برنامج وصفولي الصبر يتحدث عن الكتابة وأهلها
فى هذه الحلقة، يلتقي عمر طاهر بالروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد، ليتحدث معه عن مخاوف الكتابة التي تنتاب الكتّاب الشباب، مثل هل ما أكتبه معاد ومكرر؟ هل ما أكتبه غير واضح بما فيه الكفاية؟
النقطة الأولى كانت عن السعادة أثناء الكتابة، يقول إبراهيم عبد المجيد أن هذه العملية تختلف من كاتب لآخر، هي أقرب لحالة صوفية، حالة جذل أو سعادة مختلطة بالشجن.
يخاف الكاتب من العودة لقراءة ما كتبه، كيف يمكن التخلص من هذا الخوف؟ يقول عبد المجيد أنه لا قانون في الكتابة، لكنه يفضل العودة لقراءة ما تم كتابته ولو بعد حين، على سبيل النقد، واكتشاف الأخطاء، والتكنولوجيا سهلت كثيراً هذه العملية.
أي طريقة بها تدفق أكثر في الكتابة، الورقة والقلم أم على الكمبيوتر؟ يعتقد عبد المجيد أن الكتابة على الكمبيوتر أفضل، رغم أنه تربى على الورقة والقلم، فالتصحيح على الكمبيوتر أسهل، كما يمكنه من استرجاع المقاطع المختارة وحفظها بشكل أسرع.
الإلهام هو سمو في الذهن والروح يسبق التأليف الخلاق، هو إيقاع شيء في القلب يطمئن له الصدر، لكن معظم الكتاب ينفوا فكرة الوحي والإلهام، فماذا عن إبراهيم عبد المجيد؟ يقول بأن الوحي موجود في الفن الإبداعي، هو الروح التي تفرض نفسها على الكاتب، حتى التعود في الكتابة يستدعي هذه الروح.
أحياناً يقع الكاتب في خطأ أثناء الكتابة يعوق التدفق، في رأي عبد المجيد، الإنقطاع الطويل هو الخطأ الأكبر، على الكاتب ألا يتوقف إلا عندما ينتهي، ربما يمكن أن يتوقف لفترة قصيرة للمراجعة، لكن الإنقطاع الطويل يمكن أن يدمر العمل.
لا ينشغل إبراهيم عبد المجيد بأيّ شيء سوى الكتابة، لا ينشغل لا بالتوزيع ولا الترويج لأعماله، ويقول عن هذه الأمور بأنها ظاهرة حديثة لدى كتّاب هذا الجيل، هو لا يقيم سوى حفلة توقيع واحدة في معرض الكتاب، وغير ذلك تنتهي علاقته بالعمل بمجرد الانتهاء منه.
العمل الأدبي مقدس خلال كتابته، لكن بعد أن يذهب إلى الناشر فهو مجرد سلعة لا تهمه في شيء.
حفلات التوقيع شيء جميل لأن الكاتب يلتقي بقراءه، وهذا ما يهمه، أما التوزيع وعدد الطبعات فلا يهمه أبداً، هو عمل الناشر فقط.
كيف يمكن الحفاظ على أفكارك وفتح شهيتك على الكتابة وتجنب هذه السدة الشعورية التي تنتاب الكاتب أحياناً؟ التفكير في الفكرة بكثرة يجعل الكاتب يحتفظ بها أكثر في رأي عبد المجيد، اللا شعور يحتفظ دائماً بكل شيء، والكاتب يمكن أن يتحكم في اللا شعور ولو بعد وقت.
كيف يمكن التغلب على هاجس الخوف من التكرار؟ يقول عبد المجيد أن تيمات الكتابة واحدةومحددة فيالعالم كله، الأدب هو كيف تكتب وليس ماذا تكتب، من يقتبس يظهر على كتابته، أما المبدع الحقيقي فلا يمكن أن يكرر ما كُتب من قبل، الصدق الفني هو المعيار الذي يفصل بين كاتب وكاتب.
تغدُر الأفكار أحياناً بالكاتب، تختفي في لحظة وفينصف الطريق، لكن عبد المجيد يقول أن مثل هذه الأفكار لا يجب أن نحزن عليها، النسيان أهم من الذاكرة، طالما تخلت هذه الفكرة عنك إذن هي لا تستحق الكتابة من الأساس.
الكاتب يحتاج إلى التجربة، الملاحظة، الخيال، يمكن أن يخوض الكاتب التجربة، ويتدرب على الملاحظة، لكن من أين يأتي الكاتب بالخيال؟ يقول عبد المجيد أن الخيال هو أول شرارة للموهبة، الخيال فطرة تظهر على الكاتب منذ الصغر.
هل هناك كتّاب محددين يجب قراءة أعمالهم؟ مجيد طوبيا هو أول اسم يتبادر إلى ذهن عبد المجيد، كما يؤكد على أن الكاتب يجب أن يقرأ أعمال معاصريه، إلى جانب الأدب المترجم، والأهم، قراءة النقد الأدبي.
لماذا تكتب؟ منذ الصغر، شعر إبراهيم عبد المجيد أنه منذور للكتابة، منذ أن قرأ قصة الصياد التائه لمحمد سعيد العريان في سن الثانية عشر، وأبكته بصدقها، من وقتها وهو يقرأ كثيراً، ويكتب كثيراً.
يجب أن تنادي الكتابة على الكاتب، ويجب أن ينذر لها نفسه وحياته، قد يكون الكتاب سلعة، لكن عملية الكتابة ليست سلعة بل هي عملية روحية جداً.
في الجزء الثاني من الحلقة، يلتقي عمر طاهر بالروائي محمد عبد النبي، صاحب روايات في غرفة العنكبوت ورجوع الشيخ، وصاحب ورشة للكتابة الإبداعية، بدأت عام 2009، وشارك فيها الكثيرون.
هل الكتابة أمر قابل للتعلم مثلها مثل أيّ حرفة أخرى؟ يقول عبد النبي أن الكتابة مثل أيّ نشاط إنساني يمكن تعلمها في بعض الجوانب، ورش الكتابة تركز على نقل الخبرات من شخص لشخص، لكن الفارق في المتلقي، هل يملك الموهبة والاستعداد أم لا.
يقول بيكاسو أن كل طفل يولد فناناً، المشكلة كيف نحتفظ بهذا الفنان بينما نكبر، يقول عبد النبي أن الاحتكاك هو السر، من يرغب في الكتابة يجب أن يقرأ، يجب أن يغذي خياله وإلا لن يتمكن من الإبداع. الأمر الثاني هو ألا يتوقف عن التعلم وإلا لن يتقدم أبداً.
الكتابة لعبة ممتعة، لكن يجب ممارستها بمنتهى الجدية، يقول عبد النبي أن أيّ طفل يصدق خياله ويعيش فيه، هذه الجدية هي ما يحتاجها المبدع، إلى جانب احترام قواعد اللعبة، مثل احترام اللغة والاعتناء بها.
يمارس محمد عبد النبي تمرين إيقاظ الكتابة في ورشته، وهو تأمل أيّ تفصيلة صغيرة معتادة من حوله، وتحويلها إلى حكاية أو نصّ.
هذا التمرين يوقظ الخيال لدى الكاتب، ويجعله قادر على ملاحظة كل شيء من حوله، ورؤيته بشكل مختلف.
الكتابة لا تتوقف على مزاج الكاتب، بل العكس، على الكاتب أن يكتب في كل وقت، تحت الطلب وفي أوقات محددة.
جزء من مهارة الكاتب هو قدرته على الإنصات، سماعه لكل الأصوات من حوله، وهذا سينعكس في كتابته، وسيجعل القاريء قادر على تخيلها أكثر.
ينهي عبد النبي حديثه بملاحظة يجب أن يهتم بها الكاتب، وهو فكرة الحكاية، على الكاتب أن يهتم بالحكاية وألا يتجاهلها على حساب السرد.
برنامج وصفولي الصبر-عن الكتابة وأهلها: برنامج من تقديم عمر طاهر على قناة ten، أقرب لورشةفنية،تحاول إعادة صياغة كل ما له علاقة بالكتابة والقراءة والنشر والثقافة واكتشاف العالم من خلال العديد من الحوارات مع كتاب وناشرين ونشطاء بالوسط الثقافي المصري.
تقوم فكرة البرنامج على الحوار والبحث لاكتشاف مفاتيح الكتابة الجيدة وعيوب الطريقة التى تقرأ بها مصر ومأساة أن يكون الواحد كاتبًا فى العالم الثالث، تفتش عن المجهول من أسرار صنعة الكتابة وما أفسده وأصلحه الناشر المصرى.
تحاول أن تفهم لماذا أصبح القارىء ديكتاتورًا، وأن تعرف عما يفتش القارىء عند الكاتب و ما الذى يجعله شغوفا بكاتب ما دون آخر، عن الفرق بين الذوق الشخصي و التقييم الموضوعي عند التعامل مع أي فن، عن الطريقة التي يمكن للكاتب أن يصنع بها شعبية في مصر،عن أكذوبة البيست سيلر وتضليل الجوائز و غياب النقاد، عن قفلة الكاتب و أزماته المادية و مهارة الحذف و مصادر الأفكار و اللحظات التي تنقلب فيها الكتابة من “منحة” إلى “محنة” أو العكس. في حلقات وثائقية تبحث وتتحاور مع أهم الأسماء المصرية فى كل هذه المجالات، فى محاولة للوصول إلى مايشبه الإجابات.
عمر طاهر: كاتب وصحفي مصري من مواليد سوهاج في 23 يوليو 1975، صدر له عدة كتب من بينها( أثر النبى-إذاعة الأغانى-صنايعية مصر)، كتب للسينما عدة أفلام من بينها (طير أنت، يوم مالوش لازمة، كابتن مصر). أصدر عدة دواوين شعرية من بينها (قهوة وشيكولاتة) و( مشوار لحد الحيطة). قدم عدة برامج إذاعية من بينها (واحد صاحبى)، (الطريق إلى عابدين)، (شفت ربنا مع عزيز الشافعى). قدم عدة برامج تليفزيونية منها (مصرى أصلى) و(اتجنن مع كوكا كولا). كتب للتليفزيون مسلسل (سوبر هنيدى). حصل على عدة جوائز من بينها جائزة أفضل كاتب في 2015 في إستفتاء مجلة الشباب، وحصل كتابه إذاعة الأغانى على جائزة أفضل كتاب 2015فى إستفتاء المكتبات والقراء. كتب لمعظم الصحف والمجلات المصرية.