الهوى سلطان لا يرد له أمر ولا يُستأذن إذا حضر

الهوى سلطان لا يرد له أمر ولا يُستأذن إذا حضر

يقلم / زينب محمد شرف

الهوى سلطان لا يرد له أمر، ولا يُستأذن إذا حضر، وفي قلب الإنسان تتصارع قوتان العقل والهوى، فالعقل هو ميزان الحكمة، وسلاح التمييز بين الصواب والخطأ، بينما الهوى هو ميل النفس إلى ما تشتهي، حتى وإن خالف الحق، والمنطق.

إذا استولى الهوى على القلب لم تبقَ للعقل سلطة

عندما يستولي الهوى على القلب، يُقصى العقل، وتفقد الأحكام اتزانها،٦ ويصبح الإنسان عبدًا لرغباته، لا لسيد إرادته، العقل يحكم، لكن الهوى يرافع عنه باستئناف لا ينتهي، لذلك العقل ميزان، والهوى عاصفة، لذا اختر أن تكون عادلًا، لا منجرفًا، فالعقل قاضٍ عادل، لكن الهوى محامٍ ماكر لا يهدأ.
العقل يصنع القرار، لكن التنفيذ غالبًا ما يُختطف من الهوى:
الهوى ليس مجرد رغبة عابرة، بل سلطان جائر، قد يزين الباطل، ويبرر الخطأ، ويخدع النفس بأنها على صواب، وحين يهيمن الهوى على القلب، لا يعود للعقل كلمة، بل تصم الآذان عن صوت الحكمة، ويُطفأ نور البصيرة، ويختل ميزان القرار.


الهوى لا يرضى إلا أن يكون قاضيًا، وشاهدًا، وجلادًا في آنٍ واحد:
الهوى عاصف، والعقل قنديل، لابد أن يكون القنديل مشتعلاً مهما اشتدت الريح، والهزيمة الحقيقية أن يُطاح بالعقل من عرشه، ليجلس الهوى مكانه.

في الهوى ضعف لكن في ضعفه إنسانية لا تنكر

ورغم أن الهوى قد يضلّل العقل، إلا أنه يُحيي القلب، ففيه لذّة الشعور، وصدق الاندفاع، وجمال الضعف الإنساني، ورغم أن الهوى قد يُضلّل العقل، ويقود الإنسان إلى اختيارات تغيب عنها الحكمة، إلا أنه يُحيي القلب بطريقة لا يفعلها شيء آخر.
وفي الهوى لذّة الشعور الصادق، واندفاع لا يعرف التكلّف، وجمال يكمن في الضعف الإنساني حين لا يجد المرء مفرًا من الاستسلام لما يشعر به، وهوى قد يُعمي البصيرة، لكنه يُنير زوايا الروح، ويذكّرنا بأننا بشر، نحسّ ونميل ونتألم ونفرح، بكل عفوية وصدق.

من أطفأ نيران الهوى بالعقل وحده، جفّ قلبه، ومن أشعلها بلا عقل، احترق، فازن بين الماء والنار:
دع لقلبك مساحة ليشعر، لكن لا تسلب عقلك حقه في التمييز والاختيار، واجعل للعقل ميزانًا، وللإيمان وازعًا، وللنفس، ووقفة قبل الاندفاع، لا تسِر خلف كل رغبة، فبعض الرغبات طريقها هلاك، وبما أن العقل يرسم الطريق، والقلب يمنح الرحلة معناها، فأن الحكيم من لا يترك أحدهما خلفه.
ومن هذا المنطلق، دع الهوى يهمس، ولا تجعله يصرخ، ودع العقل يُقرر، لا يُكبل، ففي المساحة بينهما تعيش بالحرية، وختامًا العقل يرشد، والهوى يلهم، فالحكمة أن تبحر بين الاثنين دون أن تغرق في أحدهما.

كاتبة المقال


الأستاذة الباحثة / زينب محمد شرف

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.