت أعمل مدرسا في قرية مناخله….  التي أصبح إسمها بعد ذلك الروضه..إكتشفت قبلها أن التدريس موهبه..كان نصف مرتبي رغم حاجتي الشديدة له يخصم بسبب الغياب المتكرر خصوصا أن القريه الطيبه بعيده عن الأسفلت و لا بد من المشي لها لمسافات بعيده..

الشاعر الكبير إبراهيم رضوان
الشاعر الكبير إبراهيم رضوان

الشاعر الكبير إبراهيم رضوان 

كنت أنتظر أول الشهر بفارغ الصبر حتى أحصل على ما تبقى لي من المرتب..

في هذه الفترة كنت قد أصدرت ديواني الأول ،، الدنيا هي المشنقة،،  

في عصر أحد الأيام حضر إلى منزلي المرحوم ابراهيم موسى مدير إدارة التعليم بطلخا و معه عشرات الذين يعملون معه..

خرجت لهم..سلمت..أخبرني أن محمد حافظ غانم يريدك غدا فى مكتبه..سألته

محمد حافظ غانم مين ؟؟

فأجابني وهو يتنهد 

وزير التربية و التعليم يا أستاذ إبراهيم 

 كنت بالنسبة لهم مخلوقا من كوكب آخر.. 

قلت له بكره بمجرد ما هاقبض المرتب ها سافر أشوفه عايزني ليه ،،

 قال لي 

 هو اعطى أمر ما تقبضشى غير لما تقابله..

بعدين دا مرتبك الشهر ده مش ها تقبض منه غير أيام الجمع

 

و انصرف الجميع

في الفجر ركبت الدرجة الثالثة متوجها إلى القاهره..

وصلت الوزارة فى شارع القصر العيني..

أخبرت الإستعلامات أنني حضرت لمقابلة الوزير..

رفضوا..

أخبرتهم أنه هو الذي طلب مقابلتي ..

عندما علموا أنني ابراهيم رضوان نظروا لي طويلا ثم أرسلوا معي من يوصلني إلى مكتب شعلان نائب الوزير الذي استقبلني بتجهم و أخذ يحدثني عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها المعلم الذي كاد أن يكون رسولا..

كنت مشغولا عنه بلوحة معلقة في مكتبه لراعي غنم..الأغنام كثيره..أمامه نار كأنها حقيقيه..

قمت من مقعدي أثناء حديثه لي لأتحسس النار في اللوحه..

من يراني في هذه اللحظه يظن أن النار قد لسعتني 

شعلان ما زال ينظر لي باستغراب شديد و كأنني من كوكب آخر..

جاء من يبلغه أن محمد حافظ غانم وزير التربيه و التعليم في انتطارنا..

مشى أمامي دخلنا مكتب الوزير..

أجلسني أمامه ..نظر لي طويلا..

أخبرني أنه كان يتخيلني غير ذلك..و..

تصدق يا إبراهيم رغم خطورتك ما كنتش أعرف اسمك غير امبارح… 

خطورتي على إيه ؟

على أمن مصر… 

كدت أن أضحك و قررت بيني وبين نفسي أن أعامله معاملة أطفال 

قاومت نفسي حتى لا أذهب لنفس اللوحة التي كانت فى مكتب شعلان بنفس النار التي بها…. 

قطع الرجل الصمت ليقول لي

أنا سعيد جدا إني أنقذت ابن من أبنائي.. 

لم أفهم ..أكمل الرجل

أنا و شعراوي بيه جمعه قعدنا نتكلم عنك امبارح ييجى 3 ساعات..

جنابه كان عايز يسجنك و أنا اقنعته نديك فرصه تانيه…. 

قاومت مرة أخرى الذهاب إلى اللوحة التي شغلتني عنهم… 

مش فاهم…. 

إكتشف في لهجتي أنني أعامله رغم سنى معاملة أطفال و اكتشف نائبه كذلك أيضا و على هذا الأساس صرخ في وجهي 

اتكلم مع الوزير كويس يا استاذ…. 

قررت في نفس اللحظه أن أعامله بنفس الطريقة… 

أكمل الوزير حديثه الممل

الخدمه اللي أناعملتها ليك..إني اكتفيت بدل ما الباشا يسجنك..اكتفيت بنقلك لسوهاج… 

في هذه اللحظة تذكرت أنني مسئول عن 9إخوة .. وعن أم .. و أب في المعاش و و و

إنفجرت فيه بألفاظ لا أستطيع ذكرها من منطلق… ها يعملوا فيك إيه يا قرد…

 وضربوا الأعور على عينه قال خسرانه…. 

اكتشفت أن شعلان نائب الوزير يكرهني جدا..قال للوزير..

دا إنسان متمرد..

سابني باتكلم عن حضرتك وقام يتفرج على لوحة في مكتبى… 

لم يعلق الوزير لأنه كان مذهولا من كل حرف سمعه مني

زاد هياجي أكثر عندما قال:

إبعتوا هاتوا العساكر يسجنوه…. 

خرجت الألفاظ من فمي أكثر عنفا و عمقا وغادرت الحجرة الكبيرة جدا و أنا أهرول… 

عندما وصلت إلى النافوره القريبة من الأمن إكتشفت أن هناك من يهرول ورائي..

وضع المهرول يده على كتفي و احتضنني و هو يبكى..

ظننت أنه أبي ..

نظرت في وجهه لأكتشف أنه سعفان نائب الوزير الذي كان منذ دقائق لا يطيقني

أخذني من يدي وهو يقول لي

شوف يا إبراهيم يا ابني..

كل اللي كتبته فى ديوانك صح..

و كل اللي بتقوله في ندواتك أنا مقتنع بيه..

إبنى اللي عايش عيشة ملوك مش عاجبه الوضع..

الولد اتكلم واعتقلوه و قدرت أخليهم يفرجوا عنه و سفرته بره..

علشان خاطري سافر سوهاج لأنهم فعلا ها يعتقلوك أو يقتلوك..

اتجهت معه لمكتب محمد حافظ غانم الذي فرح بعودتي و ادعى أنه يتكلم مع شعراوى قائلا.. 

خلاص يا افندم..مفيش داعي للعساكر..

هو رجع تاني وجاي يعتذر… 

حاضر يا افندم… 

ها أقبل اعتذاره

بعدين هاحكي لجنابك…. 

ثم أكمل حديثه معي.. 

هاعطيك جواب مقفول لوكيل الوزارة في سوهاج..

إوعى تفتحه….وتسلم نفسك ليهم بكره… 

أنا لسه ها سافر المنصوره أحضر حاجتي… 

يبقى بعد بكره.. 

الشاعر الكبير إبراهيم رضوان يقول :

 وعلى سلالم الوزارة كنت أقوم بفتح الخطاب السري الذي أعطاه لي لتسليمه لوكيل وزارة التربيه و التعليم بسوهاج

نظرت خلفي حيث كان يقف في شباك حجرته هربا من زيادة السرعة في تكييف حجرته بينما كنت أمسح عرقي في الخطاب الذي معي

و للحديث بقيه

الشاعر الكبير إبراهيم رضوان
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.