الشريف احمد شقير يكتب /مسلسل الكبريت الأحمر يساهم في نشر خزعبلات السحر

( …………………………………….)
بقلم الباحث التاريخى الشريف / أحمد ُحزين العباضلى الشقيرى البصيلى
…………………………………………………………………………………….

أحبابى الأعزاء لقد أصبحت ظاهرة الشعوذة تفرض نفسها بقوة في المجتمع العربي تلجأ إليها المرأة والرجل على السواء عندما تضيق بهم الدنيا وتعجز عن إيجاد الحلول للخلاص من مشكلة معقدة أو من انحسار الميل العاطفي عند أحدهما ويلجأ إليها الرجل لفك طلاسم السحر أو لإبعاد شبح العجز الجنسي أو للدفاع عن حق ضاع منه أو لتحقيق انتصار على واقع يرى أنّه غير ممكن مثلما نرى من تصريحات مضحكة كوميدية عن السحر والسبب فى هزيمة فريقه على لسان رئيس احد اندية الرياضة بمصر
ورغم التقدم الملحوظ الذي حققه الكائن البشري إلا أن معاقل التخلف عند البعض مازالت قائمة فبعد أن استطاع الإنسان فك طلاسم الذزة واستطاع أن يغزو الفضاء تراه يرتعد أمام ورقة تسمى التعويذة أو الحجاب أو الكبريت الاحمر وقد كتبت عليها حروف وأرقام ورموز غير مفهومة مع وجود بعض الشعر والأظافر والدبابيس يضعها دجال أصبح الإنسان باختصار عرضة للانهيار أمام أكذوبة اسمها العمل..
و مسلسل الكبريت الأحمر للأسف يساهم فى نشر خزعبلات السحر وهو مسلسل من بطولة أحمد السعدني داليا مصطفى وريهام حجاج والفنان القدير عبد العزيز مخيون و سحر رامي ومن تأليف د.عصام الشماع وإخراج سيف يوسف.
لعبت تفاصيل القصة التي كتبها د.عصام الشماع دورا هاما في ترسيخ أحداث مسلسل الكبريت الأحمر لدى الجمهور الذي يفضل هذا النوع من الغموض في الأعمال الفنية المقدمة له ليصبح طوال الوقت منتبها لما ستؤول إليه الأحداث
نعود مرة أخرى إلى مسلسل الكبريت الأحمر فبالرغم من عرض المسلسل خارج السباق الرمضاني هذا العام إلا أنه حظى باهتمام قطاع كبير من الجمهور
ويستعرض المسلسل الاختلاف بين المجتمعين الشعبي والمتمدن في الاعتقاد بسيطرة العالم الآخر على حياة الأشخاص عن طريق السحر الذي تم ذكره في القرآن الكريم وأصيب به النبى محمد صلى الله عليه وسلم كما يدعون .
وللأسف ما زال شريحة كبيرة من الناس لا تؤمن بوجوده وتعتبره نوعا من الذنوب التي يقترفها البعض الآخر بسبب اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين كما يطلق عليهم
ويقال أن الكبريت الأحمر هو اسم من أسماء علم البرهتية وهو علم روحاني جبار قوي علمه الله لسيدنا داود وورثه عنه ابنه سليمان عليهما السلام وله عدة أسماء
كـ الكبريت الأحمر و السر المصون و الكنز المخزون وقال أرسطو و ابن البيطار إن الكبريت الأحمر يضيء ليلا ويرى ضوئه على بعد فراسخ عدة ما بقى في موضعه ويذهب آخرون للقول بأن الكبريت الأحمر هو معدن يوجد في وادي النمل الذي سار فيه سليمان ورأى أبو بكر الرازي أن الكبريت الأحمر لا يوجد على شكل معدن وأورد الجاحظ في كتابه رسالة في الجِد والهزل ندرة هذا النوع من الكبريت.
لعل كثير منا يسأل سؤال ماهو الرد على مثل هذه الأعمال التى تتناول العالم الخفى الذى يرانا هو وقبيلة من حيث لا نراهم
أولا يجب الرد على افتراء يتناقله الكثير فى خرافة ان النبى محمد صلى الله عليه وسلم قد اصابه السحر وهو أمر غير حقيقى وإذا سلمنا أن السحر أثر في الرسول ستة أشهر أو أقل كما قالت الأسطورة الخرافية فهذا يعني أن وصف الرسول بالمسحور خلالها وبعدها ليس ظلم أي لو أن أحدا قال للمسلمين أيام تأثره بالسحر: إنكم تتبعون مسحورا أو قاله بعد ذلك باعتبار ما كان لم يكن ظالما ولا كافر وذلك عين مناقضة كلام رب العالمين.
أيها الأحباب فى أعتقادى ان كل ما وصل الى علم الانسان فى السحر هو علم ضئيل فأنه اما ان الله قد أوحى بهذه المعرفة أو جزء منها الى رسله ووصلت هذه المعرفة عن طريقهم الى تلاميذهم واحفادهم أو ان الله يلهمها الى الخواص من الحكماء والأولياء
نصل بهذا الرأى الى ان الجانب الاكبر من هذه المعرفة الروحانية قد وصل الى الناس بداية من ادم عليه السلام ومرورا بهاروت وماروت وقد وردت اشارة عنهما بالقران الكريم بسورة البقرة على أهمية الملاكين كمصدر للمعرفة السحرية
كذلك جاء ذكر الملك سليمان عليه السلام كمسيطر على الجن بأذن الله فهل ياترى هل ترك سيدنا سليمان تراثا مكتوبا عن علم تسخير الجان ولا ننسى عند ذكر سيدنا سليمان ان نشير الى وزيره اصف برخيا الذى احضر عرش الملكة بلقيس .
عندما ننظر فى كتب السحر ومنها كتاب البونى نرى اهمية الجوانب الطقوسية فى مدارس السحر فمنها :
مكان الخلوة: فيها يجلس الساحر ليستخدم الاسماء سحريا ويجب ان يقضى مدة معينة
البخور : واختيار الوقت المناسب والاسم المناسب للعمل
استدعاء الملاك الموكل بالاسم :
التأثير بواسطة وسائل غير اسم الشخص المراد التأثير عليه : اثر الشخص كملابسه وشعره واظافره او صورته او رسم له والكتابة عن بعض اجزاء جسمه
وغيرها من الخطوات الاخرى التى سوف اكتب عنها مقالا منفردا فى المستقبل
واخيرا فأن الضعفاء يلجؤون الى السحر أما الى محاولة للأذى او اعتقادا فى الشفاء أو المسائل المتصلة بالحب والزواج أو كما ينتشر بالصعيد من مسائل ربط الزوج أو جعل المرأة عاقرا أو القضاء على ظالم او عدو أو لتأمين خائف وتهدئة غاضب
وللأسف أن كثير من الناس يقعون في براثن المشعوذين بدعوى أن لديهم القدرة على الشفاء من الأمراض والمشاكل التي يعانون منها .
ولا يدركون ان المشعوذ كائن مزيف فقد هويته وأضاع نفسه وهو يحاول أن يجد باباً آخراً ليحصل من خلاله على وهم جني الأموال لكنَّ المفارقة أان المشعوذ يمكنه الاحتيال والنصب على الكثير من المتعلمين والمثقفين من كل الفئات حيث يلجأ إلى الحلول الخرافية والسحرية وإلى الاستعانة بالأوهام.
والمؤسف ان نجد عمل فنى لمسلسل قد وجد طريق الشهرة خلال تلك الافكار الوهمية التى أمرنا الشرع الحنيف بالإبتعاد عنها ونجد رسولنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم قد اخبرنا عنها بل لأمر خطورتها قد جاءت فى الحديث الشريف سبع من الموبقات ( اى مهلكات تهلك صاحبها ) نجد ان أول المهلكات الشرك بالله ثم السحر قد جاء فى الترتيب قبل القتل لشدة خطورته
ان تلك الممارسات تنتشر للأسف بسرعة البرق ويساهم الاعلام وفنانين مشاهير فى نشر الجهل والعبث بين الناس ولدى الكثير من النساء والرجال والشباب خاصة أولئك الذين يسعون إلى مضاعفة أموالهم أو يرغبون بالزواج من فتيات أحلامهم اللاتي رفضتهم أسرهن وقد يسعى بعضهم مدفوعاً بروح الانتقام نحو تدمير حياة شخص ما
وهكذا يتلاعب المشعوذون بآمال الناس في الخلاص من مشاكلهم وهذا بقدر ما يدخل الاطمئنان الوهمي إلى نفس الإنسان ويدعي القدرة على تغيير أحواله فهو ينقلب وبالاً عليه في المحصلة النهائية.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.