في ليلة النصف من شعبان.. قلوب تناجي السماء و تغتسل بنور الحب الإلهي

حب من نوع آخر

في ليلةٍ ظنها العاشقون عيدا لهم، أدركت أنها عيد آخر… عيد تشرق فيه الروح بنورٍ لا يخبو، ويتجلى فيه حب لا يدانيه عشق. 

بقلم ريهام طارق 

عرفت حب يسمو فوق كل هوى، ويرتقي عن كل رغبة، حب لا ترويه القصص، ولا تبلغه الكلمات، إنه حبك أنت يا الله… الحب الأزلي الذي لا يذبل، و النور الأبدي الذي لا ينطفئ، و الرحمة التي تغمر القلب فلا يضلّ بعدها أبدًا.

يا ليلة النصف من شعبان، يا صفحةً مضيئةٌ في ديوان الزمان، تتلألئين بأنوار الرحمة، وتفيضين بنسائم الغفران. فيكِ تتجلى رحمةُ الرحمن، وفيكِ تنحني السمواتُ لفيضِ كرمه، إذ ينادي ملكُ الملوك، واهبُ العطايا: “هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من صاحب حاجةٍ فأقضيها؟”

يا ليلةَ الوعدِ الإلهي، كيف لا تخشع القلوبُ لجلالكِ، وكيف لا تترقّب الأرواحُ نداءكِ، وأبوابُ السماء مفتوحة، والرحمةُ تسبقُ القضاء، والعطاءُ بلا حدود؟

فرفعتُ دعائي بقلبي قبل كفِّي، وانسكبت روحي بين يديك يا الله، ناجيتُك بحبٍّ لا يذبل، و بشوقٍ لا يهدأ، و بثقةٍ لا يخبو نورها.

جئتُك لا أسألُ إلا رضاك، ولا أرغبُ إلا بقربك، ولا أرجو إلا رحمتك، حبِّي لكَ يا إلهي لا يحدُّه زمن، ولا يُضعفه متعه دنيا، حبٌّ يتجدد في كل نبضة بقلبي، ويسري في كل نفس، حبٌّ لا تغيّره الأيام، ولا تنقصه الابتلاءات… حبّك يا الله، هو النور الذي يهدي، والرحمة التي تحتويني، واليقين الذي يملأ قلبي حياةً وطمأنينة.

في هذه الليلة التي حسبها العشّاق موعدًا للورد واللقاء، أدركتُ أن للحبِّ معنى أسمى وأعظم، حبًّا لا تُدركه الأعين، ولا تحدّه المشاعر المؤقتة، فكل شيئ مؤقت وفان الا حبك أنت خالد لن يموت.

إنه الحبُّ الذي تسكن به الأرواح بين يدي خالقها، حين تمتدُّ الأكفُّ إلى السماء، لا تبتغي إلا القرب منه، وحين تهمس القلوبُ بالأمنيات لمن لا يُعجزه شيء، وتفيض الأرواحُ بالرجاء لمن لا يردُّ عبدًا طرق بابه، هنا، في سجدةِ قلبٍ خاشع، وفي دعوةٍ تخرجُ من أعماق الروح، يتجلّى الحبُّ الحقيقي، الحبُّ الذي لا يخبو، ولا يخذل، ولا ينتهي… حبٌّ يربط الأرض بالسماء.

وها هو قلبي يا الله يذوب خشوعًا بين يديك، تفيض عيناي بدموع الشوق لرؤيتك، وتأنس روحي بطمأنينة قربك. كيف لا يسكنني السلام وأنت معي؟ كيف لا يملأني اليقين وحبك يحتويني؟ بك أحيا، وعليك أتوكّل، وبرحمتك استبشر، فأغفو مطمئنًا بوعدك الكريم، وأوقن أن يد عنايتك لا تغيب، وأن نور رحمتك لا ينطفئ أبدًا.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.