“الحكاية سعيدة”… يوسف المنصور يتألق علي خشبه المسرح السعودي
في ليلة مسرحية استثنائية علي خشبه مسرح مركز التنمية الاجتماعية بالقطيف، في المملكة العربية السعودية فاجأنا المخرج المسرحي المصري يوسف المنصور بعمل فني خارج عن المألوف بعنوان “الحكاية سعيدة”، ضمن برنامج ستار بدعم من هيئة المسرح والفنون الأدائية، انتاج وتنفيذ حسن الغانم من المملكه العربيه السعوديه
كتبت ريهام طارق
مسرح بلا حكاية تقليدية… لكنه لا يخلو من الدهشة
منذ اللحظة الأولى، يدرك المتفرج أنه لن يكون أمام عرض يسرد حكاية تقليدية، بل أمام تجربة فلسفية بصرية تعيد التفكير في مفهوم “الحكي” نفسه، كيف تبدأ الحكاية؟ هل للسعادة بداية أم نهاية؟ هل يمكن أن نحكي دون أن نُفسد الحقيقة؟ هذه الأسئلة كانت تتسلل في الخلفية، بينما كانت الشخصيات تتقاطع، تتكرر، و تتماهى مع الزمان والمكان.
اعتمد المنصور على نص جريء في بنائه، أقرب إلى “اللعب المسرحي” منه إلى السرد الخطي، تتكرر الجملة الأولى بصيغ مختلفة، وكأن العرض يريد أن يطرح فكرة أن الحكاية واحدة مهما اختلفت الزوايا، وأن السعادة ليست محطة بل لحظة مؤقتة داخل تيار الحياة، أبدع يوسف المنصور في توظيف الإضاءة والصوت والموسيقى كعناصر فاعلة في البناء الدرامي، وليس مجرد ديكور.
طاقم تمثيلي بحضور لافت
ضم العرض كوكبه من كبار نجوم المسرح السعودي الذين قدموا أداء مميزاً، عكس تمكنهم من أدواتهم و براعتهم في التفاعل مع النص المركب بصرياً وفكرياً منهم:
معالم البراهيم
ناصر عبدالواحد
حسن الغانم
سمر الزاكي
عبدالله الزين
رائد السنان
سلام السنان
قاسم المرهون
فاضل الحسن
آيات
نورة بنت عبدالعزيز
جود
ابراهيم أبو الأمثال
رفا
يوسف الغانم
اللافت أن يوسف المنصور، كمخرج، لم يضع الممثل كأداة تنفيذ فقط، بل كشريك فاعل في صناعة الحالة المسرحية كل حركة، كل صمت، كل جملة نُطقت على الخشبة كانت مدروسة، وكأنها تُؤدى للمرة الأولى في تاريخ المسرح، لكنها تحمل خلفها ساعات من التدريب والوعي.
الرؤية الفكرية: المسرح كأداة سؤال
“الحكاية سعيدة” ليست مسرحية تُغلق قوسها في النهاية بجواب، بل تفتح نوافذ عديدة للتفكير، اختار المخرج يوسف المنصور، كما في أعماله السابقة، أن يواجه المتفرج لا أن يُدلله، أن يهزّه لا أن يُخدره، واضعاً إياه أمام مرآة كبيرة لمفاهيم مثل: “السعادة، الحكي، المعنى، وتكرار الزمن”.
لا يمكن إغفال دور هيئة المسرح والفنون الأدائية التي قدمت الدعم الكامل لهذا العمل من خلال برنامج ستار هذا الدعم ليس مجرد تمويل، بل هو اعتراف رسمي بأهمية المسرح بوصفه أداة بناء وعي، وهو ما تجلى بوضوح في جودة الإنتاج، ومستوى التجهيزات، وسلاسة التنظيم.
يوسف المنصور… من المحلي إلى العربي:
أثبت المخرج المسرحي يوسف المنصور أنه ليس مجرد اسم واعد، بل هو أحد صُنّاع الخطاب المسرحي الجديد في الخليج، بين محاكمة “آرثر ميللر” في مصر، و”رحلة دولية” في السعودية، و”الحكاية سعيدة” اليوم، نحن أمام مخرج يُدرك أن الفن ليس مناسبة مؤقتة، بل مشروع تراكم وامتداد.
في النهاية ليست الحكاية مجرد عرض جديد في سجل المسرح السعودي، بل إعلان مسرحي واعٍ بأن الفن يمكنه أن يكون سعيداً فقط حين يواجه الألم بالسؤال، والضحك بالتأمل، والحكاية بالموقف.