القاهرة الخضراء ليست رفاهية بقلم / د.جميل محمد

بقلم د جميل محمد

خبير اقتصادي

مبادرة تشجير اسطح المنازل من المبادرات التي تخرت كثيراً وقررت محافظة القاهرة أن تكون أول المنضمين للمبادرة التي تبنتها عدد من المبادرات في إطار مصر 2030 “.

إن الشجرة أو الاهتمام بها لايعتبر رفاهية بل يعتبر هدفاً إقتصادياً سديداً إذا ماأحسنت الخطة والادارة وأختير كهدف أمثل وجيه إن العالم سنوياً لمن لايعرف يحتفل باليوم العالمي للشجرة

ولمن لايعرفه فهو يصادف دخول الربيع في الحادي والعشرين من مارس حيث يحتفل به في  جميع البلدان من خلال زراعة الأشجار، وقد تم اقتراح هذا اليوم لأول مرة منذ القرن التاسع عشر من قبل الصحفي السياسي الأمريكي ستيرلينغ مورتون، وغالباً ما كتب مورتون في صحيفة نبراسكا عن مقالات زراعية حيث شارك شغفه بالأشجار مع أقرانه، وقد اقترح مورتون عطلة من أجل تشجيع زملائه على زراعة الأشجار، وأعرب عن إيمانه بأن الأشجار تعمل كمصدات للرياح وتحمي المحاصيل من التعرية ومن التعرض المفرط لأشعة الشمس وتوفر الوقود ومواد البناء، وفي سبعينيات القرن التاسع عشر أنشأت عدة ولايات أمريكية يوماً للشجرة كإجازة، وفي ثمانينات القرن التاسع عشر لاحظت المدارس عادة زراعة الأشجار كنصب تذكاري للأحداث التاريخية ولتكريم المشاهير.

الشجرة هي ثقافة حياة في بلدان العالم  أما الشرق الاوسط  فقد يجهل البعض ماهو هذا العيد وأهميته وفي مصر على وجه الخصوص ألا ينبغي لنا الان أن نستثمر في هذا اليوم ونقدم صورة مشرفة للعالم عن ثقافة زراعة الشجر وانها منهاج حياة في مصر  واخص هنا في مقالي مبادرة حقيقية قديمة جديدة  تتحرك كثيراً في الصحف لكنها تقف في كل مرة دون سبب وهي مبادرة زراعة أسطح المنازل والتخلص من ترسانة ” الروبابكيا” الجاثمة على صدورنا فوق اسطع المنازل في القاهرة العتيقة  فما إن تنظر للقاهرة من الاعلى عن قرب تشاهد مناظر لاينبغي أن تكون في قاهرة المعز ولا في اقدم العواصم العربية ثقافة وحضارة بل وفي العالم كله .

إن مبادرة زراعة الاشجر وهي الفكرة التي طرحتها منظمات مدنية لزراعة الاشجار المثمرة أو الخضراء لاسطح المنازل تحتاج إلى إحتضان حكومي لتكون بادرة امل  وثقافة عيش في وطن أرهقه الازدحام والتلوث والشحوم والتلوث البيئي ألا تتوافق المبادرة مع الاتفاقية العالمية للحد من الانبعاثات الحرارية والتغيرات المناخية التي تضرب المنطقة وصعب معها إعادة توصيف تغيرات الطقس .

إن مبادرة «شجرها»، واحدة من تلك المبادرات التي تسعى إلى زراعة مليون شجرة مثمرة في المدن الجديدة، والمحافظات الساحلية، بهدف الحد من التلوث البيئي، ونشر هواية مسلية، تصلح لربات البيوت، وكبار السن وأتخذت من مدينة العبور بداية لباكورة أعمالها نجحت حتى الان  في زراعة 16 ألف شجرة مثمرة في 6 محافظات، هي: القاهرة والجيزة والإسكندرية وكفر الشيخ والشرقية والوادي الجديد، وذلك خلال عام ونصف العام فقط من بداية المبادرة.

ألا يقتضي الامر الان أن تتوج هذه المبادرات بتعاون حكومي  مع هذه المنظمات المدنية الناجحة لاستكمال مبادرة طلاء أوجه العقارات والمنازل التي تبنتها الحكومة خلال الاشهر الفارطة  ؟

أثبتت الدراسات أن زراعة 1 متر مربع تؤدى إلى إزالة 100جم من الملوثات الموجودة فى الهواء سنوياً. الجانب الآخر من التجربة هو الاستفادة من إنتاج تلك الزراعات، إذ تمكن البعض من إنتاج 800 كيلوجرام من البطاطس فى مساحة لا تتجاوز 200 متر.

وزراعة الأسطح من المشاريع التى اعتمدت عليها الدول فى تخفيض درجة الحرارة داخل البيوت والمبانى، وتقليل انبعاث الكربون. فمع ازدحام القاهرة التى بلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، ظهرت حملة قومية عام 1999 لزراعة الأسطح فى المدن المزدحمة بالتعاون بين وزارة الزراعة ومنظمة الفاو «المنظمة العالمية للزراعة والغذاء»، خصوصاً بعد تصنيف مصر ضمن أكثر مناطق العالم فقداناً للمسطحات الخضراء بسبب تلوث المياه وارتفاع ظاهرة التلوث البيئى.

إن فكرة زراعة اسطح المنازل لم تكن وليدة لحظة فقد اثيرت في العقد الماضي قبل ثورة يناير ولكنها توقفت عند التصريحات والتشاورات بين الجهات المعنية  وبعيداً عن  تلك الفكرة فإن إعادة تدوير المخلفات ” الروبابكيا ” فوق أسطح المنازل هي صناعة تدر الملايين خاصة من خلال كراكيب الحكومة ففي أحدث الدراسات التي اعدتها  منظمات مدنية  32 مليار جنيه، تمثل تراكمات قطع غيار وأثاث، خصوصاً قطع غيار السيارات والبضاعة المعيبة، وهى قيمة تلك المهملات فى الفترة من عام 1995 إلى 2010 بحسب الجهاز المركزى للمحاسبات.

وأوضحت الدراسة أن سبب تراكم هذه المهملات، التى تتحول بمضى الوقت إلى «خردة» و«كراكيب»، يعود إلى عادة الوزارات الحكومية فى صرف الميزانيات المخصصة لها بشراء ما تحتاجه وما لا تحتاجه فيما يعرف بحرق الميزانية، حتى لا يتم تخفيض الميزانية فى الأعوام التالية.

لكن الدراسة تلفت إلى إمكانية الاستفادة من المخزون المتراكم وكراكيب الجهاز الإدارى للدولة، بإعادة توزيع الفائض من بعض الوحدات على الوحدات الأخرى المحتاجة وبيع المتبقى فى مزاد علنى، كما حدث فى حكومة ممدوح سالم عام 1975 عندما بلغت قيمة الرواكد 2.5 مليار جنيه ونجحت الوزارة فى إعادة تدوير بعضها وبيع المتبقى.أعتقد أن الوقت قد حان ليكون لدينا تفكير رشيد تحكمة الثقافة قبل القانون

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.