فيروس إعلامي يهدد المجتمع المصري: بين تزييف الوعي وتفكيك الأسرة
الإعلام مسؤولية عظيمة تتطلب مهنية عالية وأخلاقيات رفيعة
بقلم: ريهام طارق
ظل الإعلام المصري على مدار عقود طويلة رائداً في تشكيل وعي المجتمع، كان منبرًا يُلهم شعوب المنطقة ويعزز الهوية الوطنية وروح الانتماء.
لقد جسّد الإعلام المصري، عبر سنوات عديدة، دور القلب النابض الذي يضخ الوعي، ومنارة للحقيقة وأداة فعالة لتحقيق التقدم المجتمعي، ونشر رسائل تثقيفية وتربوية تنويرية، تهدف إلى رفع مستوى الوعي والثقافة وغرس المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة.
واليوم، نعيش حقبة بات فيها الإعلام المصري أداةً فتاكة تحمل فيروساً يهدد بتدمير بنيان المجتمع المصري، وظهرت وجوه إعلامية لا تمت لجوهر المهنة بصلة، لا تحمل رسالة ولا هدفاً سامياً، بل على العكس، تعمّدوا الإساءة لتاريخ عريق بني بجهود وتضحيات رواد الإعلام منذ عقود.
مخطط يستهدف تفكك الأسرة المصرية و يزعزع القيم الأصيلة:
لم يعد هذا الفيروس الإعلامي مجرد عارض عابر، بل هو جزء من مخطط متقن تقوده جهات متربصة تستهدف تفكيك المجتمع المصري، وهدم روابط الشعب المصري وزعزعة قيمه ومبادئه الراسخة، بعد أن خسرت حربها التقليدية، لجأت إلى سلاح أشد فتكاً، أشبه بقنبلة نووية صامتة، تترك في طريقها آثاراً مدمرة، تستهدف الجذور الأصيلة لمجتمعنا عبر هذا السلاح الإلكتروني الخفي، في زمنٍ يعلن أن الحرب ليست دائمًا عسكرية، بل قد تكون حربا باردة تسعى لتدمير العقول بدلاً من الأجساد، في خضم هذه الحرب، تستغل وسائل الإعلام كأدوات فعالة لنشر الطاقة السلبية، تغرس أفكاراً مدمرة في نسيج مجتمعاتنا ورغم أن هذه المنصات كان يفترض بها أن تكون منارة للإلهام وتعزيز الإيجابية، نجد أنها انحرفت للأسف نحو الترويج الجهل والسطحية.
اقرأ أيضاً: شادي مقار في “برغم القانون”: استحضار أسلوب تمثيل استيفان روستي بروح عصرية
شخصيات إعلامية باتت خلايا سرطانية تفتك بجسد المجتمع:
يتربع على عرش المشهد الإعلامي شخصيات غريبة، تمثل نماذج مخجلة تفتقر إلى الاحترافية والمهنية، هذه الشخصيات باتت خلايا سرطانية تفتك بجسد المجتمع، مما يجعل تأثيرها أكثر خطورة من أي حرب عسكرية، إيمانا أن تأثير تدمير العقول أعمق، ويحتاج إلي وقت أطول لشفائه.
والكارثة الكبري أن هناك شريحة كبيرة من المجتمع مازالت حتى الآن تعتبر التلفاز المصدر الرئيسي و الأكثر موثوقية للمعلومات، مما يشكل خطراً كبيراً، فـ الشخصيات التي تتلاعب بعقول المشاهدين وتقدم محتوى يفتقر إلى العمق والفهم، يهدد بإفساد الذوق العام ويقوده نحو مسارات مشوشة.
تسعى هذه الوجوه الإعلامية لنقل السم في العسل، مقدمة صوراً مضللة تستهدف قيم الأسرة المصرية، وهذا يتجسد في الإعلام الذي يروج للتنمر والانحلال، متجاهلاً قيم الكرامة وعزة النفس، ودعوة الشباب إلى اعتناق المال كهدف أول، متناسين أهمية العلم والمعرفة، وإظهار رموزاً فاشلة على أنها خير قدوة للشباب، وعلي الجانب الآخر تسلب فرص النجاح من نماذج فذة ومبدعة في مجالات عدة، علمية وفنية على حد سواء.
اقرأ أيضاً: حين تصفو الحياة.. علامة رضا الله أم بداية غفلة؟
آن الأوان للتصدي للفيروس الإعلامي الذي يسمم روح المجتمع المصري:
آن الأوان للتصدي للفيروس الإعلامي الذي يسمم روح المجتمع المصري، فـ الإعلام مسؤولية عظيمة تتطلب مهنية عالية وأخلاقيات رفيعة، ويجب على المسؤولين عن هذا الكيان العظيم أن يعيدوا النظر في العديد من الأحداث الأخيرة، ويعملوا على وضع حد لهذه المأساة التي تسيء إلى الوجدان المصري وتشويه صورته.
إنها دعوة ملحة لكل المعنيين: “لنقف جميعاً في وجه هذا العدو الذي يسعى للنيل من قيمنا و أخلاقنا، و بناء إعلام يساهم في إنقاذ مجتمعنا من براثن هذه الأزمات، ويعيد له بريقه واعتزازه بتراثه وهويته المصريه الأصيلة.