منير و هالة الزيات و زعيم.. ثلاثي حقق المعادلة الصعبة في “ملامحنا”

هكذا يغني الكبار.. "ملامحنا" تؤكد أن منير ما زال الرقم الصعب

كتبت: ريهام طارق 

نعيش زمن باتت فيه الأغاني التجارية تتسابق على لقب “الأفضل”، رغم افتقارها لأبسط معاني الرقي والقيمة، وتنازلها أمام متطلبات السوق، يطل الكينج محمد منير كعادته، صوتًا أصيلاً في وجه الضجيج، ليؤكد مجددًا تمسّكه بمسيرته الفنية الراقية وحرصه الدائم على تقديم أعمال تليق بتاريخه العريق وجمهوره الوفي.

تُعد أغنية “ملامحنا” أحدث إبداعات الكينج محمد منير، وواحدة من أبرز محطاته الفنية الأخيرة، حيث مثّلت عودة استثنائية لصوت الطرب الأصيل، ليس فقط من الناحية الغنائية، بل أيضًا على المستويين الفكري والإنساني.

محمد منير، حين يُغني، لا يسمعه القلب فقط بل ينصت له العقل أولًا، بصوته الدافئ وأدائه العميق الذي يلامس وجدان المستمع، قدّم الأغنية وكأنه ينطق بلسان حالنا جميعًا. فجاء العمل في صورته النهائية أشبه بلوحة فنية متكاملة، يُحتفى بها صوتًا، وصورة، ولحنًا.

جاءت كلمات الأغنية بتوقيع الشاعرة الغنائية المتفرّدة هالة الزيات، التي خاضت هذه المرة تجربة مغايرة لما اعتاده جمهورها، إذ خرجت من الإطار الرومانسي التقليدي، واتجهت إلى أعمق زوايا النفس البشرية، كاشفة عن صراعاتها اليومية ومعاناتها الداخلية، بأسلوب شعري ينضح بالصدق والوعي.

صاغت هالة الزيات كلمات تنبض بالحساسية والصدق، عكست من خلالها ملامح الإنسان في وقتنا الحالي في ظل ما يعيشه من ضغوط وتناقضات نفسية واجتماعية، مستخدمة لغة تجمع بين البساطة والعمق في آنٍ معًا، وهو ما يُبرز تطورًا واضحًا في أدواتها الشعرية واتساعًا لافتًا في أفقها الإبداعي.

 

 

أما على صعيد التلحين، فقد جاء الملحن أحمد زعيم ليواصل سلسلة نجاحاته التي تألّق بها خلال السنوات الأخيرة، حتى بات اسمه ضمن قائمة أبرز وأهم الملحنين في الوطن العربي. وقد أظهر زعيم تنوعًا لافتًا في بصماته الموسيقية، متنقّلًا بين التوليفات اللايت، والدراما، والرومانسية، والموسيقى الإيقاعية، وفي أغنية “ملامحنا”، قدّم لحناً ناضجًا يحمل بصمته الخاصة، ويتماهى في الوقت ذاته مع الهوية الغنائية الفريدة لمحمد منير، مستحضرًا روح ألحانه القديمة التي نشأنا على حبها.

ما أنجزه أحمد زعيم في هذا العمل لم يكن بالمهمة السهلة، إذ نجح في تقديم لحن يحافظ على الشخصية الموسيقية للكينج محمد منير دون أن يتخلى عن هويته الفنية، في تجلٍ يحسب له كملحن يتمتع بوعي موسيقي حقيقي وذكاء فني عالي.

أغنية “ملامحنا” ليست مجرد إضافة جديدة إلى أرشيف الكينج محمد منير، بل هي عمل يؤكد أن الفن الحقيقي لا بد أن يحمل رسالة، وأن الكلمة حين تنبع من الصدق، واللحن حين يُصاغ بشغف، والصوت حين يكون واعيا و مدركًا لقيمة ما يقدمه، يمكن للأغنية أن تترك أثرا عميقا في وجدان الجمهور.

تحية تقدير لكل من ساهم في هذا العمل؛ للشاعرة الاستثنائية هالة الزيات، والملحن الإحساس وسفير الرومانسية أحمد زعيم، الذي لا يزال يواصل تحدي ذاته وتوسيع آفاق إبداعه، و الكينج محمد منير، الذي يبرهن في كل مرة أن الفن موقف، وأنه سيظل الرقم الصعب في معادلة الغناء العربي.

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.