العتمة سور والنهار راجع ومهما طال الليل بيجي نهار
العتمة سور والنهار راجع.. في لحظاتٍ معينة يبدو كل شيء مظلمًا تشعر أن الأبواب أُغلقت، وأن العالم ضاق وأن الخطوات فقدت معناها.
تتساءل: أين ذهب الضوء الذي كان يومًا يملأ قلبي؟
بقلم / نولا رأفت
لكن الحقيقة التي يغفلها كثيرون هي أن النور لا يختفي… بل ينتظر أن نراه من زاوية جديدة.
فالعتمة ليست نهاية، بل بداية وعي جديد؛ امتحانٌ يكشف لنا قوتنا وضعفنا، ويدفعنا لاكتشاف ذواتنا الحقيقية التي لا تُرى في وضح النهار.
في الظلام فقط نتعلم كيف نُضيء أنفسنا، وكيف نحول الانكسار إلى ميلاد جديد.
فالذين مرّوا بالعتمة يعرفون أن الانكسار لا يقتل، بل يصقل.
تتشقق الروح كما تتشقق الأرض قبل المطر، ليخرج منها زرعٌ جديد، أكثر صدقًا ونقاءً.
النور بعد العتمة
النور لا يأتي دائمًا في لحظةٍ درامية، بل يطلّ في التفاصيل الصغيرة:
في نَفَسٍ عميق بعد بكاءٍ طويل، أو كلمة طيبة من صديق، أو صباحٍ مختلف دون سبب.
النور ليس ضوءًا خارجيًا يسطع فجأة، بل طاقة داخلية تتسلل إلى قلبك حين تُقرر أن لا تستسلم.
من يخرج من العتمة لا يعود كما كان، بل يصبح أكثر امتنانًا.
يشكر حتى على الجرح، لأنه علّمه كيف يُقدّر العافية، ويرى الجمال في البساطة، ويميّز بين ما يلمع وما يستحق البقاء.
فالنور لا يُعلّمنا الفرح فقط… بل الحكمة أيضًا.
وتذكرت هنا كلمات تتر مسلسل «الأيام» للشاعر الكبير سيد حجاب، وألحان الموسيقار عمار الشريعي، وغناء الصوت المبدع علي الحجار، حين قال:
“أيام ورا أيام ورا أيام
لا الجرح يهدأ ولا الرجا بينام
ماشي في طريق الشوك لكن قلبي
مطرح ما يمشي يبدر الأحلام
من عتمة الليل والنهار راجع
ومهما طال الليل بيجي نهار…”
كلماتٌ تُجسد حقيقة الحياة: أن العتمة مهما طالت، سيعقبها نهار.
العتمة ليست عدوّك، بل طريقك نحو ذاتك.
فكلما اشتدّ الظلام، اقترب الفجر.
وكل وجعٍ تحمّلته بصبر، يُنبت فيك نورًا لا يُطفئه شيء.
سيأتي يوم تبتسم فيه وتقول بثقة:
“لقد عبرتُ العتمة… وها أنا أرى النور.”



