بداية نشأة حى شبرا وكيف كان “جزيرة على النيل” ومن الذى اطلق عليه هذا الآسم؟!!
القصة الكاملة لنشأة حى شبرا العريق أكبر أحياء القاهرة (الحلقة الثالثة)
تناولنا فى الحلقتين الآخريتين من قصة إنشاء حى شبرا العريق الكثير من التفاصيل حول بداية نشأة الحى العريق وقصص إنشاء مجموعة القصور والسرايات والمدارس الشهيرة وكيف كانت قبل أن تتحول لمدارس .
ونعود فى هذه الحلقة “الثالثة” لعصر محمدعلي الذي كتب شهادة ميلاد هذا الحي ..
ونعود فى هذه الحلقة الي أول ظهور لشبرا علي خريطة مصر …
نقول هذا لأن شبرا كانت عبارة عن جزيرة وسط النيل… اسمها جزيرة الفيل … ثم بفعل إطماء النيل اتصلت الجزيرة بالأرض …لتصبح هي أرض شبرا وروض الفرج…
ورد ذكر شبرا لأول مرة في” تقويم النيل ” الجزء الأول ص229 عندما أوفى النيل في أواخر شهر أبيب… .وكسر السد أول يوم من مسري وفتحه “لاجين” أمير مجلس.
وكان للناس مدة طويلة لم يروا قبلا مثل هذا…لأنه قطع الطرقات والجسور وغرقت أراضي المنية و”شبرا والروضة وطريق مصر وبولاق “أي كانت بولاق ضاحية لمصر ولم تكن جزءا من القاهرة” وجزيرة الفيل وكوم الريش….وطفت الآبار … وكان كل هذا عام 882 …
وشبرا اسمها الأصلي وهو المصري القديم:شبرو. وردت به في كتاب “أحسن التقاسيم” للمقدسي … حيث ذكرها أي شبرا الخيمة بين المنيتين …وهما منية الإصبغ ومنية السيرج.
وبيم دمنهور شبرا المجاورة لشبرا من الجهة البحرية. وكانت منية السيرج واقعة على شاطئ النيل حتى عام 680 … وفي تلك السنة طمى النيل الذي كان فاصلا بينها وبين جزيرة الفيل… فانضمت إلى الأرض لتكون المنطقة المعروفة الآن باسم شبرا وروض الفرج.
وشبرو محرفة عن جبرو… وهي كلمة قبطية معناها “الكوم أو التل” ثم ذكرها الإدريسي في موضعين الأول باسم “سيروا” فقال:وبأسفل الفسطاط ضيعة سيروا”
وهي ضيعة جليلة…يعمل بها شراب العسل وهو مشهور في جميع الأرض.والثاني باسم “شبره”…وفي نسخة أخرى وردت محرفة باسم “سبره” قال”وهي قرية يعمل فيها شراب العسل المفوه في جميع الأرض وبها خيمة البشنس.فهل هذا الشراب كان نوعا من الشربات وكان العسل يستخدم بإضافته إلى الماء لصنع هذا الشراب،وهل سبب هذا قربها من منطقة بنها التيكان يجود فيها العسل حتى اقترن العسل بمدينة بنها فقالوا:بنها العسل؟!
المهم انه مما لا شك فيه أن اسم “سيروا” الوارد في الموضع الأول هو محرف عن شبرو الوارد في كتاب المقدسي…ويقول محمد بك رمزي في مؤلفه العظيم “القاموس الجغرافي”:
تبين لي أن “سيروا ” محرفة عن شبرو التي هي شبره،وكلها اسم واحد لشبرا هذه؛لأن من يتأمل ما ذكره الإدريسي يرى أنه نقل “سيروا ” من مصدر غير الذي نقل عنه “شبره”.ومع اختلاف الاسمين بسبب التحريف،فإن كل مؤلف حافظ على وصف هذه القرية وما يعمل فيها من شراب العسل،ومن وضعها بأسفل الفسطاط”أي جنوب مدينة الفسطاط لأنه لم يكن بين الفسطاط وشبرا مناطق سكنية تذكر.وكانت الفسطاط تؤخذ كمقر معروف للتعريف بها بما بعدها..”.
ووردت شبرا في كتاب “المشترك” لياقوت،قال:شبرا دمنهور لمجاورتها بقرية دمنهور شبرا.وفي “قوانين ابن مماتي” وفي”كتاب الانتصار”:شبرا الخيمة. وقال:في “الانتصار” إن سوقها يوم الثلاثاء. وبها سوق وجامع وطواحين وأفران ومعاصر زيت حار و”سيرج” وغير ذلك،والمقصود زيت السيرج ناتج عصير السمسم”.
ووردت في “تحفة الإرشاد” باسم: “شبرا.من الضواحي” وفي التحفة:شبرى الخيمة.وهي شبرى الشهيد من ضواحي القاهرة.
وفي كتاب “وقف السلطان الغوري” المحرر في 911ه وردت هكذا “شبرا القاهرة” لأنها من ضواحي القاهرة.وفي كتاب “تاج العروس”:شبرا المكاسة لأنخيمة المكس “أي تحصيل الضرائب”كانت تضرب فيها؛أي كانت مركزا لتحصيل الضرائب أي المكوس..
وفي الخطط المقريزية :شبرى الخيام،يقال لها شبرى الشهيد لأنه كان يوجد بهذه القرية صندوق صغير من الخشب في داخله إصبع شهيد من شهداء المسيحيين،اسمه الشهيد أنبايجنس محفوظ بها دائما.فهذا كان ثامن شهر بهنس من الشهور القبطية،يخرجون هذا الإصبع من الصندوق ويغسلونه في بحر اليل لأعتقادهم أن النيل لا يزيد في كل سنة حتى يلقوا فيه ذلك الإصبع . ويسمون احتفالهم بذلك عيد الشهيد.فاشتهرت بهذا الاسم
“لاحظوا هذه الأسطورة مع أسطورة عروس النيل وعلاقتها بفيضان النهر” وقال: وتعرف بشبرا الخيمة، أو الخيم، أو الخيام؛ لأن الناس كانوا يحتفلون سنويا بذكرى على اختلاف طبقاتهم في خيام ينصبونها على شاطئ النيل بشبرا هذه للإقامة فيها عدة أيم عيد الشهيد. فاشتهرت ب”شبرا الخيمة”،وهذا اسمها. وسكان القاهرة يقولون: شبرا البلد تمييزا لها من قسم شبرا أحد أقسام مدينة القاهرة. وعلى لسان العامة شبرا بدون تمييز لشهرتها عن دون الشبراوات الأخرى.
ولما أنشئ مركز شبرا عام 1871م جعلت شبرا قاعدة له و لكن لم تطل إقامة هذا المركز بهذه البلدة لوقوعها في الناحية الجنوبية من بلاد المركز. فأصدرت نظارة “وزارة” الداخلية قرارا في عام 1875م بنقل ديوان المركز من شبرا إلى ناحية الحزانية لتوسطها نوعا بين بلاد المركز،مع بقاء المركز باسم مركز شبرا. وفي عام1896م سمي مركز نوى إلا أن “اميلينو” ذكر في جغرافيته قرية باسم شبرا رحمة”، وقال أن اسمها العربي شبرا رحم والقبطي بروهيمو، وأنها من ضواحي القاهرة. كما وردت في قائمة الكنايس وبالبحث- يقول محمد رمزي بك- تبين أن شبرا رحمة هي بذاتها شبرا الخيمة هذه .. وهي من ضواحي القاهرة.
ولأن الشيء بالشيء يذكر … فما دام محمد علي هو الذي مهد وبنى شارع شبرا … فإن محمد علي هو الذي كان وراء تمهيد شارع الترعة البولاقية .. ولكن البداية كانت مختلفة…
هذا محمد على بانى مصر الحديثة يقيم قصره فى الإسكندرية فى أبعد نقطة عن قلب المدينة القديمة .. فى منطقة رأس التين . حقيقة أقام قصره قريبا من الميناء الحديث الذى صنعه ليكون وسيلته للاتصال بأوربا ، و لكنه كان يطبق هذه القاعدة التعميرية . وسرعان ما أقام الناس بيوتهم قريباً من قصره لينشأ حى رأس التين ، و المبدأ التخطيطى نفسه طبق فى منطقة القبة ، فقامت القصور الفاخرة حول قصر القبة وعلى طول الطريق الذى يصل بين مصر ,, و القبة لينشأ حى القبة .
.. وهكذا فعل محمد على عندما أراد تعمير منطقة شبرا ..
قصر محمد على باشا بشبرا الخيمة – أو ” شبرا بالاس ”
فقد أختار مكاناً قصياً ليبنى لنفسه قصراً تهدأ فيه نفسه .. وتلك هى بداية شبرا !!
تابعونا فى الحلقة الرابعة