النفاق و المنافقين بقلم الكاتب محمد الدكرورى
النفاق و المنافقين بقلم الكاتب محمد الدكرورى
الحمد لله رب العالمين، و العاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، و اشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى و يميت، وهو على كل شيء قدير، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم.
النفاق و المنافقين
أما بعد إن الحديث عن النفاق و المنافقين سواء في السابق أو في اللاحق، حديث يبدأ ولا ينتهي، فقد جاء الحديث عنهم في أكثر من نصف سور القرآن المدنية، إذ ورد ذكرهم في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة واستغرق الحديث عنهم ما يقرب من ثلاثمائة وأربعين آية من كتاب الله العزيز، حتى قال الإمام ابن القيم رحمه الله كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم، ولقد صدر ربكم سبحانه أطول سورة مدنية في القرآن.
وهي سورة البقرة بذكر صفات المنافقين و التحذير من خطرهم، فذكر سبحانه في المؤمنين أربع آيات وفي الكفار آيتين وفي المنافقين ثلاث عشرة آية وذلك لكثرتهم وعموم الإبتلاء بهم وشدة فتنتهم وبليتهم على الإسلام وأهله، فهم كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى منسوبون إليه، أي الإسلام، وهم أعداؤه على الحقيقة يخرجون عداوته في كل قالب حتى ليظن الجاهل أنهم على علم وإصلاح.
فـ يالله كم من معقل للإسلام هدموه وكم من حصن قد قلعوا أساسه وخربوه وكم من علم قد طمسوه وكم من لواء مرفوع قد وضعوه وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية ويزعمون بذلك أنهم مصلحون.
فيا أيها المسلمون إن اليهود أعداؤنا والنصارى أعداؤنا والرافضة أعداؤنا ومع عداوة هؤلاء وكيدهم لنا إلا أن المولى سبحانه حصر العداوة بالمنافقين في قوله تعالى سبحانه وتعالي ” هم العدو فاحذرهم ” وذلك لإثبات الأولوية والأحقية للمنافقين بهذا الوصف ولا يراد منه كما يقول ابن القيم رحمه الله “لا يراد منه أنه لا عدو من الكافرين سواهم بل المعنى أنهم أحق بأن يكونوا لكم عدوا من الكافرين المجاهرين بكفرهم.
فإن الحرب مع أولئك ساعة أو أيام ثم تنقضي ويعقبها النصر والظفر، وهؤلاء ويعني المنافقين معكم في الديار والمنازل صباحا ومساءا، يدلون العدو على العورات، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر، ولا يمكن بل يصعب مناجزتهم، ورغم تطاول السنين وتعاقب الأجيال وترادف الأمم.
صفات المنافقين
فإننا ما رأينا أوصافا ذكرت في القرآن لطائفة من الطوائف كانت في زمان دون زمان أو اختص بها مكان دون مكان، ولقد حدثنا القرآن عن المنافقين وأوصافهم وأخلاقهم ودسائسهم فما رأيناها تغيرت عبر الأزمان ولا اختلفت باختلاف الأوطان لأن الذي وصفهم في القرآن هو خالقهم وهو سبحانه أعلم بدخائل نفوسهم وأوصاف قلوبهم فكان وصفه سبحانه لهم متوافقا مع ما نقرؤه عنهم وما نشاهده اليوم من أفعالهم.
فـ النفاق المنافقين ليست مرحلة من التاريخ مرت وانتهت بل هي باقية وشاهد ذلك قول حذيفة رضي الله عنه المنافقون الذين فيكم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الإمام مالك رحمه الله النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم.