امرأة من زجاج…بقلم/ مونيا منيرة بنيو
امرأة من زجاج
بقلم/ مونيا منيرة بنيو
امرأة من زجاج
كأنني أسير في ممرّ طويل، جدرانه تهمس بصدى خطواتي، وضوؤه باهت… كأن الشمس تاهت عن الطريق إليه.
أبحث عن نفسي التي أضعتها بين طيات الزمن، بين وجوهٍ عابرة تحوّلت إلى ظلال باردة.
الخوف يسكنني… يتقافز بين أضلعي، يلاحقني كظلّ ثقيل، يوشك أن يبتلع ما تبقّى مني.
لم أعد تلك الفتاة التي كانت تضحك بعفوية، وتسكب للعالم براءتها بلا حساب.
كل ما حولي صار أقنعة تبتسم ببرود، حتى وجهي في المرآة يشيح عني، وكأن بيننا عتابًا صامتًا.
أشتهي التحرر… أن أخلع القيود التي أوثقت روحي، لكن الرهبة تشدني من أطرافي.
أخشى أن أكون أنا، لأنني شفافة حدّ الانكسار،
وكل ما بداخلي، لو انكشف، سيتحوّل إلى مرآة يرون فيها ضعفي… ويتلذذون بكسره.
ولا طاقة لي لترميم شظاياي مرة أخرى.
المزيد من المشاركات
سجنتُ روحي البريئة في زنزانة قلبي، وأقف مترصدة أمام بابها، أحصي الشظايا التي تتربص بها.
أتقنت لعبة الأقنعة، أضع وجهًا لكل مناسبة، وأخفي وجهي الحقيقي.
أحمل ملامحي في جيب سترتي، لا أخرجها إلا حين أكون وحيدة،
وأخبئ قلبي تحت وسادتي، خشية أن تمتد إليه يد غريبة.
أخشى أن يعرفوا من أنا… فيتلذذوا بكسري، كما فعل غيرهم.
لكنني سأخلق عالمي بيدي، عالمًا لا يطارد فيه الخوف خطواتي، ولا تحاصرني فيه الوجوه المقنّعة.
عالمٌ حين أفتحه… أكون فيه أنا: امرأة من زجاج، يشفّ نورها، لكن لا ينكسر.
