القصة الكاملة لسقوط الملك وعزله في جزيرة المنفي د/أحمد مقلد

القصة الكاملة لسقوط الملك وعزله في جزيرة المنفي

د/أحمد مقلد

جمع الحكيم أحفاده وقال لهم سؤاله: ما هو السر في بقاء الحياة؟ فجاء الرد منهم كيف نُجيب وقد أوتيت يا جدنا الحكمة. فقال لهم الحكيم: إِنْ أَرَدتُّمُ الخبر فإني سأجيب بأن الحياة وجدت لعلة وعلة الوجود هي العبادة فقد قال تعالى في كتابه الكريم (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) والأصل في الحياة الصلة فقد قال تعالى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

القصة الكاملة لسقوط الملك وعزله 

 حافظوا على الصلات ولا تقطعوا العلاقات فأنتم في تجمعكم وحدة وفي تفرقكم ضعف وفي عطفكم وتراحمكم رقة ولين تقرب القلوب وتجمع الأفئدة لذا فأنتم أهل الرحمة ودعاة التقارب فتعاونوا على أن تبقوا معاً لأخر الزمن لكون العاقل هو من عرف ما يضره فتجنبه وأبصر موضع النجاة فبلغه. وهنا شكر الأحفاد جدهم على ما بصرهم به ووجههم إليه وتمنوا له دوام الصحة والعافية والسعادة من رب العالمين كما أنهم حافظوا على عهدهم معه فكانوا أخوة متحابين ومترابطين.

قصة نقل الملك لجزيرة الموتبنهاية حكمه

 تزامنت هذه الحكمة مع ذكرى قصة سمعتها عن دولة كانت آمنة مطمئنة عاش أهلها في سلام وطمأنينة حيث كانوا يعيشون في جزيرة جميلة، وكان لهم نظام عجيب في الحكم أنهم يختارون كل عام ملك يحكمهم، وفي نهاية العام ينقلون الملك إلى جزيرة أخرى تابعة لهم، ولكنها مأوى للحيوانات المفترسة وغير صالحة للسكن، وطرقها غير ممهدة ومن يذهب إليها تقتله العزلة ومشاعر الخوف قبل أن يقتله الجوع والعطش بعد إنتهاء ما معه من زاد ومياه صالحة للشرب.

الشاب الذي نجا من الغرق بمفرده بعد تحطم السفينة 

وفي عام من الأعوام وبعد أن نقلوا الملك القديم في نهاية فترة حكمه إلى الجزيرة المهجورة لينال مصيره، كعادتهم مع من سبقوه من الملوك ووفق تقاليد شعبية متوارثة، وفي طريق عودتهم وجدوا شاب قد نجا من الغرق فأصطحبوه معهم للجزيرة مقر الحكم، وفي طريقهم للعودة حتى يبلغوا الجزيرة سألهم وسألوه فأخبرهم بقصته وكيف نجا بمفرده من الغرق بعد تحطم السفينة التي كانت تحمله ومن معه من الصيادين.

القصة الكاملة لسقوط الملك وعزلهواختيار ملك جديد

وفي ذات السياق أخبره الجنود الذين رافقوه في ذات القارب خبر الملك والجزيرة ونظام حكمهم، وحين عادوا لأرض الوطن حيث كانت الجزيرة عامرة بشتى الخيرات والكنوز، وفي صباح اليوم التالي اجتمع حكماء الجزيرة ليعلنوا عن ضرورة اختيار الملك الجديد في ذات اليوم، ولكن الجميع كانوا لا يرغبون في الحكم لكونهم لا يتحملون العزلة والنفي للجزيرة الأخرى، والغير مأهولة بالسكان والتي لا يوجد بها ملامح أي حياة.

اختيار الناجي من الغرق ملك للجزيرة والقصة الكاملة لسقوط الملك وعزله

 كيف يستبدل أي شخص ما يملك من خير ليبحث عن التحول لمواجهة مستقبل مجهول في جزيرة غير صالحة للسكن، وذلك بعد أن كان يحكم دولة مليئة بالخيرات، ومع طول فترة التفكير والإحجام عن التقدم لطلب حكم الجزيرة نفد الوقت ووقع الإختيار على الناجي من خطر الغرق في البحر وبعد ضغوط وافق على حكم الجزيرة.

القصة الكاملة لسقوط الملك وعزله وقرارات جديدة لتنظيم الحكم

ومع بداية حكم هذا الشاب للجزيرة والذي رأي مصير من سبقه في جزيرة الموت، لذا اتخذ الملك الجديد بعض القرارات لتنظيم دولة حكمه وتحقيق سياسة مالية لها فأقر نظام اقتصادي قائم على تقسيم الإيرادات العامة للجزيرة إلى ثلاثة أقسام (جزء للدولة تبني وتعمر، وجزء للشعب لينعم ويترغد، وجزء أخير لتحويل جزيرة العزل والنفي إلى جزيرة مأهولة وصالحة للمعيشة).

تحويل جزيرة الموت لجزيرة مأهولة

في سبيل ذلك إتخذ التدابير اللازمة فأمر بإزالة الأشجار التي تعوق الرؤية ومهد الطرق وأمن مسالكها وجهز بها ميناء للسفن التجارية حيث ترسوا لتنال منها المؤنة والراحة في مساكنها حيث عمرها بعض السكان الذين سعدوا بما رأوا من عمران وتجديد، وقد تم إقامة القصور وتحولت جزيرة الموت لتصبح جنة من جنان الأرض حتى أنها فاقت الجزيرة الأصلية في جمالها وحسن تصميمها.

الملك الناجي من البحر هو السعيد بنجاته من الحكم.

وفي نهاية العام ومع بلوغ موعد نقل الملك للجزيرة الأخرى حتى يتم إختيار ملك جديد، ومع تجدد الحدث لتنفيذ حكم النفي من جزيرة الملك إلى جزيرة الموت سابقاً والتي صارت أرض الأحلام، فكان من العادة أن يحزن الملك لسوء المصير حيث سيعيش في عزلة ونفي وظلمة وخوف من المجهول وتهديد من الوحوش الضارية والمتوحشة، ولكن العكس قد حدث فالملك الناجي من البحر هو السعيد بنجاته من الحكم.

الجزيرة الجميلةوالقصة الكاملة لسقوط الملك وعزله

لكونه سيعيش في جزيرة جميلة فيها من خيرات الله بعد أن أعاد لها البريق حيث عمرها بالقصور والبيوت الجميلة وقد انتقل إليها السكان الذين يؤنسون وحدته لذا فقد كان موعد عزله هو موعد بلوغه السعادة والراحة من مشقة الحكم، ليسعد بما صنع ولكن كان أهل الجزيرة وكبرائها وحكمائها يطلبون استمراره في حكمهم ليستمر الرخاء والنماء والسعادة، ولكن هذا الملك الناجي من البحر ذكرهم بنظام الحكم وزمن المهمة فكان النفي هو سبيل سعادة له لا مصدر ألم.

القصة الكاملة لسقوط الملك وعزله والحكمة هي الوحدة والتعاون لنجاح الفكرة 

وفي نهاية الحكمة ومع نهاية فترة حكم الملك الناجي من البحر وبلوغه وقت الراحة من مشقة المهمة والم المعاناة في متابعة أمور الدولة وتحقيق مصالح الشعب، يتضح لنا أن الحكمة هي الوحدة والتعاون لنجاح الفكرة والاجتهاد في تنفيذ خطوات النمو مهما كانت مشقة وألم البناء ولكن النتائج دائما تسير للنمو والثراء بدعم أصحاب الفكر والرؤية والبصيرة وليس من يسيرون في نفق مظلم لتقليد فكر السابقين، 

 

القصة الكاملة لسقوط الملك وعزله  لا مجال إلا أن نسعي لتطوير ذاتنا مهما كانت جميع المؤشرات لا تؤكد نجاحنا، ولكن مع كل خطوة تجربة ومع كل تجربة خبرة ومع كل خبرة معرفة ومع كل معرفة فكرة تتولد لحل مشكلة أو ضمان إستمرار النجاح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.