الطاعون .. قراءة فى فكرالإرهاب المتأسلم لطارق حجي

صدر حديثًا عن سلسلة “كتاب اليوم ” كتاب جديد بعنوان” الطاعون ..قراءة فى فكرالإرهاب المتأسلم” للكاتب والمفكر د.طارق حجى ترجمته من الإنجليزية د. سحر شوشان .
وفيه يقدم حجي دراسة وافية عن جماعات الإسلام السياسي التى تقف وراء أحداث العنف والإرهاب فى جميع أنحاء العالم بداية من ظهور الحركة الوهابية فى شبة الجزيرة العربية .
مروراً بجماعة الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وغيرها من حركات الجهاد والجماعات التكفيرية التي أستخدمت الدين كوسيلة للسيطرة وخداع الناس للوصول إلى السلطة والمال والتضليل الدينى و”الحكم بأسم الدين” لتبرير أعمالهم .
يتناول الكتاب تاريخ الحركة الوهابية منذ نشأتها وهى حركة إحياء المتزمتين التى أطلقها محمد بن عبد الوهاب من نجد والتى تمركزت ووصلت إلى وسط المملكة العربية السعودية ,والتى تأثرت بمذاهب ومدارس فكرية مختلفة كان للإسلام نصيبه من المتشددين والمتعصبين على مرالعصور حتى وقتنا الحاضر ,وتفاصيل الصراع بينها وبين آل سعود فى شبه الجزيرة العربية .
و ظهور جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست عام 1928 وإعتناقها لأفكارالبنا وسيد قطب, ومراحل تطويرها بالإضافة إلى بنيتها الهيكلية وأيدولوجيتها لإستعادة “الخلافة الأسلامية “,وظهورالتعصب الدينى .
ويقول حجي منذ القرن الأول للتقويم الإسلامى عرف الإسلام الطوائف المتطرفة التى طالبت بالإلتزام الأعمى بقراءتها الجامدة لنصوص العقيدة جنب إلى جنب مع الإتجاه السائد للإسلام المعتدل , الذى يتجنب أتباعه اتباع العنف والتطرف ولا يعتنقون عقد احتكار الحقيقة .
بدأت هذه الظاهرة بظهور الخوارج ” الأكراد” فى 660 م – وهو منتصف القرن الاول من الإسلام وقد عظموا التفسير الحرفى والصارم للكتاب المقدس ومارسوا نسخه من الخطاب تكفر من لا يتبعهم أو يتبنى أفكارهم , كانت هذه أول طائفة و كان من اوئل هؤلاء القادة حمدان بن قرمط , مؤسس طائفة إسلامية متطرفة أنشئت فى شرق الجزيرة العربية قرب نهاية القرن التاسع الميلادى الذى أخفى الحجر الأسود فى الكعبة أقدس مزار للإسلام.
والأخيرهو أسامة بن لادن الذى أختبأ فى كهوف وزيرستان إلى عام 2011 وبين هذا وذاك سيد قطب , الذى جاء مع نظريته التى ستظل جدارا يفصل المسلمين عن بقية البشرية دون أى أمل فى التقدم حتى يتم هدمه .
يحتوى الكتاب على العديد من الفصول الهامة منها , الإسلام هو من يشكل العقل , الظاهرة ظهور التعصب الإسلامى , عرقلة التقدم والحداثة , وهم الأحزاب الدينية , الهوية المصرية أمام الهوية الإسلامية , الإستيلاء على السلطة , وأسئلة مشروعة.كما يقدم المؤلف روشتة لعلاج العديد من المشاكل التى تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية .
ويقول علاء عبد الهادى رئيس تحرير “كتاب اليوم ” فى مقدمة الكتاب بمجرد أن تكتب اسمه فى محرك البحث فى الإنترنت سوف تفاجأ بفيض من المعلومات بعضها عن حياته العملية وأغلبها عن عطائه الفكرى وسوف تكتشف أن حياته العملية ربما كانت بعيدة كل البعد عن الجانب الذى وهب حياته له .. طارق حجى كاتب صاحب مشروع فكرى واضح لا لبس فيه يسعى إلى إيصاله بكافة الوسائل والسبل فهو مفكر ليبرالى تركز كتاباته على نشر قيم الحداثة، الديمقراطية، التسامح وتعزيزحقوق المرأة باعتبارها أفكارًا عالمية والسبيل إلى تقدم المنطقة.
ورغم أنه عمل فى شركة شل للبترول كخبير فى شئون الطاقة فى الشرق الأوسط ثم رئيسا لشركات شل العالمية إلا أن بصمته كانت أكثر تألقًا ووضوحًا فى مشروعه الفكرى ورغم أنه تفرغ بعد ذلك لإدارة شركته الخاصة بالمملكة المتحدة إلا أن أنشطته الثقافية والفكرية المتعددة كانت لها الغلبة و نشر 30كتاباً باللغات : العربية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية كلها تتعلق بقضايا الشرق الأوسط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.
نأتى إلى بيت القصيد ، إلى الكتاب الذى نحن بصدده وقررنا نشره فى سلسلة كتاب اليوم ، ورغم تحفظى الشخصى على بعض مما ذهب إليه الدكتور طارق حجى إلا أنه يحسب له أنه رمى سهمه ليحرك المياه الراكدة فيما يسمى بتطوير الخطاب الدينى .. الذى نتحدث عنه ليل نهار ولا نجد شيئا ملموسا نبدأ به أو ننطلق منه .. الرجل يتبع منهجًا علميًا مختلفًا نسبيًا عن بعض من خاضوا فى هذه المحاولات فهو فى هذا الكتاب يتقصى أصل الداء .. من أين أتى وكيف غزا الجسم واستعمره حتى اعتل ومرض .. نصف العلاج هو فى تحديد الداء وتشخيصه .. وهو فى هذا الكتاب الجرىء ، الصادم فى بعض أجزائه ، يتتبع ما يراه أصل تفشى الطاعون فى عالمنا الإسلامى .. وهو يرى أننا إذا أردنا العلاج فعلينا تتبع أصل السلسلة وقطعها ومواجهتها ، بشىء من الصراحة وإلا سنبقى إلى الأبد نرى الداء ونتغافل عن عمد عن الدواء الناجع الذى يراه لابديل عنه .
أكرر أن ماذهب إليه د. طارق حجى يحتمل الأخذ والرد ، ولكن يحسب له جرأة الطرح وأنه قال ما يراه حقا وذهب وبقى أن يقول المفكرون رأيهم.
ملحوظة هامة: هذا الكتاب ألفه الدكتور طارق حجى بالإنجليزية قبل سنوات، وتمت ترجمته مؤخراً بأمانة ، لذلك سيكتشف القارىء أن هناك تطورات سياسية وثقافية وإجتماعية طرأت على المنطقة ، وسوف يكتشف القارىء أيضا أن هناك بعض الأشياء تجاوزتها أحداث وتغيرات فى مصر وبعض دول المنطقة، وأن ما طالب به ، أو تنبأ به أصبح واقعا .. لذا لزم التنويه .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.