العيد القومي للإسماعيلية.. بداية النضال و انطلاق الشرارة الأولي للمقاومة الشعبية

١٦ أكتوبر بداية النضال و انطلاق الشرارة الأولي للمقاومة الشعبية

العيد القومي للإسماعيلية.. بداية النضال و انطلاق الشرارة الأولي للمقاومة الشعبية

العيد القومي للإسماعيلية

للباحث و المؤرخ الإسماعيلي احمد فيصل

 بدأت الشرارة الأولي للكفاح النضالي ضد الاحتلال البريطاني عقب إلغاء حكومة مصطفى النحاس الوفديه معاهدة ١٩٣٦ و اتفاقتي عام ١٨٩٩ وقال النحاس في بيانه ” لقد وقعت هذه المعاهدة في سبيل مصر ، وأنا ألغيها اليوم في سبيل مصر “.

قامت المظاهرات تعبيرا عن الفرحة بإلغاء المعاهدة ، فخرج طلبة المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية في مظاهرة طافت شوارع الإسماعيلية ورددت الهتافات المؤيدة لالغاء المعاهدة ، كما خرجت مظاهرة تضم عدد من العمال فبدأت القوات البريطانية تطلق نيران مدافعها الرشاشة لفض المظاهرة .

بدأت الشرارة الأولي

وفي الثلاثاء ١٦ أكتوبر ١٩٥١ التحم طلاب مدرسة الإسماعيلية بعراشية مصر الي عمال السكة الحديد وعمال مصنع الكوكاكولا وخرجت المظاهرات تردد الهتافات التي تطالب بخروج القوات البريطانية ، وتوجهت المظاهرات لمبني النافي البريطاني وقام المتظاهرون بإحراق مبني النافي وتم إنزال العلم البريطاني ووضع العلم المصري مكانه .

وأثر حريق النافي زادت الصدامات بين الجنود البريطانيين المسلحين والمتظاهرين زاد الموقف توترا ووجه قائد القوات البريطانية إنذاراً الي وكيل الحكمدارية بالإسماعيلية للسيطرة علي الموقف وإعادة الهدوء إلي المدينة ، وقام الإنجليز بعزل حي العرب عن حي الافرنج بالأسلاك الشائكة والدشم المسلحة .

ومع تطور الأحداث وقيام الفدائيون بالكثير من الأعمال ضد القوات البريطانية وتعرضها الخسائر في العتاد والأرواح ، توافد عدد كبير من الشباب المصري المتطوع لقتال الإنجليز وبدأ الجنود البريطانيون تضييق الخناق علي شباب الجامعات والقبض عليهم بواسطة المخابرات السرية البريطانية

 

الكفاح الوطني في منطقه القنال

واصلت القنوات البريطانية استفزازها لأهالي الإسماعيلية وأمر الجنرال ارسكين قائد القوات البريطانية بوقف سير جميع قطارات الركاب من صباح يوم ٢١ أكتوبر حتي السادسة مساء يوم ٢٢ أكتوبر.

وبدأت القوات البريطانية عمليات انزال الجنود البريطانية في القنال في عملية تعد الأكبر من نوعها شهدها الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وتوالت الأحداث الاستفزازية من القوات البريطانية لأهالي الإسماعيلية حتي ضاق بعض الأهالي بكل هذا فهاجر بعضهم الي محافظات أخري وترك العمال المصريين بالمعسكرات البريطانية عملهم ورحلوا مع أسرهم

وبدأت مرحلة جديدة من مراحل الكفاح الوطني في منطقة القنال وبدأ توحيد الصفوف وتدفقت اعداد كبيرة الي منطقة القنال دون أي قيادة أو إعداد من أجل مقاومة القوات البريطانية واتسعت حركة المقاومة الشعبية وصارت أكثر تنظيما وتسليحا وبدأ بعض الضباط من تنظيم الضباط الأحرار الإتصال ببعض التنظيمات والمجموعات الفدائية بالإسماعيلية والإشراف على تنظيم الفدائيين .

القيام بأعمال فدائية ضد الانجليز

وتوالت الأعمال الفدائية ضد الإنجليز وفي ٢١ ديسمبر ١٩٥١ حاولت مجموعة فدائي نفيشة اغتيال الجنرال اكسهام قائد القوات البريطانية بمنطقة الإسماعيلية أثناء ذهابة من مدينة الإسماعيلية الي القصاصين ، وعقب وقوع الحادث انتشرت القوات البريطانية مدعمة بالدبابات والمصفحات علي طول الطريق وحاصرت بعض القري بحجة اعتصام الفدائيين بها والبحث عن مرتكب الحادث.

لم يتوقف الفدائيون عن العمليات وزاد الموقف إحتقاناً ما بين القوات البريطانية والفدائيين حتي قام إثنان من الفدائيين بتنفيذ عملية البرتقال والتي تظاهر فيها الفدائيين ببيع برتقال للجنود البريطانيين ، وتم دس لغماً تم تصنيعه في ورشة لحام عباس بالمحطة الجديدة في عربة البرتقال ،وما أن إبتعد الفدائيين حتي انفجر اللغم محدثًا ١٥ قتيل و٢٤ جريح من الجنود البريطانيين .

بدأ بعدها إطلاق النار دون وعي في جميع الاتجاهات وقام بعض الفدائيين ( فتحي صديق وشزام ) بتأمين إنسحاب الفدائيين اللذين قاموا بالعملية .

بلاغ أرسكين

وفي ١٩ يناير ١٩٥٢ أصدر أرسكين بلاغًا مكتوبًا ذكر فيه أنه لا داعي لبقاء قوات البوليس المصري في الإسماعيلية بعد أن فشل في صد العدوان الذي قام به الفدائيون ضد القوات البريطانية.

وأعلن أرسكين إلغاء جميع الإجراءات والتعهدات التي سبق إعلانها من جانب البريطانيين بشأن إعتبار مدن القناة مناطق محرمة علي الجنود الإنجليز وأن القوات البريطانية ستشرع في إحتلال جزء من مدينة الإسماعيلية وستجوب الدبابات والسيارات المصفحة شوارع ” حي العرب ” لتفتيش منازلها بدعوى البحث عن الأسلحة والفدائيين. 

ونتيجة لاشتداد أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم في منطقة القنال فقد كانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، خاصة في الفترة الأولى، وكذلك أدى انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز.

قامت القوات البريطانية ب مجزرة الاسماعيلية التي تعتبر من أهم الأحداث التي أدت إلى غضب الشعب والتسرع بالثورة في مصر، أقدمت القوات البريطانية على مغامرة أخرى لإهانة الحكومة وإذلالها حتى ترجع عن قرارها بإلغاء المعاهدة، ففي صباح يوم الجمعة ٢٥يناير ١٩٥٢ فاستدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة «اللواء أكسهام» ضابط الاتصال المصري شريف العبد ، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس «الشرطة» المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها.

رفض الإنذار البريطاني

والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها تساعد
الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته في منطقة القنال ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية «فؤاد سراح الدين باشا» الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود و المقاومة وعدم الاستسلام.

فقد القائد البريطاني في القناة أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم البستان لنفس الدعوى بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره، غير أن ضباط وجنود البوليس «الشرطة» رفضوا قبول هذا الإنذار ووجهت دباباتهم مدافعهم وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن قوات البوليس «الشرطة» مسلحة بشيء سوى البنادق العادية القديمة ” لي انفيلد”.

حصار قسم البستان

وفي ذلك اليوم حاصر مبنى قسم البستان في الإسماعيلية، سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة في الثكنات وثمانين في المحافظة، لا يحملون غير البنادق واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف قسم البستان.

ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة في القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفذت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما ٥٦ (ستة و خمسون شهيدًا و (ثمانون) جريحا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التي كانت تتمركز في مبنى القسم، وأصيب نحو سبعون آخرون، هذا بخلاف عدد من المدنيين وأسر من بقي منهم.

و كانت خسائر الإنجليز ثلاثة عشر من القتلى و اثني عشر جريحا ، ولم يستطع الجنرال “أكسهام” ان يخفي اعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا ، وقام جنود فصيله بريطانية بأمر من الجنرال أكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم امامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم.

حريق القاهره 

وفي صباح السبت ٢٦ من يناير ١٩٥٢ انتشرت أخبار الحادث في مصر كلها، واستقبل المصريون تلك الأنباء بالغضب والسخط، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في مظاهراتهم، وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التي امتلأت بالجماهير الغاضبة.

تسبب هذه الأجواء الغاضبة في قيام حريق القاهرة ، وتسببت أكثر في تدهور شعبية الملك فاروق لأبعد مستوى، مما مهد لقيام الضباط بحركة ٢٣ يوليو بقيادة اللواء محمد نجيب في نفس العام.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.