حفل ختام المهرجان القومي للمسرح إبداع يتجاوز الحدود ورسالة تستحق الانتباه

شرط تحديد عمر الكاتب غير منطقي و ساذج إلى حد بعيد

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري  إبداع تجاوز الحدود ورسالة انذار بالخطر تستحق الانتباه:

اختتمت الدورة السابعة عشرة من المهرجان القومي للمسرح المصري، والتي تحمل إسم سيده المسرح العربي الفنانة القديرة سميحه ايوب ، بحفل ختام استثنائي بدار الأوبرا المصرية، شكّل لوحة فنية متكاملة تألقت في سماء الفن المصري، كان الحفل بمثابة تتويج لنهاية مشرفة لهذا الموسم ، حيث أُختتم بعرض استعراضي فريد نسجت خيوطه الكلمة القوية والألحان الساحرة ، والأداء المبهر والإخراج المتقن بعنوان ” ذاكرة المسرح”، أزياء: أميرة صابر، ديكور : محمد الغرباوي، استعراضات: عمرو باتريك، وبطولة أحمد السلكاوى و هايدي عبد الخالق.

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

 

المخرج إسلام إمام
المخرج إسلام إمام

عرض، “ذاكره المسرح”، الذي حمل توقيع الشاعر والكاتب الكبير طارق علي، وترجمته رؤية إخراجية مبتكرة للمخرج الكبير إسلام إمام، أخذ الجمهور في رحلة بصرية و سمعية تجاوزت حدود المتوقع، ليتحول الحفل إلى تجربة حية من الدهشة والإعجاب.

ومع كل مشهد، كانت ألحان الموسيقار يحيى نديم تصنع خلفية موسيقية ساحرة، تضيف عمقًا و أبعادًا جديدة للتجربة المسرحية. استطاعت موسيقى نديم أن تمسك بخيوط المشاعر، و تدمجها بتناغم دقيق مع أحداث العرض، لتصبح نبضًا حقيقيًا يربط بين النص، الأداء، والإخراج، مما جعل الجمهور يشعر بانسجام تام مع كل لحظة على المسرح.

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

 

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

لم يكن لهذا العرض أن يكتمل دون الأداء المذهل للفنانه هايدي عبد الخالق والفنان أحمد السلكاوي،  الذي جسد شخصية مليئة بالصدق والعمق، كما عوّد جمهوره دائمًا، علي حضوره القوي علي خشبه المسرح، وقدرته الفائقة على التعبير عن المشاعر، أسر قلوب الحاضرين منذ اللحظة الأولى، كان أداؤه مشحونًا بطاقة فنية عالية، جعلت كل حركة وكلمة تنبض بالحياة وكأنها تنطق بلسان حال الجمهور نفسه، بفضل هذا الصدق المتجذر في أدائه، يظل أحمد السلكاوى فنانًا يترك بصمته العميقة في ذاكرة كل من يشاهده.

الفنان أحمد السلكاوى
الفنان أحمد السلكاوى
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

عرض ذاكرة المسرح يكشف عن داء المسرح المصري:

نجح العرض الاستعراضي،”ذاكره المسرح”، أن يلامس قلوب الحاضرين ويشعل فيهم شرارة الفكر، فقد تناول موضوعاً حساساً و هاماً يعاني منه المسرح المصري منذ سنوات؛ ألا وهو إهمال توثيق الأعمال المسرحية، هذا الإهمال يضعف من تأثير المسرح كأداة فنية وثقافية في المجتمع، حيث يُقدر عدد الأعمال المسرحية التي تُقدَّم سنويًا بالمئات، إلا أن معظمها لا يتم تصويره أو توثيقه بشكل صحيح، ما يحرم الأجيال القادمة من فرصة التعرف على هذا الإرث الفني الثري.

تجلت الرسالة بوضوح في كلمات وأشعار طارق علي، التي حملت صرخة تنبيه قوية للمسؤولين والقائمين على مستقبل الثقافة والمسرح في مصر، فمن غير المقبول أن تظل هذه الأعمال، التي تعكس وجدان الأمة وحضارتها، حبيسة الذاكرة الشخصية للمشاهدين دون أن يكون لها أثر ملموس في مكتبة المسرح المصري، وقد عبر المخرج المبدع إسلام إمام عن هذه القضية من خلال رؤيته الإخراجية التي تجسدت في الاستعراض، مؤكدًا على ضرورة التغيير والحاجة الملحة للتوثيق الفعّال.

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

إن أهمية رسالة توثيق وتصوير العروض المسرحية لا تتوقف عند حدود المهرجان القومي للمسرح المصري فقط ، بل تتعدى ذلك إلى مناشدة حقيقية للقيادات الثقافية، وعلى رأسها معالي وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو، هل يستجيب المسؤولون لهذه الدعوة الصادقة؟ هل سيشهد المسرح المصري اهتماماً أكبر بتوثيق أعماله، ليصبح مرآة حقيقية لمجتمعها وأداة فعّالة في الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية؟

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

نداء لكل من يهمه أمر المسرح والفن في مصر:

إن الإجابة على هذه التساؤلات ليست بيد الكاتب والشاعر طارق علي أو المخرج إسلام إمام فقط، بل هي مسؤولية الجميع؛ كل من يهتم بالفن والثقافة في مصر.

المسرح المصري يحتاج إلى جهود جماعية للحفاظ على ما يقدم من أعمال وإبداعات، وإلى سياسات واضحة تجعل من التوثيق جزءًا لا يتجزأ من عملية الإنتاج المسرحي.

ما قدمه طارق علي وإسلام إمام في هذا الحفل الختامي ليس مجرد عرض، بل هو نداء لكل من يهمه أمر المسرح والفن في مصر.

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
عرض ذاكرة المسرح من حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
عرض ذاكرة المسرح من حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
الفنان محمد رياض رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري
الفنان محمد رياض رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري

 

أيضا خلال حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري ، صرح رئيس المهرجان، الفنان محمد رياض، بعدد من التصريحات كانت محور نقاش واسع بين المهتمين بالفن المسرحي، وكانت أهم ضمن هذه التصريحات أنه تم تصوير أربع عروض فقط من أصل 34 عرضا تم تقديمها خلال فعاليات المهرجان، واعتبر ذلك إنجازا كبيرًا، لكن هذا التصريح أثار في نفسي العديد من التساؤلات والاستغراب أيضا، هل تصوير أربع عروض فقط من بين 34 عرضًا يعتبر إنجازًا بأي حال من الأحوال.

اقرأ أيضاً: هالة الزيات تعيد الرومانسية في الأغنية العربية وتحيي زمن الفن الأصيل

محمد رياض رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري
محمد رياض رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري

إذا نظرنا بموضوعية إلى ما قاله رئيس المهرجان، نجد أنه يشير إلى إهمال واضح في توثيق الأعمال المسرحية التي تم تقديمها، فكيف يعقل أن يتم تصوير أربع عروض فقط، بينما يتم إغفال توثيق 30 عرضًا آخر؟ هذه العروض التي تعكس تنوعًا و ثراء فنيا، تركت لتذهب أدراج الرياح دون توثيق أو تسجيل يحفظها للأجيال القادمة.

هذه النسبة الضئيلة من التوثيق تثير تساؤلا مهما: كيف يمكن للمسؤولين عن المهرجان أن يعتبروا هذا “إنجازا”؟ وما هي المعايير التي يتم بها تقييم نجاح المهرجان إذا كان الجزء الأكبر من الأعمال المسرحية يظل غير موثق؟

وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو مع رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري
وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو مع رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري

التوثيق ليس رفاهية، بل هو جزء أساسي من الحفاظ على التراث الثقافي:

إن تصوير عدد ضئيل من العروض لا يعكس سوى جزء بسيط من الجهد المبذول طوال المهرجان، ويعد تجاهلاً صارخا للأهمية الكبرى التي يحملها التوثيق في حفظ تاريخ المسرح المصري.

إن هذا الوضع يدعو إلى إعادة النظر في سياسات التوثيق والتسجيل المعتمدة خلال المهرجان، ويؤكد الحاجة الملحة إلى استراتيجية شاملة تضمن تسجيل جميع العروض المسرحية المقدمة، فـ التوثيق هنا ليس رفاهية، بل هو جزء أساسي من الحفاظ على التراث الثقافي والفني لمصر.

اقرأ أيضاً: يوسف أيمن: ممدوح حسن و Carlos Acosta قدوتي ومصدر إلهامي

الكاتب الكبير أنور عبد المغيث
الكاتب الكبير أنور عبد المغيث
تكريم الكاتب أنور عبد المغيث
تكريم الكاتب أنور عبد المغيث

إلى جانب القضايا التي أثارها المخرج إسلام إمام والشاعر طارق علي حول أهمية توثيق الأعمال المسرحية، جاءت نقطة هامة أخرى فجرها الكاتب الكبير أنور عبد المغيث، رئيس لجنة النصوص المسرحية في حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري ، والتي تتعلق بشروط اختيار النصوص المسرحية المقدمة للمهرجان.

لقد أعرب أنور عبد المغيث عن استياءه الشديد ورفضه شرط يقضي بألا يزيد عمر الكاتب المتقدم للمشاركه بالمهرجان القومي للمسرح المصري عن 40 عامًا، وهو شرط أراه غير منطقي و ساذج إلى حد بعيد.

فما المعنى من حصر الإبداع المسرحي في سن معينة؟ هل تتوقف الموهبة عند الأربعين؟ بالتأكيد لا! هناك العديد من الكتّاب الذين تتفتح موهبتهم بعد هذه السن، ومن الظلم أن يحرموا من فرصة المشاركة والتنافس في هذا المهرجان بسبب شرط العمر، إن المسرح بحاجة إلى نصوص ثرية تعكس قضايا المجتمع وتلامس هموم الناس، وهذا لا يتطلب سنًا معينة، بل يتطلب موهبة وقدرة على التعبير بصدق وواقعية.

و وضع شروط تحدد عمر الكاتب قد يحرمنا من نصوص قد تكون الأعمق و الأكثر تأثيرا، سواء أكان الكاتب في الخامسة عشرة من عمره أو السبعين، الأهم هو جودة النص وقدرته على حمل رسالة هادفة تخدم المجتمع وتناقش أهم قضاياه بجرأة وواقعية.

هل نحن هنا نبحث عن إبداع حقيقي أم عن تقييد الإبداع بشروط غير مبررة؟ هذا سؤال آخر نحتاج إلى إجابة واضحة عليه من القائمين على المهرجان.

كما أوصي الكاتب أنور عبد المغيث بزياده الميزانية الخاصه بالمهرجان القومي للمسرح المصري، حيث أكد أن الميزانية المقرره محدوده وضعيفه بالنسبه لحدث هام وقومي مثل المهرجان القومي للمسرح المصري.

اقرأ أيضاً: عزت زين مبدع تأخر ظهوره، لكنه عندما أتيحت له الفرصة ظهر أستاذًا

تكريم الكاتب انور عبد المغيث في المهرجان القومي للمسرح المصري
تكريم الكاتب انور عبد المغيث في المهرجان القومي للمسرح المصري

في النهاية، السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستتم مراجعة هذه الأخطاء في المستقبل؟ هل سيتخذ المسؤولون الخطوات والحلول اللازمة لضمان توثيق كل عرض مسرحي يقدم في المواسم القادمة، والرجوع عن عدد كبير من القرارات التي لا تمثل إلا قيد للابداع والفن؟ هل هناك من سيعمل على تنفيذ التوصيات المقترحة في الموسم المقبل؟ الإجابة على هذا السؤال هي ما نحتاج إلى سماعه من قِبل القائمين على الثقافة والفن في مصر.

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري
حفل ختام المهرجان القومي للمسرح المصري

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.