المريض النفسي بين وصف العلاج وإدمانه … بقلم: جمال القاضي

المريض النفسي بين وصف العلاج وإدمانه

بقلم: جمال القاضي    

ولأن الحياه اصبحت غير ماكانت عليه في الماضي من بساطة وصفاء وهدوء، من بساطة العوامل التي تؤثر على النفس البشرية، ونظراً لما يتعرض اليه الكثير من البشر للضغوطات النفسية ومع كثرة هموم الحياة وضيق العيش والغلاء، صار معظم مانراه ممن حولنا من البشر يعاني من الكثير من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والكبت والقلق والتوتر النفسي وازدواج الشخصية، وغيرها من الأمراض النفسية والتي في جميعها ومع بقائها لفترات زمنية طويلة داخل الشخص المريض لواحدة منها او اكثر من هذه العوامل ومع ظهور أعراضها عليه دون علاج او ان يخبره احد الأشخاص بضرورة الذهاب للطبيب او المعالج النفسي قد يؤدي ذلك كله الى الوصول به لمنحنى خطير من المرض ممايجعله يشعر بالرغبة الداخلية في الإنتحار حيث انه لايرى تقدما ملحوظا في حالته النفسية التي صارت الأسوأ حين يقارن حالته النفسية بغيره .
وهناك مجموعة من التساؤلات التي يطرحها الكثير من المرضى النفسيين والذين قد خضع بعضهم للعلاج النفسي ولفترات طويلة تمتد في بعضها لسنوات وهو لماذا لانشعر بالشفاء التام مع هذا البرنامج العلاجي الذي يتم وصفه من قبل المعالج النفسي ؟ وهل سنظل مدى الحياه خاضعين لهذا العلاج؟ والى متى سينتهي هذا الكابوس المخيف والذي يهدد سعادتنا ويلقي بها في طريق اللاعودة ؟ وهل سنظل هكذا تستنزف أموالنا لشراء العلاجات الكيماوية التي يوصفها لنا المعالج النفسي او الطبيب ؟ ولما لانشعر بعد توقف العلاج بأننا صرنا نشبه غيرنا من الأشخاص الأسوياء ؟
نعم يدور في الأذهان مثل هذه الأسئلة وغيرها، لكن سأخبركم ببعض الإجابات التي ربما تفسر وتحلل النتائج ومنها نقف عند بعض الحلول ربما تساعد المريض النفسي
فبداية نقول ان الطبيب النفسي لايعالجك كمريض وانما يجعلك تعلم ماتعاني منه من مرض هو ايضا يجعلك تقف على حالتك المرضية بالتشخيص الدقيق لدراسته العلمية وماتحتاجه من عوامل تساعدك على الشفاء، وليس المعالج طبيبا بالضرورة، فقد يكون المعالج شخصاً من الأشخاص المقربين لنفسك من الأهل او الأصدقاء والعالمين لشخصيتك أو قد يكون الشحص المعالج هو الطبيب النفسي الذي تذهب اليه حين تفقد هؤلاء .
لكننا نرى ان بعض الأطباء النفسيين يخطيء في كثير من الأحيان حين يعتمد ويتعمد ويركز في علاجه على اعطاء المريض النفسي الأدوية الكيماوية اعتماداً كاملاً دون ان يكون هناك علاجاً سلوكياً متلازماً للعلاج بالعقاقير، حيث أن بعض هؤلاء الأطباء يكرر متعمدا ذات الأدوية للمريض النفسي ومنها على سبيل المثال لا الحصر كل من عقار
باروكستين وعقار كويتكول وعقار ميرتوفيوتال وعقار بوسبار وغيرها من العقاقير التي يتم وصفها في روشته العلاجية لعلاج المريض النفسي، وهذه الأدوية يقع دورها في التأثير على هرمونات خاصة تفرزها غدد متخصصة لافراز هرمونات السعادة مماتحسن من الحالة النفسية للمريض النفسي والتي تجعله يشعر وكأنه تم شفاؤه مما كان يعاني منه من مرض نفسي وأنه أصبح صحيحاً تماماً مثله مثل غيره .
وهنا الكارثة، حيث أن المريض أصبح مايشبه في حالته حالة المدمن للمخدرات، فلانوم يستريح فيه دون تناول هذه العقاقير قبله، فهو بخير بها وبحالة سيئة بدونها .
ومع تكرار الزيارت الطبية وتكرار وصف هذه العقاقير ومع اهمال الجانب السلوكي تزداد حالة المريض النفسي سوءًا، حيث انه أصبح على حالة جسدية سيئة للغاية نتيجة ادمان هذه العقاقير من ناحية ونتيجة زيادة وزنه من ناحية آخرى، فصار لإدمانه يستنزف المال لأنه لايستطيع التوقف عن تناول هذه الأدوية لارتباط العامل النفسي بها وحالته من السعادة التي يشعر بها مع تناولها، وسوء حالته حين ينظر لجسده الذي أصبح على حالة لايرضى بها من حيث زيادة الوزن، وعلى الجانب الآخر فهو لايعرف متى ينتهي علاجه عند أي وقت فيصبح في دائرة مغلقة مابين طبيب يتردد عليه ويكتب له نفس الأدوية، وبين أمل صار مفقوداً أمامه بأن هذا الطبيب يوما ما ربما في الجلسة القادمة أو التي بعدها يخبره بانه قد تم شفاؤه، فلاوميض من نور لفجر يشعر معه ان هذا قد يتحقق .
لكن لنا وقفة مع كل من المعالج النفسي او الطبيب النفسي اولا، ومع المريض النفسي ثانيا
فمع المعالج أو الطبيب النفسي نقول :
ان المريض النفسي هو شخص غريق، هو شخص قد ضل طريق الصواب، هو شخص فقير ليس كما تظن عنه انه يمتلك كنزاً راح اليك ليعطيك مفاتحه لتملأ منه حقائبك وتفرغ حقيبته هو من هذا المال، هو شخص يحتاج منك الأمل الذي صار يثق ويتعلق بك لتمد انت يديك اليه وتأخذ به للطريق الصحيح بهدوء، هو شخص يحتاج منك ان تعيد اليه ثقته التي أفقده المرض لها من بين يديه، فعليك ان تكن رحيماً بحاله محافظا على ماله وتهتم بالجانب السلوكي اكثر فكلما كان اهتمامك بالجانب السلوكي قلت الأعراض الجانبية المصاحبة لإدمان ماتصفه من علاج وعقاقير، عليك ان تخفض الجرعات التي تصفها تدريجيا مقابل زيادة الجرعات من الجانب النفسي وتقويم السلوك وإعطاء الثقة لهذا المريض .
وللمريض نقول ونخبره بأنك
عندما يمد اليك الطبيب النفسي يديه ليعالجك، فهو فقط يخبرك عن ماتعاني منه ليضع يديك على مرضك بالتحديد، لكن علاجك كاملاً لديك أنت وليس طبيبك كما تظن ظنا اعمى دون وعي، فأنت الذي تعالج نفسك وذلك يكون في ان تعيد لنفسك الثقة في أنك تستطيع، تستطيع ان تكمل طريقك بهذه الثقة، في أنك تحاول جاهداً أن تتجنب الأسباب التي أوقعت بك في بئر المرض، عليك أن لاتجلس في مكان تشعر فيه بالوحدة، عليك ان تشغل وقتك دائما، فالوحدة والفراغ باباً يتسلل منه المرض النفسي ليهاجم وينال من حالتك النفسية ويتركها تعاني ثم تنتهي بك هذه الحالة بسماعك اصواتاً داخليةً قائلة عليك بالانتحار، انت صرت منبوذا بين البشر، انت مريض وليس لحالتك علاج، ستظل هكذا حتى تموت، وغيرها من الأصوات القاتلة بداخلك،
عليك دائما ان تختار من يشعرك بالثقة وانت تعاني من حالة سيئة، عليك ان لاتترك موقفاً في عملك وفي تعاملك مع غيرك وفي حياتك دون ان تنتهي منه برد فعل يرضيك فبهذا الرضا انت تعيد لنفسك الثقة، عليك ان تتحدث دائما مع من تحب حتى لو كان لبعض من الوقت، فالحديث مع من تحب هو افراغ الشحنات السيئة خارج النفس، فهذا الإرشادات هي روشة علاجك، اما لو كنت عزيز المريض النفسي خاضعاًّ لبرنامج من العلاج بالعقاقير التي سبق وان وصفها لك الطبيب ومثل ماذكرت منها قبل، فيجب عليك ان تخفض تدريجيا تناولها حتى لاتدمنها وابحث لنفسك على طبيبا غير الذي يكرر لك نفس العقاقير فهو بها وبهذا التكرار لايعالجك وانما يستنزف مالك ووقتك وفقط،
وفي النهاية مهما تراكمت بداخلك المشكلات النفسية فهي اسباب للأمراض النفسية يجب ان نتخلص منها تدريجيا بالتقويم السلوكي .
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.