المقابله …حوار أجراه:… أحمد طايل

المقابله

حوار أجراه:…أحمد طايل

 

هناك أمر لابد أن يعرفه الجميع، هو خاص بى، ولكن واثق أنه لدى الغالبية العظمى من المثقفين والمفكرين، أن أجمل لحظاتى هى عندما اعيش بين بساتين الإبداع بكل روافده، أشعر كأننى حال معايشتى هذه الأوقات أنى اسقط عن كاهلى أعواما كثيرة، أعود صبيا، طفلا، أضخ دماء جديدة إلى أوردتى، أتذكر حينما كنت أغلق باب حجرتى، لا أخرج منها إلا بعد إلتهام كتاب أو أكثر، مستمتعا، مستوعبا، مضيفا إلى أفكارا، ورؤى، أتجاهل كل الطرقات والصرخات للخروج، القراءة تنسينى كل شئ، هى لدى هواء ينعشنى، اهم من أى غذاء آخر، ومن هنا كانت جوالاتى الدائمة ببحور وبساتين الكتابات على تعدد مصادرها، ومضامينها، لكى تفهم الحياة لابد لك من رصيد معرفى كبير، كلما زادت معرفتك، كلما أنت راسخ وثابت، ومتمكن من ذاتك، أيضا أعشق كتابات الأخريين، مصريين وعرب، قد أتوافق او لا أتوافق معهم برؤياهم، فقط بكلتا الحالتين أنا فائز، حوارى هذا مع كاتب أردنى، مهتم بأجناس إبداعية متنوعة، سوف نبحر سويا معه، محاولة جادة لإكتشاف عوالمه، الكاتب الصديق(محمد حسن العمرى).

*******

أحمد طايل : إذا أردنا التحليق بفضاء العالم الخاص بكم، إنسانيا، إبداعيا، إصدارات، ماذا ستنبئنا بالمعلوم وغير المعلوم عنكم؟

محمد حسن العمري: ولدت في قرية صغيرة بشمال الأردن، اسمها كفركيفيا، الناس جميعا تعرف بعضها، ولذلك سرد الحكايات والاستماع لها بالنسبة لي كان حالة اجتماعية، كانت هي نواة عملي السردي، درست الصيدلة بالجامعة الأردنية وأعمل بالقطاع الدوائي منذ تخرجي قبل نحو ثلاثين سنة، بدأت بكتابة المقال والنص الأدبي منذ ثلاثين سنة أيضا عندما كنت طالبا بالجامعة، نشرت أول عمل روائي عام 2008 رواية (وهن العظم مني) وتدور أحداثها حول التيارات السياسية في الجامعة الأردنية في التسعينات، ثم نشرت رواية (من زاوية أنثى) عام 2009 حول الحياة اليومية التفكيكية لرجل السياسة، تحكي قصة وزير أردني يشتبك بقصتي حب باذختين، ثم نشرت هذا العام 2022 رواية للصغار يقرأها الكبار عنوانها (إحدى عشرة دجاجة)
في الطريق عملين روائيين عن تابوهات المجتمع الأردني والمسكوت عنه في قضايا شائكة، اجتماعية وسياسية!

= أحمد طايل:
البيئات التى يعيش بها أى صاحب قلم وتحربة هى حجر الأساس فى تكوين وبلورة شخصيته، إبداعه، حدثنا عن تاثير البيئة والنشأة فى كتاباتك، وعلى شخصك؟

محمد حسن العمري:
نعم كتبت الرواية من البيئة وهي مادة الرواية الأولى حيث درست في الجامعة فانتزعتها مادة للرواية، ثم كانت الرواية الثانية كذلك خلطت بين ما عشته في بيئة القرية وبيئة المدينة، ثم كانت الرواية عن عالم الدجاج الذي هو واقع ريفي لا يمكن الفكاك منه، اما الشخصية فالبئية الريفية تصنع انسانا أكثر هدوءا وانضباطا من نزق من يعيش في المدينة وصخبها، وهذا ما اعتقده!

احمد طايل:
متى تولد إليك الإحساس بأن داخلك بدايات لكاتب؟

محمد حسن العمري : أظن أن هذا الشعور تولد لدي وأنا أكتب مواضيع الإنشاء في المدرسة حيث كات تلقى اهتماما خاصا من السادة المدرسين.

أحمد طايل:
أول قارئ لك، وما رد فعله؟ وأول كاتب أيضا؟

محمد حسن العمري:

ربما كان أول قارئ لي هو أستاذ العربية في المدرسة، وكان يجلس معي أوقات طويلة لمراجعة ما أكتب، أما أول من قرأت أنا له أظنه الروائي المصري عبد الحليم عبد الله، شجرة اللبلاب، شمس الخريف، بعد الغروب، لقيطة، الجنة العذراء، كلها كانت مادة عذبة باللغة والتصوير الفني وخصوبة الخيال.

أحمد طايل:
التجول بين الشوارع، الحوارى، الأزقة، والتحول من عمر إلى عمر، جعلك راصدا لحكايات، ومشاهدات، وسمعيات متعددة المصادر، وتنوع طرقها، ماذا لديك عن هذا، ومردوده عليك؟

محمد حسن العمري:
أظن أنني التقط بشغف التفاصيل من كل ذلك، من جمعات الناس، من الشوارع، من الشجار الذي يقع أمام عيني ،
تطور الزمن منذ الثمانينات الى اليوم كان يكبر أمام عيني وأسجله، من الحرمان شبه الكامل إلى الوفرة والصعود في كل شيء إلى أن وصل اليوم هذا العالم الرقمي المخيف!

أحمد طايل:
= الصحافة المدرسية، وإذاعة الصباح، حصص المكتبة، ومسابقاتها، مدى تأثيرها على موهبتك وملكتك الابداعية؟

محمد حسن العمري:
كنت ناشطا في الإذاعة المدرسية ومسابقات المطالعة وزبون دائم لدى مكتبة المدرسة، لكن ذلك كان بشكل أكبر في الجامعة حيث بدأت النشر المطبوع في مجلات أردنية وعربية كثيرة، في الجامعة كانت الأجواء السياسية اكثر انفتاحا وانعكست على كتابتي.

أحمد طايل:
إصدارك الأول، كيف كان إستقباله منك، من محيطك الأسرى، من القراء، من النقاد، من النوافذ الإعلامية؟

محمد حسن العمري:
عام 2008 أصدرت رواية ( وهن العظم مني ..حوارات أجيال من بوابة الجامعة الأردنية)
عائليا مؤكد أنه لاقى ترحيبا حميما، على المستوى العام، كانت الرواية قد صدرت عن دار أزمنة وصاحبها الروائي الراحل الياس فركوح، كان يقول لي أنها الأكثر طلبا، كتب عنها الكثير من المقالات وقتها، أتذكر كتب عنها الأستاذ إبراهيم غرايبة مقالا في صحيفة الغد والأستاذ ياسر الزعاترة في جريدة الدستور والدكتور يوسف ربابعة في ملحق الرأي الثقافي، وكتب عنها أيضا وزير الثقافة الدكتور محمد أبو رمان في الغد كذلك، وكتب عنها أيضا الدكتور أحمد جميل عزم مقالا مطولا في الغد كذلك، كان هذا بالنسبة لي نقلة نوعية على صعيد ولوج عالم الكتابة خارج حدود التجربة الصحافية المحدودة.

أحمد طايل:
حينما تجلس أمام مكتبك، تمسك بالقلم، تفتح أوراقك، تبدأ بالكتابة، ما الأهداف التى تكون أمام بصرك ؟

محمد حسن العمري:
تكون الفكرة قد تكونت لدي قبل أن أمسك القلم، ربما قبل الكتابة بساعة أو بيوم أو ربما بشهر، تتكون الفكرة من تلقاء نفسها..!

أحمد طايل:
ما حلمك التى تتمناه من خلال الكتابة ؟
محمد حسن العمري:
فقط أن أقول ما عندي ليس إلا.

أحمد طايل:
هل وجدت نقدا يرحب بك، وكيف هى رؤيتك للنقد، هل له دور يساعد على إثراء الحياة الثقافية ؟

محمد حسن العمري:
وجدت الكثير من النقد المنشور على ما أكتب، إيجابا وسلبا، كله يعنيني وأنظر له بعين الرضى والتحليل…

أحمد طايل:

المنظومة الثقافية، أو المشهد الثقافى الراهن، كيف تشاهده، اقليميا، عربيا، عالميا؟

محمد حسن العمري:
عربيا المشهد الثقافي مظلم جدا، أدب الرصيف والكتابة وفق ما يريده المتلقي والمنتديات الثقافية حيث تتكرس الشلل والمجاملات والجوائز الترضية..
عالميا المشهد الثقافي الكتابي أيضا يتراجع لصالح السينما وعالم السوشيال ميديا لكنني لست متابعا بشكل حثيث.

أحمد طايل:
= السيرة الذاتية، صارت سائدة، هل ترى ضرورية وجود مقومات محددة لهذا النوع من الكتابة ؟

محمد حسن العمري:
السيرة الذاتية العربية ليست سوى كذب وتدليس وتجميل لواقع غير حقيقي، وخصوصا إذا صدرت عن المثقف السياسي، أظن لو ينتهي هذا النوع من الكتابة أفضل للجميع.

أحمد طايل:
كتبت لليافعين، أراه من أصعب الكتابات، حدثنا عن تجاربك بهذا المجال؟

محمد حسن العمري:
نعم صحيح صعب جدا، كتبت رواية إحدى عشرة دجاجة: رواية للصغار يقرأها الكبار…ما لم أستطع كتابته بالأدب الصريح كتبته فيها رمزيا.

أحمد طايل:
= كيف ترسم شخصيات رواياتك وقصصك قبل ان تضعها على الورق؟

محمد حسن العمري:
غالبا أجعل الشخصية تتقمص شخصية حيقيقة في ذهني، وهذا ما يجعلني أتصورها حقيقية تماما وأقتنص تركيب الشخصة من النسخة التي كونتها في الذهن.

أحمد طايل:

كاتب وكاتبة كنت تتمنى أن تراهم حقيقة، ولماذا؟

محمد حسن العمري:
نجيب محفوظ قطعا، ببساطة لأن ما يكتبه يملأ رأسي كما يقولون!

أحمد طايل:
ما المشروع الذى تتمنى إنجازه ويكون تتويجا مسيرتك؟

محمد حسن العمري:
روايتان تصوران تابوهات المجتمع الأردني بتركيبتيه من الأصول الفلسطينية والأردنية.

أحمد طايل:
المحافل والمؤتمرات الثقافية، والمسابقات، والجوائز. هل تمتثل للتقارب السياسى لا أكثر؟

محمد حسن العمري:
هي كذلك فعلا!

أحمد طايل:
ما مدى التاثيرات المجتمعية والسياسية على كتاباتك؟

محمد حسن العمري:
أنا لا أكتب إلا من خبايا المجتمع، أحاول أن أحفره ما استطعت!

أحمد طايل:
ما نظرتك للعولمة الثقافية ؟
محمد حسن العمري:
أعتق الشبكة العنكبوتية تفرض على العولمة الثقافية أن تتجه لأن تصبح واقعا يجب أن نكون جاهزين لعبوره نحن العرب..
إلى الآن لا يوجد منظومة عالمية قوية تقرأ للعرب، اللهم إلا من الكتاب العرب الذين عاشوا في المهجر، مثل ادوارد سعيد وأركون وأمين المعلوف و بن جلون مثلا..

أحمد طايل:

كيف نكون على توازن مع الثقافات الغربية ؟

محمد حسن العمري:
أن نكتب أدبا إنسانيا يستحق التقدير، وأن ننقل قضايانا بدون تطرف.

أحمد طايل:
=الترجمات من العربية وإلى العربية هل تتمتع بامانة الترجمة ونقل رؤى الكاتب الحقيقى؟

محمد حسن العمري:
غالبا هذه تقع على عاتق المترجم، أحيانا أقرأ كتابا له ترجمتين مختلفتين كل واحدة تأخذك إلى فكرة مختلفة بحسب لغة الكاتب المترجم وليس الكاتب الأصل!

أحمد طايل:
= ما مدى الحلم عندك، إنسانيا، إبداعيا؟

محمد حسن العمري:
أحاول لا أحلم كثيرا، وأكون واقعيا ابن يومي فقط!

أحمد طايل:
هل الكاتب لابد أن يكون طموحه بلا سقف محدد؟

محمد حسن العمري:
أحسب أن يكون واقعيا ويحدد سقفه بما يحتمل العالم من حوله.

أحمد طايل:
هل أنت راض عن منجزك الإبداعي ؟

محمد حسن العمري:
حتى اللحظة لا، أحاول أن أصل الى هذا الرضى لاحقا.

أحمد طايل:
مصادر فكرية أخرى تبحث عنها دائما دون القراءات الأدبية؟

محمد حسن العمري:
أقرأ في السياسة والفكر والدين والفن…وأحاول أن أشارك ما استطعت في المهرجانات واللقاءات في كل الاتجاهات .

أحمد طايل:
دور الثقافة بمجتماعتها، هل لها دور فعلى ومؤثر، أم أن دورها غائب، وكيف نحيي دورها المطلوب؟

محمد حسن العمري:
الثقافة عربيا ليست سوى اكسسوار ..لا تحظى بأي سند حكومي أو شعبي..
ربما يكون هذا مهمة الطرفين الحكومات والمثقفين معا.

أحمد طايل:
= قبل ذهابك لأى من معارض الكتب، هل تحدد أسماء معينة لإقتناء اصداراتها، وأسبابه؟

محمد حسن العمري:
إطلاقا..أفتش عن الغريب والجديد غالبا.

أحمد طايل:
لو توليت مسئولية الثقافة، ما الذى سوف تخطه من مشروعات وتوصيات؟

محمد حسن العمري:
لا أتمنى أن أتولى ذلك! ولا أسعى له، ولذلك ليست في رأسي أي توصيات.

احمد طايل:
رسائلك الخاصة:..
= الأب، الأم، معلمك الأول، الزوجة، الأبناء، إليك انت.

محمد حسن العمري:
الأب والأم في ملكوت الله اأتمنى أن يكونوا راضين عني فقط، معلمي الأول أستاذ لغة عربية رحل هذا العام أيضا إلى الله، قال لي عند كتابة موضوع الإنشاء: هذه كتابات أدباء وليست طلابا، أتمنى أن يكون هو كذلك راضيا مرضيا،
الزوجة والأبناء: أن يصبروا علي قليلا حتى أستطيع أن أكتب..ولي أنا أيضا أن امتلك طولة البال حتى أستطيع أن أكتب.

أحمد طايل:
رسائلك العامة:..
= الثقافة العربية، المثقفين على عموم كتاباتهم، النقاد. القراء ، دور النشر، الصحافة الأدبية، الجوائز العربية، الكتاب الجدد.

محمد حسن العمري:
الثقافة العربية : الاعتدال ثم الاعتدال والبعد عن العنصرية..
المثقفون على عموم كتاباتهم: بعضا من الموضوعية والمصداقية حتى لا يخسركم الناس..
النقاد: النقد من أجل الأدب لا من أجل الصداقات أو العداوات

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.