المعاناة اللذيذة !! كيف تخلق لذة المعاناة ؟!

المعاناة اللذيذة !! كيف تخلق لذة المعاناة ؟!

” المعاناة اللذيذة “

لم يخطر على بالى فى يوم ما أن تُوصف المعاناة بأنها لذيذة ومعاناتى أنا بالذات ، كيف تكون لذيذة ؟!

بقلم : أ.د / جهاد محمود عواض

وبينما كنتُ أفكر فى شىء ما وأخذتنى العزة بالصمت فى ركنى النفسى الذى أتقوقع فيه عندما أشعر بمشاعر سلبية وجدتنى أردد عبارة ” كل حاجة زائلة إلا المحبة والسلام ”

فى حوار دار بينى وبين صديقى العزيز ودكتورى القدير فى جامعتى جامعة عين شمس الأستاذ الدكتور عبد المسيح سمعان فقد شاءت الظروف القدرية الجميلة أن تجمعنى به معاناة متمثلة فى مشاركتى له فى الإشراف على طالب من أجل الحصول على درجة الماجستير منذ عدة سنوات ومنذ هذا التاريخ عرفته عن قرب فى مناسبات علمية وثقافية أستاذا قديرا وصديقا أعتز به ….
فرد عليَ : اخترتى أهم قيمتين : المحبة والسلام وأنت صامدة أمام تحديات كثيرة ، خلينا متفقين أن الحياة معاناة لكن علينا أن نجعلها معاناة لذيذة ” ، فوقفت أمام هذا المصطلح ” معاناة لذيذة “

المزيد:البطل المهزوم …. لماذا إنهزم كل هؤلاء الأبطال؟!

وتأملته وقت الحوار وللأمانة العلمية هو مصطلح دكتور عبد المسيح ومن هذه اللحظة قال لى ارجعى لحالة الكتابة ويكون أول مقال لك عن ” المعاناة اللذيذة”
وها أنا الآن عزيزى القارئ استجيب للمطلب وأعود إليكم بالمعاناة اللذيذة
الحياة معاناة لكن علينا أن نجعلها معاناة لذيذة .

بداية أحب أن أقدم تحية التقدير والاحترام لمن استعاد نفسه بنفسه ولأجل نفسه من أجل تجاوز الإمتحانات على كافة الأصعدة ، أما المعاناة فكيف تكون لذيذة ؟
عندما بدأتُ أفكر فى كتابة هذا المقال لكى أعود إليكم فقد عانيتُ حتى تأتى لى حالة الكتابة ، وعندما بدأتُ فى كتابة السطور الأولى من المقال فقد وجدتُ اللذة تتسرب إلىً بالتدريج ، لذة الانتصار على نفسى والانتصار لقلمى .

وتكتمل اللذة عندما يكون هذا المقال بين يدى قرائى الأعزاء واستمع لرأيكم الذى انتظره بشغف ، وقتها فقط أشعر بلذة المعاناة وشغف الوصول لرحلة الاكتمال العاطفى والعقلى لنجاح وصول الكلمة .

” المعاناة اللذيذة “

لستُ من هواة تصدير الطاقة السلبية لبنى الإنسان ، على العكس من ذلك فأنا دائما أصدر كل ما هو إيجابى ، لكن حياتى تحولت فى الفترة الأخيرة إلى إمتحانات لا تنتهى.

إمتحانات فى كلية الألسن وخارج كلية الألسن ، إمتحان فى الثقافة إمتحان فى التعليم ، إمتحان فى تحمل قضاء الله فى الفقد ، إمتحان فى أن أصبح أكثر قوة وصلابة بعد كل إصابة وبعد كل فقد ، إمتحان فى المواجهة ، إمتحان فى الصبر على سخافات المجتمع الذكورى.

إمتحان فى حبس دموعى عندما يسقط القناع من على الوجوه ، إمتحان فى الصبر على الألم ، إمتحان فى الصبر على كل إنسان بيحكم على أعماقى وهو لا يرى إلا شاطىء فقط منى ، إمتحان فى أنى أظل متمسكة بمبادئى ومنظومة أخلاقية تربيت عليها مهما كلفنى هذا ، إمتحان فى محاربة كل ما هو فاسد ، إمتحان فى أيام صعبة وليس لدى القدرة لأصف مالى ولا قادرة أحكى ولا أتكلم ، وأصعب الإمتحانات فى حياتى :

هو كيف أننى أتحمل دماغى ومخى وطريقة تفكيرى ومخاوفى وشكوكى وعدم الشعور بالإطمئنان الذى أحاول أن أنشره …..
كل هذه الإمتحانات هى ” المعاناة فى أقصى حالات تجلياتها “
وحتى تجعلها معاناة لذيذة عليك النجاح بتفوق فى كل هذه الإمتحانات الهادرة والشاقة والعسيرة فالنجاح فى الإمتحان هو ” اللذة “
نعم أنا أنجح من الممكن أن تصاب بالتعويرة أو الإصابة أو البكاء أو الإحباط
لكن تنجح بعد المعاناة ، فاللذة هى أن تنتصر على نفسك وتنتصر على المجتمع وتنتصر على دماغك وتنتصر على من يعرقلك وتكون مواساتك لنفسك :

أن الله ما أحدث لى أمرا إلا لخير وما أحزنى إلا لخير ، وتعلمتُ أن الشمس تغيب لكن من الضرورى أن أحمل نورا فى قلبى حتى أظل :

جهاد التى تؤمن بأنه لا يبقى سوى المحبة والسلام والصداقة المبنية على الحب والناجح هو من يرى لذة الوصول فى ثباته ونقاء سريرته .

“المعاناة اللذيذة ” وبعد معاناتى فهل أنت تقرأ كلماتى الآن حتى أشعر بلذة وصول صوتى وكلماتى لقارئى
وهل أنا فشلت فى أى إمتحان دخلته ؟!
إليكم الحُكم !! وقبل أن ترفع الجلسة
احكى لى عزيزى القارىء عن معاناتك اللذيذة وإن لم تكن لذيذة فكيف تجعلها لذيذة ؟!

مزيد من القراءه:٣٠ يونيه ثورة شعب وسقوط خلافة
رفعت الجلسة ….. جهاد

بقلم : أ.د / جهاد محمود عواض
أستاذ الأدب المقارن والنقد الأدبى الحديث بكلية الألسن جامعة عين شمس
عضوة لجنة الفنون والآداب بالمجلس القومى للمرأة

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. رائف ملاك يقول

    الاخت الفاضلة الاستاذة الدكتورة جهاد
    قلما قرأت مقالا صادقا ينطق من عمق المعاناة البشرية كمقالك المليء بالمشاعر الانسانية. نعم، ما اكثر المعاناة، لكن مع الالم تأتي نعم و خيرات، اذ يتواجد الله في عمق الالم، و يبصره القلب رؤيا العين. ان تنام مظلوما افضل الف مرة من ان تنام ظالما، لان الله في صف المظلومين. و إذا خير الانسان بين مبادؤه و مصلحته، فالأصيل هو الذي يفعل ما فعلت.
    احيييك دكتورة جهاد، فخر لجامعة عينيني و تاج للمرأة المصرية
    تحياتي
    د رائف