انقضاء موسم الأجازات

كم تحلو لنا جميعا أيام الإجازات التي نخلوا فيها من العمل وروتين اليوم ،والتي ننهك بها طوال العام على أمل أن نحصل على إجازة من كل هذا ،ونحتضن أطفالنا الذين يحلمون بملاقاة الأهل واصطحاب الأصدقاء والاستمتاع بالمصيف و يزداد الشوق ويرتفع مستوى الأمنيات حتى يبلغ أقصاه في الأسر المغتربة التي تنتظر العطلة بكل شوق لتضمد جراح العام فللبعد عن الوطن أوضاع أخرى تجعل الشخص يشعر بالعزلة الشديدة عن العائلة الكبيرة وكل ما يعتريها أو يعتريه من أحداث وقل من يستطيع أن يكرر الزيارة خلال العام .

ولكن بعد انقضاء العطلة غالبا ما نشعر بالأسى عليها ترى لماذا؟ هل هو لقصر مدتها وإن طالت !أم أن السبب هو عدم التخطيط لها بشكل جيد!أو عدم الإلتزام بما خططنا له تماشيا مع ظروف ومستجدات العائلة.

ربما يبدو الأمر غريبا بعض الشيء عندما تمتلىء بيوتنا صخبا وعراكا في تلك الأوقات مما يفسد علينا الكثير من الخطط ،أو أن فسادها غالبا ما يكون من الأسباب الحقيقية والقوية لهذا العراك والصخب ،ولذا يجدر بنا أن نهتم بالأساس الذي تنبثق منه كل المشكلات .

في اعتقادي أن الزوجين وتوافقهما هو منبع السعادة في الأسرة وبيديهما وبقلوبهما الملتحمة يستطيعان أن يتجاوزا كل المعوقات، خاصة هؤلاء الذين اختاروا أو أجبرتهم ظروف الحياة أن يعيشوا في وطن آخر غير أوطانهم الأصلية وبعد أن فطموا نفسيا من احتضان جيل الآباء لهم ومسايرتهم لظروف الحياة بجدارة دون تدخل الأهل في الحظ والقهر.. في الغنى والفقر ..وفي أحلك الظروف وأطيبها ،وبالرغم من ذلك يحدث الصدام بالإجازات وربما يصل الأمر لطلب الطلاق من قبل الزوجة أو رمي اليمين من قبل الرجل وكأنهما يصطدمان للمرة الأولى!

نعم الصدام يتأتى في تلك الفترات التي يكون فيها الزوجان أوحدهما بأحضان العائلة الأم حيث يتعرضان لظروف وضغوط لم يعتادوا عليها في غربتهم وربما لو كان ذلك يمر بهم لاعتادوا عليه ولما يتسبب في الشجار وافساد المخططات. وربما للحنين والبعد أثره خاصة أن مجاملة العائلة في هذه الآونة فيكون بدافع أداء الواجب والشعور بالذنب لكونهم دائما بعيدين عنهم.

ها وقد لمسنا بأيدينا الأسباب الحقيقية فما عسانا أن نفعل!

بحكم تجربتي كمغتربة وبحكم خبراتي التي تنبع من أوجاع من حولي أنصح بترك الأمور مجمدة بهذه الفترات في حالة تأزم الأوضاع والإمتناع عن إتخاذ القرارات الحتمية ومحاولة تجنب النقاش في وجود العائلة _وإن فسدت الخطط _فهذا ليس نهاية العالم وليست هي العطلة الأخيرة والوحيدة وهذا هو الأفضل بدلا عن رجوع الزوجين بأوجاع وآلام تكسو ا علاقتهما بعد انتهاء العطلة حيث ينفرد أحدهما بالآخر في غربتهما من جديد وليحذرا ويتذكرا تلك اللحظات الحلوة تارة والمؤلمة تارة أخرى والتي وقف كل منهما مع الآخر دون سند من أحد في وحدتهما وغربتهما وكيف نجحا في تجاوز كل الأزمات والصعاب معا بدلاً من حدوث خدوش في العلاقة بسبب أن كل منكما في حضن أهله يشعر الطرف الآخر بالتخلي وعدم التقدير _ما عساه أن يؤلم ويوجع وقد يودي في لحظة غضب بالعلاقة فيصبح الكل خاسر زوج وزوجة وعائلة.

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.