الفنان يوسف شعبان وسينما الأدب … بقلم / عبده إمام
الفنان يوسف شعبان وسينما الأدب
بقلم / عبده إمام
له تاريخ حافل في الإبداع بالمشاركة في عدد كبير من الأفلام السينمائية المأخوذة عن نصوص أدبية لكبار الكتاب الروائيين الذين ينتمون إلى العديد من المدارس الأدبية،
فكان تشخيصه المتقن وأداؤه المعبر خير مترجم لما تحمله أفكار هؤلاء الأدباء الكبار في استنطاق الشخصيات الروائية من بين السطور والانطلاق بها في تشخيص مبدع وتمثيل أمين للفكرة.
إنه الفنان يوسف شعبان، الذي ولد في حي شبرا بالقاهرة عام1931م، التحق بمعهد الفنون المسرحية وتخرج منه عام 1962.
ومما يبرهن على إيمانه بقيمة الأدب الروائي أن أول أعماله السينمائية كان فيلم ” في بيتنا رجل” عام 1961م المأخوذ عن رواية بنفس العنوان للأديب الكبير (إحسان عبد القدوس) ثم توالت عليه الأعمال.
ولعل ما يميز تمثيل الشخصية الرواية المكتوبة ضمن عمل روائي عن تمثيل الشخصية المكتوبة في سيناريو فيلم معين؛ أن الشخصية الروائية لها رسالة وفكرة ليس من السهل أو من المفضل الخروج عن إطارها المرسوم والمحدد في فكر كاتب الرواية ورسالته التي يبوح بها كهدف للتنوير والنقد واستشراف طموحات وآمال وطن بأكمله مما يُحمِّل الممثل مسؤولية كبيرة وجهد تمثيلي في سبيل بلورة ونقل تلك الفكرة في الصورة السينمائية، بخلاف النص السينمائي القابل للتعديلات وتحكمه معايير تسويقية وأسبقية غالبا للممثل عن النص؛ وهذا بالطبع لا يقلل من نصوص سينمائية راقية كان لها أثر قوى في يقظة الوعى وصياغة الواقع.
في دنيا الأديب الكبير (نجيب محفوظ) وحاراته وأزقة القاهرة التي خرجت منها أروع رواياته، كان للأستاذ يوسف شعبان حظ وافر في هذا العالم الثرى لأديب نوبل،
فنراه في شخصية (فرج) في فيلم (زقاق المدق) عام 1963م المأخوذ عن رواية بنفس العنوان تناقش التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع المصري إبان الحرب العالمية الثانية، ليطل علينا الفنان الكبير بشخصية تستفز المشاهد لما فيها من عناصر الانتهازية والوصولية والمتاجرة بكل شيء حتى ولو ببنات الحارة اللائي ينتمين لنفس مجتمعه وطبقته، وفى عام 1969م قدم شخصية (سرحان البحيري) في فيلم ميرامار المأخوذ عن رواية بنفس العنوان لينقل بمصداقية الرؤية الثاقبة لأديبنا الكبير وقراءة مبكرة لبعض من خرجوا عن إطار ثورة يوليو ممن قاموا بركوب قطار الثورة للاستفادة من مكتسباتها لأغراضهم الشخصية دون النظر للمصالح العامة فكانت تلك الشخصية خير معبر عن تلك الأنماط التي لا تمثل فكر الثورة وطموحاتها للوطن وأبنائه.
وفى مقابل تلك الشخصيات السالفة يتألق في شخصية الشاب الفلاح العاطفي (غريب) في فيلم حادثة شرف عام 1971م المأخوذ عن رواية بنفس العنوان لرائد القصة القصيرة الأستاذ (يوسف إدريس) مما يؤكد على جدارة هذا الفنان متعدد الوجوه في استقرائه للفكر والمجتمع الذي يتناول كل روائي.
والعودة من حيث بدأ إلى أدب الأستاذ (إحسان عبد القدوس) في شخصية (عبد الحميد) في ترميز واضح لفترة هامة قبل نصر أكتوبر المجيد ومقدماته في فليم (الرصاصة لا تزال في جيبي) عام 1974م المأخوذ عن قصة قصيرة لا تتجاوز الثلاث عشرة صفحة ضمن مجموعة قصصية مسرحية بعنوان (لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص).
وتتعد أدواره وتنقله بين الشخصيات والروايات متجددا يضع بصمته مع كل عمل، مصورا بمنتهى الحرفية السينمائية سمات الشخصيات المكتوبة، ولم يكن تأثيره فقط في السينما؛ بل امتد لأداء شخصيات مسرحية عظيمة مثل شخصية الحجاج بن يوسف في مسرحية (دماء على ستار الكعبة) للشاعر فاروق جويدة وفى التليفزيون المسلسل التليفزيوني الشهير (رأفت الهجان) على اعتبار أن العمل تم صياغته على يد أديب كبير في حجم الأستاذ (صالح مرسى).