المتحف المصري الكبير… هدية مصر للعالم..أعظم حدث ثقافي في القرن
ليلة تاريخية.. حين يجتمع ملوك العالم على أرض مصر ليشهدوا افتتاح المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير: صرح حضاري يحاكي عراقة الماضي و يستشرف مستقبل السياحة ويغير خريطة السياحة العالمية على مساحة 500 ألف متر أعظم متحف في العالم لحضارة واحدة باستثمارات مليار دولار و 5 آلاف قطعة أثرية لتوت عنخ آمون.. كنوز كاملة لأول مرة و 12 قاعة عرض ومركز ترميم متطور . أيقونة القرن الـ 21.. المتحف المصري الكبير مشروع يحكي للعالم قصة أبدع من الخيال
بقلم باهر رجب
تستعد مصر لتدشين واحدة من أعرق هداياها للعالم في الأول من نوفمبر 2025، وهو المتحف المصري الكبير، ذلك الصرح العملاق الذي يطل على أهرامات الجيزة الخالدة، ليس فقط كأكبر متحف للآثار في العالم، و إنما كشاهد حي على عظمة الحضارة المصرية التي تمتد جذورها الالف العوام .

الميلاد والفكرة: رؤية ثقافية طموحة
حيث تعود فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إلى تسعينيات القرن الماضي، بمبادرة من وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني، الذي شعر بأن المتحف المصري الحالي في ميدان التحرير لم يعد قادرا على استيعاب العدد الهائل من الكنوز الأثرية أو تقديم تجربة عرض متحفي تلائم متطلبات العصر.
كما تم وضع حجر الأساس للمشروع في عام 2002، في موقع استراتيجي يبعد حوالي اثنين كيلومترين تقريبا عن أهرامات الجيزة، على مساحة إجمالية تبلغ 117 فدانا. وقد بدأت أعمال البناء الفعلية في مايو 2005، ليكتمل البناء بالكامل في عام 2023 بتكلفة إجمالية بلغت حوالي مليار دولار أمريكي.
التصميم الهندسي: حيث يلتقي العراقة بالحداثة
كما فاز تصميم المتحف بعد منافسة معمارية عالمية ضخمة شارك فيها 1,557 متسابقا من 82 دولة، لتفوز بها شركة “هينغان بنغ” المعمارية الأيرلندية. ويمثل التصميم تحفة هندسية فريدة، حيث يأتي بشكل مثلث مقطوع الزوايا، تتلاقى فيه أشعة الشمس القادمة من قمم الأهرامات الثلاثة لتمثل كتلة مخروطية هي جسم المتحف.

أبرز ملامح التصميم:
– واجهة مكسوة بحجر الألبستر تسمح بنفاذ الضوء عبر أشكال هندسية.
– جدران زجاجية من جهة الأهرامات توفر مشهدا بانوراميا.
– مساحة إجمالية تبلغ 500,000 متر مربع، مع مساحة مبنية 167,000 متر مربع.
– بهو رئيسي تتصدره تماثيل عملاقة بينها تمثال الملك رمسيس الثاني بارتفاع 11 مترا.
– درج كبير يمتد على مساحة 6,000 متر مربع بارتفاع يعادل ستة طوابق
المقتنيات والكنوز: إرث حضاري غير مسبوق
كما يضم المتحف أكثر من 100,000 قطعة أثرية، ستعرض منها حوالي 50,000 قطعة لأول مرة، تروي قصة الحضارة المصرية من عصور ما قبل الأسرات حتى العصرين اليوناني والروماني.
أبرز الكنوز:
– مجموعة توت عنخ آمون الكاملة: وتضم 5,398 قطعة ستعرض معا لأول مرة منذ اكتشاف مقبرتها في نوفمبر 1922، ضمن قاعة مخصصة بمساحة 7,500 متر مربع.
– مراكب الملك خوفو: وتشمل المركب الثانية التي تم ترميمها بتكلفة 5 ملايين دولار
– مقتنيات الملكة حتب حرس: أم الملك خوفو باني الهرم الأكبر
– مجموعة يویا وتویو: جدا الملكة تيي
مركز الترميم: قبلة العلم النابضة
كما يعد مركز الترميم بالمتحف أحد أضخم المراكز المتخصصة في الشرق الأوسط، حيث يضم 19 معملا متخصصا، مقسمة إلى 6 معامل للصيانة العلاجية، و 5 للصيانة الوقائية، و 8 معامل للفحص والتحليل. ويعمل بالمركز 150 مرمما مصريا من مختلف التخصصات، تمكنوا من إنجاز أعمال الترميم لآلاف القطع الأثرية خلال السنوات الماضية.
الإيجابيات والفوائد المتوقعة
من الناحية الثقافية:
– حفظ التراث الحضاري المصري وعرضه بطريقة علمية حديثة.
– تقديم رؤية شاملة ومتكاملة للحضارة المصرية القديمة.
– إنشاء منصة عالمية للبحث العلمي والتبادل الثقافي.
من الناحية الاقتصادية:
– جذب 5 ملايين زائر سنويا متوقع.
– دعم قطاع السياحة وخلق فرص عمل جديدة.
– زيادة الدخل القومي من العملة الصعبة.
من الناحية التقنية:
– تطبيق أحدث تقنيات العرض المتحفي في العالم.
– استخدام أنظمة صيانة وترميم متطورة.
– توفير تجربة زيارة تفاعلية وغير مسبوقة.
التحديات والسلبيات
واجه المشروع عدة تحديات، أبرزها:
– تأجيل الافتتاح عدة مرات لأسباب مختلفة منها جائحة كوفيد-19 والتحديات اللوجستية.
– التكلفة المالية الباهظة التي بلغت مليار دولار.
– صعوبة نقل القطع الأثرية الحساسة و الضخمة، مثل تمثال رمسيس الثاني.
التأثير على المجتمعين العربي والغربي
كذلك يشكل المتحف مصدر فخر واعتزاز للمصريين والعرب جميعا، كصرح ثقافي يعيد إحياء التراث الحضاري العربي ويسلط الضوء على إسهاماته في الحضارة الإنسانية. كما يقدم للعالم الغربي صورة مغايرة عن مصر كمنارة للثقافة والعلوم، ويدفع نحو فهم أعمق للحضارة المصرية التي شكلت أساسا للكثير من المعارف الإنسانية.
حيث يتجلى هذا الاهتمام العالمي من خلال الزيارات الرسمية لشخصيات دولية مرموقة، مثل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط مسعد بولس، الذي أعرب عن بالغ إعجابه بالمتحف ووصفه بأنه “صرح ثقافي عالمي يجسد عراقة الحضارة المصرية”.
المستقبل و الطموحات
كذلك لا يقتصر دور المتحف على كونه مجرد مكان لعرض الآثار، بل يطمح ليكون:
– مركزا إقليميا للتدريب وتبادل الخبرات في مجال الترميم والحفظ.
– منصة عالمية للبحوث الأكاديمية في علم المصريات.
– وجهة ثقافية وترفيهية متكاملة تضم متحف أطفال، ومركز مؤتمرات، ودار سينما، ومكتبة متخصصة.
– محفزا للسياحة الثقافية في مصر والمنطقة.
خاتمة
علاوة على ذلك فأن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى ضخم يضم قطعا أثرية، بل هو رسالة ثقافية تبعثها مصر إلى العالم، حيث تؤكد من خلالها أن الحضارة المصرية لا تتنافس مع الزمن، بل هي تمتلك مفاتيحه. كما إنه حلم مصري تحول إلى واقع، وشاهد على أن الأمم العظيمة لا تكتفي بمجد الماضي، بل تبني حاضرا يليق بتراثها و يستشرف مستقبلا أكثر إشراقا.
في الأول من نوفمبر، سيفتح المتحف أبوابه ليس فقط للزوار، ولكن ليكون نافذة تطل منها الإنسانية على واحدة من أعظم حضارات التاريخ، في تجربة ثقافية استثنائية تليق بعراقة الأرض التي يحمل اسمها.












