القناص قصة قصيرة… بقلم مصطفي حسن سليم
القناص
قصة قصيرة… بقلم مصطفي حسن محمد سليم
الموت هو ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين عالمين، يحتويان أحلام كل البشر ،أنا لم أختار الهدف. بل قد فرض علي أن اقرر مصير إنسان آخر ،هو بالنسبة لي مجرد هدف أو رقم ،اراه من خلف منظاري، اراقبه من بعيد في صمت، احدد تحركاته جيدا، انتظر تلك اللحظة التي اصوب فبها علي رأسه، ليسقط أمام عيني جثة هامدة ،أين ذهب ذلك إلانسان؟! الذي كان يسير في نشاط منذ لحظات، يحتضن سلاحه، يشعل سيجارته، يحصي الأيام والليالي لكي يعود إلي اسرته، ربما كان يفكر في النجاة من الموت، وأنا قد أوصلته إلي ذلك المصير ،وربما لو عرفني لقدم لي هدية علي دقة تصويبي وقتله في لحظات، ربما، وربما، كلها أشياء مختلطة تمر بداخلي، تجعلني اتسائل من أنا؟! حتي اقرر مصير إنسان آخر له الحق في الحياة ،لقد وضعت نفسي في وظيفة ملاك الموت ،احصد تلك الأرواح البريئة، ولكن حتي الموت لايختار ابدأ ضحاياه، انها الحرب، ذلك هو قانون الحرب، مرت كل هذه الاشياء في عقله، وهو يصوب نحو الهدف ،وهو يتابعه يتحرك في خطوات بطيئة في مخبئه، وعندما ايقن أنه حدد الهدف بدقة، أطلق نيران سلاحه نحوه، وقد بدأت ترتسم تلك الأبتسامة علي شفتيه، عندما يسقط هدف آخر له ،وهو يراه قد بدأ يترنح بداخل تلك الحفرة، هاهو يضيف رقم آخر إلي ضحاياه، هاهو يستعد إلي أن ينول وسام آخر يضعه علي صدره، يتراجع في مكانه الآمن، يخرج ولاعته في سرعة ليحتفل علي طريقته، يشعل سيجارته في هدوء، وترتسم النشوة علي وجهه ،وهو يشاهد دخان سيجارته وهو يراقب الجانب الآخر للعدو، وهو في حالة اضطراب من سقوط المجند، الذي قتله بدم بارد منذ لحظات، شعر بالزهو وهو يشاهد الفوضي التي احدثها في الجانب الآخر، لقد بدأت الفيران في التحرك السريع داخل الدشمة الحصينة ،هكذا يطلق علي جنود العدو ذلك اللقب، يتلذذ بسحب نفس آخر من سيجارته، لن يضيره اذا تأخر في حصد روح أخري لمدة دقائق، هاهي السيجارة المشتعلة تقارب علي الأنتهاء، بدأ يأخذ وضع الأستعداد وهو يقارب علي إطفاء سيجارته، ليحصد روح أخري، ومع أخرنفس السيجارة، ومع أخر وميض لها، استقرت رصاصة في جبينه، نسي اهم قواعد الأمان، وهو أن اقل ضوء في ذلك الظلام الذي يحيط به، يجعله هو ايضا هدف لقناص آخر ،ينتظر أن يغتال براءة روح مثله، ينتظر أن ينال وسام يضعه علي صدره، هاهو قد بدأ يذيق من نفس الكأس، يتجرع طعم الموت، سقط مترنحا وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة، وقد أرتسمت ابتسامة علي شفتيه ،لقد قرر أن يهزم الموت، ولايجعله يقابله بالشماتة من ضعفه ،وهو يودع الحياة بالسخرية من الموت.