عبد المنعم رياض: مسرحية العيال فهمت محطه مهمه في مسيرتي المسرحية

عبد المنعم رياض: الالتزام بالنص هو مفتاح نجاح العروض المسرحية

العيال فهمت
العيال فهمت

يواصل الفنان رياض عبد المنعم، سلسلة من النجاحات والإبداع ، على خشبة المسرح، فهو ليس مجرد ممثل، بل هو رمز من رموز المسرح الراقي والهادف.

حوار: ريهام طارق 

أثرى الفنان عبد المنعم رياض الساحة الفنية بتاريخه العريق وأعماله على مستوى الدراما المسرحية والتلفزيونية والسينمائية المتميزة، موهبته التمثيلية الفذة وصدقه في الأداء جعله يترك بصمة لا تمحى في قلوب محبيه.

واليوم يسعدني أن أجري حوار صحفي خاص ومتميز مع الفنان صاحب الحضور، و كاركتر خاص به يميزه عن باقي أبناء جيله ، رياض عبد المنعم، حيث نناقش العرض المسرحي الجديد “العيال فهمت“.

في هذا الحوار، نغوص في تفاصيل العرض المسرحي “العيال فهمت” لنكتشف المزيد عن هذا العمل الفني الرائع، ونستعرض رؤى وأفكار الفنان رياض عبد المنعم، كما نسلط الضوء على شخصيته من زوايا جديدة، لم تعرف عنه من قبل، لنتعرف على الجانب الإنساني والفني لهذا الفنان الكبير.

المخرج شادي سرور
المخرج شادي سرور
الشاعر طارق علي
الشاعر طارق علي

نص “العيال فهمت“، مأخوذ عن قصة الفيلم العالمي “صوت الموسيقى “، يشارك في بطولة العرض كوكبة من نجوم المسرح  أبرزهم: رامي الطمباري، ورنا سماحه، أعد النص وكتب أشعاره المبدع طارق علي وأخرجه الفنان شادي سرور، تلحين الموسيقار: أحمد الناصر.

الملحن أحمد الناصر
الملحن أحمد الناصر

يعد عرض “العيال فهمت” بمثابة تجربة فنية فريدة تجمع بين الإبداع والتجديد.

في البداية نرحب بالفنان عبد المنعم رياض في جريدة أسرار المشاهير ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار:

العيال فهمت
العيال فهمت

 

كيف تم ترشيحك لهذا العرض؟

“العيال فهمت” هي مسرحية ميوزيكال استعراضية كوميدية لايت، مستوحاة من قصة الفيلم العالمي “صوت الموسيقى”. القصة قدمت بأشكال متعددة في السينما العالمية والمسرح العربي، ولكن هذه المرة، تم معالجتها وتقديمها برؤية جديدة ومختلفة تماماً عن أي عمل فني تناول هذه القصة من قبل. و العرض يحمل رؤية ميوزيكال خالصة، ولدينا في مجتمعنا مشكلة في فهم مفهوم “الميوزيكال”،  البعض يعتقد أن الميوزيكال تعني فقط كثرة الأغاني، ولكن الحقيقة هي أن الأغاني في هذا النوع من الأعمال المسرحية تحمل الخطوط الدرامية، بمعنى آخر، إذا حذفت الأغاني، يحدث خلل في البناء الدرامي للعرض، وتم ترشيحي للعرض من قبل مخرج المسرحية، الأستاذ شادي سرور، الذي سعدت جداً بالتعاون معه لأنني منذ زمن بعيد أعلم جيداً أن شادي سرور ليس فقط ممثلاً عظيماً، بل هو أيضاً من المخرجين المسرحيين المتميزين، واعتبر نفسي محظوظ بهذا التعاون الأول بيننا، وآمل أن لا يكون الأخير.

العيال فهمت
العيال فهمت

تجربة مثمرة مع المخرج شادي سرور: أول تعاون ومحطة مهمة في مسيرتي المسرحية:

كيف كانت تجربتك في التعاون مع المخرج شادي سرور؟

هذا أول تعاون فني بيني وبين المخرج شادي سرور، واعتبره تجربة مثمرة جداً، و من أجمل الأحداث التي شهدتها مؤخراً في حياتي، كنت أتمنى دائماً أن تتاح لي الفرصة للعمل معه لأنه ليس فقط مخرجاً بارعاً بأعماله الناجحة، بل أيضاً شخص رائع على المستوى الإنساني، يتميز بـ تفهمه الكبير لحساسية الممثل واهتمامه بتقديم عرض مختلف ومميز، ويحرص دائماً على تقديم كوميديا الموقف التي تنبع من الشخصية وتكون مرتبطة بدقة بالأحداث الدرامية، أعتبر مسرحية “العيال فهمت” محطه مهمه في مسيرتي المسرحية.

اقرأ أيضاً:هدى الادريسي: افتقدت عادل امام في رمضان 2024 وسعدت بوجود يحيي الفخراني

العيال فهمت
العيال فهمت

كيف تم أعاده معالجة قصة “صوت الموسيقى”، لـ تمثل الثقافة المصرية؟

بالطبع، هناك فروقات ملحوظة بين القصة الأصلية والعرض المسرحي الذي قدمناه، بينما تحتفظ القصة الأصلية بفكرة أساسية حول الأب الديكتاتوري الذي يفرض حياة قاسية على أولاده، وتأتي المربية كـ منقذة للأطفال، وتكمن الاختلافات، أيضا في تفاصيل المشاهد واللغة المستخدمة، حيث حرصنا على توجيه القصة بطريقة تعكس واقعنا الاجتماعي والثقافي المصري، مما يؤدي إلى اختلاف كبير في سرد الأحداث ونهاية القصة، القصة الأصلية تعبر عن صراعات معينة ضمن إطارها الثقافي الغربي، بينما نحن في “العيال فهمت” أعدنا صياغة القصة تناسب النسيج الاجتماعي المصري وتعبر عن قيمنا وعاداتنا.

ما هي التحديات التي واجهتك في تجسيد هذا الدور؟ وما هو وجه الاختلاف بينها وبين الشخصية الأصيلة للقصة؟

تجسيد هذا الدور كان مليئا بالتحديات، خاصة أن العمل تم تقديمه من قبل بأكثر من شكل، والتحدي الأكبر كان في كيفية تقديم الشخصية بشكل مغاير ومختلف عن ما قدم من قبل، و هذا كان شيئًا صعبا للغاية، ولكن في نفس الوقت، كنت مطمئنا لأن النص المكتوب كان مميزا والمخرج شادي سرور ساعدني كثيرًا في تشكيل وجهة نظر جيدة وشاملة عن الشخصية، ودوري في عرض “العيال فهمت” قدم بشكل أكثر أهمية و تأثيرا في سير الأحداث الدرامية للعرض مقارنة بما قدم في الفيلم الأصلي، وهذا الاختلاف أضاف عمقا جديدا للشخصية وجعلها أكثر تفاعلا مع باقي الشخصيات والأحداث.

اقرأ أيضاً: حسن العدل: الفن قدري وردود أفعال جمهوري تؤكد نجاحي

العيال فهمت
العيال فهمت

أحمد الناصر أضاف لمسة سحرية عبر ألحانه جمعت بين البهجة والعاطفة:

كيف أثرت الموسيقى والأغاني في العرض على أداء الممثلين؟

الموسيقى والأغاني لعبت دوراً محورياً في تحسين أداء الممثلين، حيث كانت جزءا لا يتجزأ من بنية العرض الميوزيكال، حيث كل أغنية كانت تعكس جزءا أساسياً من سياق الدراما، سواء كانت تعليقاً على حدث معين، أو تعبيراً عن موقف محدد، أو تجسيداً لحالة نفسية لأحد الأبطال، الأغاني لم تكن مجرد إضافة، بل كانت ضرورية لسلامة العرض والحفاظ على هويته، بمعنى أنه لو تم إزالة أي من هذه الأغاني، لكان العرض فقد جزءاً كبيراً من قيمته، و كان للشاعر المبدع طارق علي دور كبير في ذلك، حيث كتب كلمات تعكس عمق الدراما، بينما أضاف الملحن الموهوب أحمد الناصر لمسة سحرية من خلال ألحانه آلتي جمعت بين البهجة والعاطفة.

هذا التوافق بين الكلمات والألحان كان مفتاح نجاح واتزان أداء الممثلين في العرض.

هذا المشهد الأقرب إلى قلبي.. لا أنساه :

هل هناك مشهد معين في المسرحية تعتبره الأقرب إلى قلبك وأثر فيك بشكل شخصي؟ ولماذا؟

هناك مشهد مواجهة بين الأب وابنته بعد طرد الأب للمربية، الذي أثر في بشكل كبير، في هذا المشهد، كانت الكلمات والمشاعر حقيقية جداً، حيث توضح الابنة كيف كان حالها هي و اخوتها قبل دخول المربية إلى المنزل، والتغيير الجذري و الإيجابي الذي أحدثته في حياتهم، الابنة تقول له: “أنت قفلت الباب و قفلت الشباك وأخذت أنفاسنا، و كأنك تقصد أن تقتلنا”، وهذا يعكس حاجة الإنسان دائماً لشخص يفهمه، يحتويه، و يشعر بـ آلامه، خاصة في مرحلة الطفولة والشباب، التي تؤثر بشكل كبير على تشكيل شخصية الإنسان فيما بعد.

الفنان عبد المنعم رياض
الفنان عبد المنعم رياض

الفجوة بين الأجيال: عبد المنعم رياض يناقش التحديات والحلول في مسرحية ‘العيال فهمت”:

ما هو الدرس الذي استفدته بشكل شخصي من خلال مسرحية “العيال فهمت”؟

الدرس الأهم الذي تعلمته من هذا العرض هو أن كل جيل يأتي تكون هناك فجوة بينه وبين الجيل الذي قبله، خاصة بين الآباء والأبناء، و هذا يعود لتغير الظروف والبيئة و المستحدثات التي تجلبها كل حقبة زمنية، لذا، من الضروري أن يكون الآباء والأمهات دائمًا على وعي وإدراك بكيفية التعامل بشكل صحيح مع أبنائهم، خصوصًا في ظل الحياة المنفتحة التي يعيشونها بفضل السوشيال ميديا وعالم الإنترنت الذي أصبح بمثابة نافذة للطفل على العالم بأسره من داخل غرفته الصغيرة، بدون حدود ولا قيود.

وكيف يمكن للآباء التعامل مع هذه الفجوة بين الأجيال؟

الطريقة المثلى للتعامل مع الأبناء هي منحهم الحرية لخوض تجارب الحياة، وعدم حصرهم داخل شرنقة ضيقة، مع توفير المراقبة الكافية والدعم والرعاية من الآباء، مما يساعد على بناء شخصية سليمة وواثقة من ذاتها، قادرة على مواجهة المجتمع بقوة، يجب أن نكون علي معرفه شامله بالتغيرات التي تحدث في حياتهم و نساعدهم على التكيف معها بشكل صحيح.

العيال فهمت
العيال فهمت

هل هناك نصيحة تقدمها للآباء في ظل التغيرات التكنولوجية السريعة؟

بالطبع، النصيحة الأساسية هي أن يكون الآباء دائمًا على تواصل مع أبنائهم، وأن يفهموا أن العالم الرقمي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم، يجب علينا كـ آباء أن نكون حاضرين في حياتهم الرقمية بنفس القدر الذي نحن فيه في حياتهم الواقعية، وأن نقدم لهم الحب والدعم اللازمين لتطوير شخصياتهم بشكل صحي ومتوازن.

ما الرسالة التي تريد إيصالها للجمهور من خلال شخصيتك في العرض؟

الرسالة التي أود إيصالها للجمهور من خلال شخصية زكريا، التي نراها كثيراً في مجتمعنا وفي أسرنا وبين أصدقائنا، هي تصوير الإنسان الطيب وذكي جدا، وانسان على فطرته، ولكنه أحياناً بسبب عقليته الفطرية يظهر منه مفارقات كوميدية داعمة للدراما، في الوقت نفسه، طيبة زكريا وحنانه جعلته يتحول من رجل يخدم في المنزل إلى شخص مسؤول عن الأولاد، و يتقمص زكريا دور الأم ، وعندما تحدث مواجهة بينه وبين الأب كابتن عاصم، الذي كان يحرص دائمًا على إرضاء زكريا، نجد أن هذه المواجهة كانت من أكثر المشاهد تأثيراً في العرض، زكريا واجه الأب بكل أخطائه تجاه أولاده وكيف كان مقصرًا معهم، مما جعلهم يعيشون في سجن مقفول عليهم، وأكد زكريا أثناء المواجهة أن من حق الأولاد أن يعيشوا بحرية و يخرجوا إلى الحياة لاكتساب الخبرة الحياتية، وهو أمر مستحيل وهم محاصرون في قيد وسجن حتى لو كان تحت مراقبة الأب، و يجب على الأب أن يمنحهم حريتهم وحقهم في اختيار الحياة التي توفر لهم السعاده والرضا والسلام النفسي.

و أدائي التمثيلي في هذه المشاهد أبكى الجمهور و أضحكهم في نفس الوقت، وقد سمعت العديد من ردود الفعل الإيجابية من الجمهور حول هذا الأداء وتأثيره عليهم.

اقرأ أيضاً: سامي مغاوري يخوض السباق الرمضاني بهذا العمل

كيف كانت استجابة الجمهور حتى الآن على عرض “العيال فهمت”؟ وما هي أكثر ردود الفعل التي لفتت انتباهك؟

استجابة الجمهور كانت مذهلة فوق كل التوقعات، سواء من خلال تفاعلهم المباشر في المسرح أو من خلال آراء النقاد والصحفيين على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت ردود الأفعال إيجابية للغاية، و ما لفت انتباهي بشكل خاص هو تعبير العائلات عن شكرها بعد العرض، حيث يثني الكثيرون على جودة العرض الكوميدي ورقية، ما يجعلني أكثر سعادة هو سماع بعض المتفرجين يقولون إنهم سيعودون مرة أخرى لمشاهدة العرض برفقة عائلاتهم وأبنائهم، وهذا التفاعل يدل على أن العرض قد وصل إلى قلوب الجمهور وأثر فيه بشكل عميق.

العيال فهمت
العيال فهمت

لا أنتمي إلى مدرسة الارتجال.. أؤمن أن الانضباط هو سر النجاح:

هل يمكنك الارتجال على المسرح والخروج عن النص إذا وجدت تفاعلًا كبيرًا من الجمهور، أم أنك تلتزم بالنص المسرحي؟

في العروض المسرحية، أعتبر نفسي من مدرسة المسرح المنضبط، و إذا شعرت أن هناك تفاصيل يمكن إضافتها لتحسين المشهد أو لتوضيح نقطة معينة بشكل أفضل، فأنا أولاً أعود إلى المخرج لمناقشة الأمر، وفي النهاية استجيب لقرار المخرج ورؤية الكاتب.

وفي بعض الحالات النادرة، قد يحدث ذلك، لكنني لا أستطيع القيام بذلك أمام أي ممثل، يجب أن يكون الممثل على درجة عالية من الاحترافية و يمتلك براعة الرد السريع، مثل الفنان رامي الطمباري. رامي يمتلك موهبة عظيمة وثقل فني كبير.

بشكل عام، أنا لا أنتمي إلى مدرسة الارتجال، أؤمن بأن العرض المنضبط و المتقن هو مفتاح النجاح.

العرض الذي يمتلك إمكانيات فنية عالية ولكنه غير منضبط لا ينجح أبداً، وإذا نجح، فإن ذلك يكون صدفة ولن تتكرر.

عبد المنعم رياض: أدعم إعادة معالجة الأعمال القديمة بشرط أن تكون مناسبة للعصر الذي نعيش فيه:

هل تدعم فكرة إعادة معالجة الأعمال القديمة وتقديمها من جديد؟ وهل تعتقد أنها ستكون تجربة ناجحة أم قد تواجه ظلمًا عند مقارنتها بالأعمال الأصلية؟

نعم، أدعم إعادة معالجة وتقديم الأعمال القديمة بشرط أن تكون مناسبة للعصر الذي نعيش فيه، هناك العديد من الأعمال العظيمة والجميلة، ولكن إذا أعدنا تقديمها دون أي تطوير أو تحديث، فقد لا تضيف أي فائدة للجمهور في وقتنا الحالي، إن الهدف من الفن هو إفادة الجمهور و إسعادهم، وإذا كان هناك نص قديم يناسب الفترة الحالية و يُقدم بشكل جديد بفضل رؤية الكاتب المبتكرة و المدروسة والتي تلامس القضايا المعاصرة، فإنه سينجح دون أن يخضع لـ مقارنة ظالمة مع النص الأصلي.

اقرأ أيضاً: بسمة داوود تلفت الأنظار وتخطف قلوب المشاهدين في “الوصفه السحريه”

هل سيتم تصوير العرض المسرحي “العيال فهمت” لعرضه على شاشة التلفزيون؟

نعم، جميع عروض البيت الفني للمسرح يتم تصويرها و أرشفتها وتوثيقها للحفاظ عليها للتاريخ، وبإذن الله، سيتم قريباً تصوير العرض .

العيال فهمت
العيال فهمت

هل هناك تخطيط لجولات عروض خارج مصر؟

في الوقت الحالي، لا يوجد تخطيط لذلك، نحن حريصون على أن يأخذ العرض وقته الكافي في مصر، وفي النهاية، القائمون على إدارة العرض هم من يملكون هذا القرار.

ما الذي يميز هذه المسرحية بالنسبة لك مقارنة بـ أعمالك المسرحية السابقة؟

العرض هنا مستغرق جدًا في صراع الأجيال والخلافات التي تنشأ بين الآباء والأمهات، وهي منطقة لم أتطرق إليها من قبل،وكان آخر عرض لي مسرحية “كيوبيد“، التي تناولت فكرة الحب و وجهات نظر المحبين في الحب، وهل الحب هو الذي يبني بيتا ناجحا أم لا، أما في عرض “العيال فهمت”، فهو عرض اجتماعي موسيقي استعراضي بتركيبة دور جديدة أقدمها لأول مرة، الذي أعتبره من أكثر الأعمال المميزة التي قدمتها في الآونة الأخيرة.

العيال فهمت
العيال فهمت

الكوميديا الوسيلة الأصعب و الأكثر تأثيرًا في مخاطبة الجمهور:

هل ترى أن الكوميديا وسيلة فعالة لنقل رسالة إلى الجمهور؟

بالتأكيد، الكوميديا تعتبر وسيلة هامة وفعالة في إيصال الرسائل الهادفة إلى الجمهور ومناقشة أهم القضايا التي تواجه المجتمع، و كل من شقيّ الدراما، سواء كانت التراجيديا أو الكوميديا، لهما تأثير مختلف، التراجيديا تخاطب العقل والقلب والوجدان، مما يجعل الأحاسيس يقظة والمشاعر حاضرة، أما الكوميديا، فـ عظمتها تكمن في مخاطبتها للعقل فقط، وعندما تقدم عرضاً كوميدياً منضبطاً يحمل رسالة مكتملة وتناقش من خلاله قضية معينة، فأنت تخاطب عقل المتفرج بذكاء، وإذا استطعت أيضاً أن تثير مشاعره في بعض اللحظات، فهذا يعتبر التأثير الأمثل لذلك.

تبقى الكوميديا الوسيلة الأصعب و الأكثر تأثيراً لأنها تعتمد على مخاطبة العقل بشكل رئيسي.

قدمت العديد من الأدوار البارزة في الدراما التلفزيونية.. ما هو الدور الذي تعتقد أنه كان الأكثر تأثيرًا في مسيرتك الفنية؟

بالفعل، لقد كان لي شرف تقديم العديد من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية، لكن الدور الذي أعتبره الأكثر تأثيرًا في مسيرتي الفنية هو تجسيد شخصية أينشتاين في خمس حلقات من برنامج “الدحيح” الذي يقدمه أحمد الغندور، المعروف بـ”الدحيح”، البرنامج يقدم محتوى ثقافي وعلمي في إطار كوميدي ممتع وهادف، كنت سعيدًا جدًا بتجسيد هذه الشخصية، وكان رد فعل الجمهور أكبر وأقوى مما توقعت أعتقد أن هذا يعود إلى نوعية المحتوى الذي يقدمه البرنامج وأهمية الفكرة التي يناقشها، بالإضافة إلى الجمهور المستهدف الذي يقدر هذا النوع من الأعمال.

عبد المنعم رياض: المعيار الأساسي في اختيار أعمالي هو مدى تأثير الشخصية وترك انطباع قوي لدى الجمهور:

ما هي المعايير التي تختار على أساسها أدوارك في الدراما التلفزيونية؟

اختياري أعمالي في الدراما التلفزيونية، وكذلك في السينما أو على خشبة المسرح، لا يعتمد على مساحة الدور بقدر ما يركز على أهميته وتأثيره في العمل، و حرصي الدائم على تقديم شخصية تترك بصمة واضحة في سير الأحداث وتظل في ذاكرة المشاهدين، بالنسبة لي، دور قصير ومؤثر أفضل بكثير من دور طويل وغير ملحوظ، لذا، يمكنني القول أن المعيار الأساسي في اختيار أدواري هو مدى تأثير الشخصية وترك انطباع قوي لدى الجمهور.

اقرأ أيضاً: طارق علي: في “العيال فهمت” حرصت على تجنب المقارنة مع سمير غانم

عبد المنعم رياض: المسرح هو من يجعلني أشعر أنني مازلت على قيد الحياة:

ما الذي يمثله المسرح بالنسبة لك؟

المسرح بالنسبة لي أشبه بالصالة الرياضية، فهو المكان الذي أستمد منه لياقتي و طاقتي وثقتي بنفسي ، و استمد منه أيضاً مشاعر حاضرة و يجعلني أشعر بأنني على قيد الحياة وفني موجود المسرح هو الوحيد الذي يجعلني أشعر بكل هذا.

كيف ترى الفرق بين التمثيل على المسرح والتمثيل أمام الكاميرا؟

التمثيل على المسرح يتطلب توضيحا و مبالغة في التعبير ليصل الأداء إلى جميع الحضور، أما التمثيل أمام الكاميرا و يتطلب أداء أبسط وأكثر واقعية في ردود الفعل، أما الكاميرا تركز على تكثيف اللحظة وإبراز التفاصيل الصغيرة، بينما في المسرح تأخذ اللحظة حقها بالكامل وتكون واضحة رؤى العين.

الفارق التقني بسيط، ولكن في النهاية التمثيل هو التمثيل، سواء كان على خشبة المسرح أو أمام عدسة الكاميرا.

اقرأ أيضاً: أسامه عباس: عشت حياتي عاشقًا للفن ومكافأتي تكريمي من مهرجان المسرح المصري

العيال فهمت
العيال فهمت

كيف تؤثر تجربة المسرح على أدائك في الأعمال التلفزيونية أو السينمائية؟

بالتأكيد تؤثر تاثير إيجابي لأن المسرح يثقل الفنان بالعديد من الخبرات والثقافة ويجعله واثقا من نفسه ويغذي أدواته الفنيه من تجسيد حركي وصوتي ويجعل الفنان طوال الوقت لديه حاله من اللياقه الذهنية و العقليه والنفسيه و الجسمانيه.

كيف ترى حالة المسرح المصري اليوم؟ وما هي أبرز الإيجابيات والسلبيات التي تراها فيه؟

حال المسرح المصري اليوم جيد جدآ واري أن الجمهور عاد من جديد الي زياره المسرح المصري وبشده وأصبح هناك تواصل مباشر بينهم وبين الفنانين وهذا ليس جديد بالشعب المصري فهو كان ومازال عاشقا و متذوقا للفن الجميل ولديه قدر كبير من الوعي والثقافة و ينجذب لكل ما هو راقي وهادف ويفرق جيدا بين الاعمال الهادفة والأعمال دون المستوي واشهد اننا نعيش فتره مهمه في المسرح في مصر ولكننا نفقتر الي الدعايا الجيده في البيت الفني وهذا يضر بالعروض لأن هناك الكثير من العروض الناجحه التي ظهرت ولم يسمع عنها احد وانتهي عرضها دون أن تصل الي شريحه كبيره من الجمهور وبالطبع هذا نتيجه سوء الدعايه، لذلك أنا اري أن الدعايه مهدور حقها في مصر.

بالرغم من التحديات، تظل مصر في الصدارة دائمًا في مجال الفن المسرحي على مستوى الوطن العربي:

هل تلاحظ توجها متزايدا نحو الاهتمام بالمسرح في الفترة الأخيرة؟ وكيف يمكن دعم هذا التوجه؟

بالطبع، يمكنني أن أقول إن هناك اهتمامًا ملحوظا بالمسرح في الآونة الأخيرة، فقد شهدنا مؤخرًا مجموعة من الأعمال المسرحية الرائعة التي عرضت على مسارح مصر المختلفة، ما يعكس هذا الاهتمام المخرج الكبير خالد جلال، على سبيل المثال، دائمًا ما يدعو لإنتاج عروض مسرحية ناجحة وهادفة تتميز بـ جاذبيتها للجمهور، مما يعزز رغبة الناس في العودة إلى المسرح مرة أخرى، بجانب الدعم الكبير الذي تتلقاه المسارح في الوقت الحالي وهو أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الانتعاش في الأعمال المسرحية.

بالرغم من التحديات، تظل مصر في الصدارة دائمًا في مجال الفن المسرحي على مستوى الوطن العربي.

اقرأ أيضاً: إلهام شاهين محاربه حرة تهوى دخول عش الدبابير وخوض الحروب

الفنان رامي الطمباري
الفنان رامي الطمباري

رياض عبد المنعم: كيف غيرت نصيحة صلاح حامد مسار حياتي الفنية:

ما هي النصيحة الأهم التي تلقيتها في حياتك الفنية، ومن قدمها لك؟

أثناء فترة دراستي في الجامعة، كان لي شرف التعلم على يد أساتذة كبار من رواد المسرح المصري، وقد تعلمت منهم الكثير وفي بداياتي الفنية، كنت أقتصر على تقديم اللون الكوميدي فقط، ولم أكن أتصور أنني قادر على تقديم ألوان أخرى، لكن تغيرت نظرتي تمامًا عندما قابلت الأستاذ صلاح حامد، الذي كان بمثابة الأب الروحي لي، وكان له تأثير كبير على مسيرتي الفنية بجانب الأستاذ أحمد البنهاوي.

الأستاذ صلاح حامد قال لي ذات مرة: ‘يجب على كل ممثل أن يقدم جميع الشخصيات والأنماط، ويترك الحكم للجمهور حول أي الألوان يتقنها بشكل أفضل، و أضاف أنه من الخطأ أن نحصر أنفسنا في لون واحد، لأننا نقدم الفن للجمهور وليس لأنفسنا.

بعد تلك النصيحة، كان من المدهش أنني قدمت أحد عشر عرضا كوميديا، وعندما سألني عن سبب عدم تقديم الدراما التراجيدية والشخصيات المركبة، نصحني بفتح أفق جديد.

في اليوم التالي، أعطاني نص ‘هاملت’، لكي أجسد شخصية بولونيس، وكان عمري حينها 22 عامًا، هذا الدور ساعدني على اكتشاف جوانب جديدة في موهبتي التمثيلية، ولولا نصيحته، لربما كنت ما زلت عالقا في اللون الكوميدي دون أن أكتشف تلك الأبعاد الجديدة في فن التمثيل.

العمر مجرد رقم: حكاية موقف أثر في مسيرتي الفنية:

ما هو الموقف الذي أثر فيك بشكل كبير خلال مسيرتك الفنية؟

خلال مسيرتي الفنية، مررت بالعديد من المواقف الإيجابية والسلبية التي أثرت في حياتي، ولكن هناك موقف محدد قبل حوالي عشرين عاماً لا يمكنني نسيانه دون ذكر أسم صاحبه، كان هذا الموقف مع أستاذ وفنان كبير له ثقل في الوسط الفني شاهدته عندما كان في سن متأخرة جداً، ومع ذلك كان مصراً على الاستمرار في التمثيل والوقوف على خشبة المسرح.

أذكر جيداً كيف تجسدت عبقريته عندما قدم مونولوجاً أثناء العرض، بشكل لا يمكن أن أنساه، كانت لديه طاقة و وعي وإحساس لا يُضاهى، وعندما انتهى من المونولوج، جلس على الأرض غير قادر على الوقوف.

هذا الموقف أثر فيّ بشكل عميق، وفهمت منه أن العمر مجرد رقم، ولكن فقدان الصحة والقدرة على العطاء هو أمر صعب على المبدع، لذلك، أتمنى من الله أن يمنحني الصحة والعافية والقدرة على العطاء حتى آخر يوم في حياتي.”

هل أنت راضٍ عن جميع ما قدمته من رصيد فني حتى الآن؟

نعم، بالتأكيد بالرغم من وجود بعض الإخفاقات الطفيفة، لا توجد تجربة إنسانية تكون ناجحة طوال الوقت أو فاشلة بالكامل إلا إذا كان هناك خلل في التركيبة نفسها.

بشكل عام، أنا راضٍ جداً عن مشواري الفني حتى مع بعض التجارب التي لم تلق النجاح المطلوب، تلك التجارب أضافت لي الكثير من الخبرة والدروس التي تعلمت منها، و ساعدتني في تفادي الأخطاء في الأعمال الأخرى ولو عاد بي الزمن سأعود لنفس القرارات وخوض تلك التجارب مرة أخرى، لأنها كانت سبباً مهم في تطوري الفني، وبدونها كنت لا استطيع أن أقدم أعمال جيدة بدون المرور بتلك التجارب التي قد تكون لم تحقق النجاح المنشود أو التي اخترت فيها دوراً غير مناسب، لكنها أثرت بشكل كبير في شخصيتي الفنية.

العيال فهمت
العيال فهمت

كم في المائة نجحت في تحقيق أحلامك وما هو الحلم الذي ما زلت تسعى لتحقيقه؟

في الحقيقة، لا أستطيع تحديد نسبة مئوية دقيقة لما حققته من أحلامي، يمكن للأشخاص المحيطين بي، سواء كانوا من المقربين لي أو من جمهوري، أن يقيموا مدى تقدمي في مشواري الفني، ولكن على الصعيد الشخصي، لدي حلم دائم أسعى لتحقيقه، وهو شغفي المستمر في تقديم فن جيد ومؤثر يسعد الناس، هذا هو هدفي الأساسي وما أتمناه حقاً بالرغم من ذلك، ما زال في داخلي العديد من الأحلام التي أتمنى تحقيقها طالما أنا على قيد الحياة، فإن سلسلة الأحلام لا تنتهي ولا تعرف حدوداً.

في النهاية نشكر الفنان عبد المنعم رياض على هذا الحوار الأكثر من رائع على وعد بحوار آخر مع نجم جديد ونجاحات جديدة مع ريهام طارق.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.