الفنان سمير الأسكندرانى فى ذكرى رحيله .. ثعلب من أخطر رجال المخابرات
الفنان سمير الاسكندراني .. ودع عالمنا في مثل هذا اليوم منذ أربعة أعوام تحديدا في يوم 14 اغسطس من عام 2020 .
وحتى لاننسى كعادتنا فهذا الرجل لمن لايعرف الذى لم يكن فنانا عاديا أو مواطنا عاديا ولكنه كان ثعلب من اخطر وامهر واعظم رجال المخابرات المصرية.
كتبت / غادة العليمى
ففى مثل هذا اليوم من عام ٢٠٢٠ رحل عن عالمنا الفنان سمير الاسكندرانى وحتى نعرف تاريخنا ونمتن لرجال مصر الشرفاء لابد وان نعرف تاريخ سمير الاسكندرانى
سمير الاسكندرانى هو الذى أوقع أكبر شبكه جاسوسيه واستطاع خداع المخابرات الاسرائيلية بل وأوقع أكبر شبكة للتجسس .
وقد بدأت القصة بحصول سمير علي منحة دراسية في مدينة (بيروجيا) الإيطالية، لدراسة الأدب واللغة في جامعتها الشهيرة..هناك التقى بشاب يجيد العربية بطلاقة مدهشة، ويتحدث الفرنسية والإيطالية والإنجليزية في براعة وقدم الشاب نفسه بأسم (سليم) الذي شك فيه سمير من تصرفاته وكلامه تجاه القضية الفلسطينية ولما وجد تشجيعا من سمير دفعه ذلك لكشف هويته وصارحه بانه يهودي كانت هذه نقطة البداية والخيط الذي شد سمير لمعرفة المزيد عن هذا الشخص ولماذا ارتبط به ووطد به علاقته بهذه السرعة.
إدعاء الكراهية للوطن
قدم سليم صديقه أو بمعني أصح العنصر الصالح للتجنيد الي رجل أخر، يحمل اسم (جوناثان شميت)، وجاء دور جوناثان لدراسة الهدف وتحديد مدى صدقه وجديته..وأدرك سمير انه تورط في أمر بالغ الخطورة، ولكنه لم يتراجع، وإنما مضى يقنع جوناثان ، الذي لم يكن سوى أحد ضباط الموساد الإسرائيلي، بكراهيته للنظام، ورغبته في العمل ضده، حتى عرض جوناثان العمل لصالح ما أسماه بمنظمة البحر الأبيض المتوسط، لمحاربة الشيوعية والاستعمار، مقابل راتب شهري ثابت، ومكافآت متغيرة، وفقا لمجهوده وقيمة الخدمات التي يمكنه تقديمها، فوافق سمير علي الفور، وبدأ تدريباته علي الحبر السري، والتمييز بين الرتب العسكرية، ورسم الكباري والمواقع العسكرية، وتحديد سمك الخرسانة، ، وأعطاه مبلغا كبيرا من المال، ومجلة صغيرة للإعلان عن ناد ليلي في روما، مطبوعة فيه صورته وهو يغني في بعض السهرات، كتبرير لحصوله علي المال.
قرر سمير أن يذهب لمبني المخابرات العامة ليحكي قصته وما استقر رأيه عليه، ولكنه في الوقت ذاته كان يصر علي ألا يخاطر بما لديه من معلومات، وبالا يبلغ بها سوي شخص واحد في مصر هو الرئيس جمال عبد الناصر نفسه.
وفور عودته إلي القاهرة، وعن طريق احد أصدقاء والده، تم الاتصال بالمخابرات العامة وبمديرها صلاح نصر، الذي قدمه للرئيس عبد الناصر الذي استمع له باهتمام شديد، إلي القصة التي رواها سمير، وشاهد مع مدير المخابرات تلك الحقيبة التي أعطاها جوناثان له، بجيوبها السرية، والعملات الصعبة، والحبر السري وغيره من أدوات التجسس، التي تطلع إليها الرئيس كلها، ثم رفع عينيه إلي سمير وقال له : أعتقد أن دورك لم ينته بعد يا سمير.. أليس كذلك؟أجابه الشاب في حماس شديد: أنا رهن إشارتك يا سيادة الرئيس، ودمي فداء لمصر .
فصل جديد من الإثارة
وكان هذا إيذانا ببدأ فصل جديد من المعركة.
الفصل الأكثر خطورة. بدأ سمير يعمل لحساب المخابرات المصرية، وتحت إشراف رجالها، الذين وضعوا الأمر برمته علي مائدة البحث، وراحوا يدربون الشاب علي وسائل التعامل، وأسلوب التلاعب بخبراء الموساد..
وكان سمير ثعلبا حقيقيا، أستوعب الأمر كله في سرعة وإتقان، وبرزت فيه مواهبه الشخصية، وقدرته المدهشة علي التحكم في انفعالاته، وبراعته في التعامل مع العدو، فراح يرسل معلومات سرية وبتوجيه من المخابرات عن مواقع عسكرية ومواقع استراتيجية، دون أن يتجاوز قدراته الحقيقية، أو يبدي حنكة غير عادية، يمكنها أن تثير شكوك العدو..وطوال الوقت كان سمير يشكو في خطاباته الي جوناثان من احتياجه الشديد للمال، ويهدد بالتوقف عن العمل، لو لم يعملوا علي إخراجه من ضائقته المالية، وفي الوقت نفسه كان يرسل لهم عشرات المعلومات والصور، التي سال لها لعابهم، وجعلتهم يتأكدون من انه عميل عظيم الأهمية، يستحيل التضحية به، لأي سبب من الأسباب، فطلبوا منه استئجار صندوق بريد، وأخبروه أنهم سيتدبرون أمر تزويده بالنقود المطلوبة.
ووصل ثلاثة ألاف دولار إلي صندوق البريد، داخل عدة مظاريف وصلت كلها من داخل مصر، لتعلن عن وجود شبكة ضخمة من عملاء إسرائيل، تتحرك في حرية داخل البلاد وتستنفذ أسرارها وأمنها.وبدأت خطة منظمة للإيقاع بالشبكة كلها،..وبدأت خيوط الشبكة تتكشف شيئا فشيئا، وعيون رجال المخابرات المصرية تتسع أكثر وأكثر، في دهشة وعدم تصديق..لقد كانت معظمها من الأجانب المقيمين في مصر، والذين يعملون بمختلف المهن، ويحملون جنسيات مختلفة..فمن مصمم ديكور يوناني، الي موظف فندق إيطالي، الي دبلوماسي ألماني، وجرسون ومدرس وممرضة.
أخطر ضباط الموساد
أدركت المخابرات المصرية أنها أمام صيد هائل وبخطة ذكية أستطاعت المخابرات وعن طريق سمير إقناع المخابرات الإسرائيلية بإرسال واحد من أخطر ضباطها إليه في القاهرة، وهو (موسى جود سوارد)، الذي وصل متخفيا، ولكن المخابرات المصرية راحت تتبع خطواته حتى توصلت الي محل إقامته، والي اتصالاته السرية
وبضربة مباغته، ألقت المخابرات المصرية القبض علي موسى، وتحفظت عليه، دون أن تنشر الخبر، أو تسمح للآخرين بمعرفته، وتمت السيطرة عليه ليرسل خطاباته بنفس الانتظام الي الموساد، حتى يتم كشف الشبكة كلها، والإيقاع بكل عناصرها.. راح عملاء الشبكة يتساقطون واحد بعد الأخر، والحقائق تنكشف أكثر وأكثر، ودهشة الجميع تتزايد وتتزايد..
ثم كانت لحظة الإعلان عن العملية كلها، وسط ذهول الصهاينة وهم يكتشفون أن الثعلب المصري الشاب سمير الاسكندراني قد ظل يعبث معهم ويخدعهم طوال عام ونصف العام، وانه سحق كبريائهم بضربة ذكية متقنة، مع جهاز المخابرات المصري، الذي دمر أكبر وأقوي شبكاتهم تماما،وكانت الفضيحة الإسرائيلية عالمية، وكان النصر المصري ساحقا مدويا.
انتقل الي رحمة الله في يوم 14 أغسطس 2020
رحمة الله عليه فنان كبير ورجلا عظيما من رجال مصر