بسام رؤوف يكتب “يوسف شاهين .. العاقل والمجنون”

كتابة بسام رؤوف
كتابة
بسام رؤوف

“أكشن” ربما تكون هذه الكلمة هى الصلة الذهنية الوحيدة التى تربط بين الجمهور والمخرج الفني دون أن يعرفوا لماذا تنطق و ما ورائها؟ ولكن الأهم من ذلك السؤال “من هو أعظم من قالها؟”

وإذا كنا بصدد البحث عن أعظم من قالها فلا نستطيع أن نغفل عن “العاقل و المجنون” يوسف شاهين ربان سفينة الفن لسنوات طويلة و الذي إستطاع أن يقودها بما عليها من تاريخ وحضارة و ثقافة شعب و فنانين من الصعب على الزمان ان يجود بمثلهما

شاهين

ونحن الآن لا نتحدث عن أعماله ولكن نسرد جانب أخر فى واقع يوسف شاهين , فعلى الجانب الأخر من إبداعه الفنى , توجد الشخصية البشرية , وبالطبع عندما نتحدث عن “يوسف شاهين” لا نستطيع أن ننكر أنه واحد من أصحاب الشخصيات القوية والمجنونة وذلك تسبب له فى صدام مع نجوم الصف الأول الذين كانوا بمثابة قادة العمل الفني , و لكن عند يوسف شاهين الأمر مختلف تماما ! , فالنجم لا يستطيع أن يناقش وجهات نظر غير مرغوبة من “شاهين” وعلى سبيل الذكر , ما حدث مع الفنانة القديرة “محسنة توفيق” عندما إتصل بها جو أثناء تحضيره لفيلمه الذي فشل فى تحقيق الإيرادات “اليوم السادس” وقال لها “أنا عايزك معايا تلعبى دور البطولة” وبالفعل رحبت “محسنة توفيق” بهذا الدور وفرحت فرحا شديدا , و من من الفنانين قد لا يفرح بهذا العرض وهو مع العبقرى “جو” !

وبعدها قامت بشراء ملابس الشخصية وقامت بأداء بروفات كلامية أمام المرآة ولكنها فوجئت فى يوم فى إحدى الجرائد الفنية بخبر أن شاهين  قد إختار المطربة العالمية آنذاك “داليدا” لتقوم بهذا الدور , و وقع عليها الخبر كالصاعقة! وفشل الفيلم حيث أن “داليدا” لم تكن مناسبة للدور بسبب لهجتها الغير مصرية , ودفع “جو” ثمن جنونه الفني..

وكذلك نجمة مصر الأولى “نبيلة عبيد” عندما تم إختيارها للقيام ببطولة فيلم “الأخر” , و بالفعل جائت لبلاتوه التصوير فى أول يوم و معها حشد هائل من المصورين والمساعدين الشخصيين والصحفيين , و قامت بوضع مكياج صارخ فغضب جو عندما رأى كل هذه المظاهر المبالغ فيها فقام بتوبيخها وطلب منها أن تقوم بإزالة المكياج وصرف كل هؤلاء الذين اتوا معها , مما أدى الى غضب نبيلة و رفضت هذا الطلب و وقعت مشكلة كبيرة لدرجة انها أدت الى اتخاذ “جو” قرار بإستبعاد “نبيلة” من الفيلم , ولولا تدخل المنتج “جابى خورى” ومساعده وإبنه الفني “خالد يوسف” لكان لهذا الفيلم بطلة أخرى غير نبيلة عبيد.

ويبدوا أن فيلم “الأخر” لم يخلوا من العواصف الفنية , فحدثت مشكلة أخرى مع لبلبة التي فوجئت أثناء عرض الفيلم فى “مهرجان كان” بحذف عدد من مشاهدها دون علمها , الأمر الذى أغضبها بشدة فأصرت على العودة الى حجرتها و أنهمرت بالبكاء

كذلك العظيمة “سناء جميل” لم تنجو من صدامها مع شاهين , حيث أنها فى يوم طلب منها أحد النوادى عرض فيلم “فجر يوم جديد” التى قامت ببطولته ولكنه أخذ فيلم “اسكندرية ليه” بدلا منه للعرض , وقام أيضا بالحديث معها في رغبته لمشاركتها في فيلمه “وداعا بونابارت” فطلبت منه إحضار الإسكريبت لها وبعدها تقرر , فغضب جو ولم يحدثها من وقتها , “فكيف لممثل أن يجرؤ و يطلب من (جو) إحضار الإسكريبت أولا ثم يقرر الرفض أو القبول , حيث أنه إعتاد إمتثال الفنانين لأمره دائما”.

شاهين

وبعدها إكتشفت “سناء جميل” أن مساحة الدور صغيرة جدا على حد تعبيرها ” آجى من الرصيف ده أروح للرصيف ده” فقامت بتوبيخه و نعتته بالبجاحة وأنه كيف يجرؤ على أن يقوم بمثل هذا الفعل مع ممثلة بحجم “سناء جميل

وهناك خلاف أخر غير ملاحظ “من تحت الترابيزة” بينه و بين تلميذه المخرج العبقري “حسين كمال” وبدأ الخلاف منذ أن استقل “حسين” عن “شاهين” وكان وقتها يقوم بتحضيره لإخراج فيلم الروائع “البوسطجي” وكان يريد من “جو” القيام بدور البطولة ولكن “جو” غضب وأخذ الموضوع على جانب شخصى وأنه كيف لمخرج وأستاذ أن يتحول إلى ممثل تحت توجيه تلميذه , مع العلم أنه قام بالتمثيل فى فيلم “اسماعيل ياسين في الطيران” ولكن هنا الوضع مختلف تماما , فقد كان مخرج الفيلم هو أستاذ شاهين  المخرج الكبير “فطين عبد الوهاب” وإستبدل “حسين” “شاهين” ب”شكرى سرحان” لبطولة الفيلم.

ومن هنا بدأ الخلاف الفني بينهم والذى تجسد عندما اختار “جو الممثل الشاب وقتها “محمود ياسين” للقيام ببطولة فيلم “الإختيار” و كان مع “حسين كمال” فى نفس الوقت فى فيلم أخر و “محمود ياسين” يعتبر “حسين كمال” والده الفني لأنه الذي اكتشفه و قدمه للسينما , و لكن “جو” وضعه فى موضع إختيار , إما أن تلعب معى البطولة أو تلعب مع “حسين كمال” , وبالفعل استأذن “محمود ياسين” والده الفنى وقال له أنه يريد خوض تجربة سينما “يوسف شاهين” ولم يمانع “حسين كمال” و قبل طلبه , ولكن الصدمه أنه بعدما قام “ياسين” بالإتصال ب “جو” ليبلغه بالأمر قال له “جو” أنه لم له مكان فى الفيلم وأنه قد أختار “عزت العلايلى” للقيام ببطولة الفيلم.

يوسف

وبالرغم من كل هذا , فإن “حسين كمال” لم يشكك أبدا يوما فى قدرات “شاهين” الفنية وكان يعترف بأنه مخرج العصور بأجمعها ولكنه كان يعيب عليه بأن أفلامه لا يفهمها الشعب أو المواطن البسيط , وليس “كمال” فقط من رأى ذلك , كذلك المخرج الكبير “حسام الدين مصطفى” قال :”أن افلام يوسف شاهين لا يفهمها إلا هو فقط , حتى الممثلين لا يفهموها” , وهذا ما إعترف به “شاهين” بعد ذلك أن الناس البسطاء لا يفهمون أفلامه وأنه أوقات يتعمد إضفاء الغموض عليها , وذلك الأمر نتيجة انه هو فعليا من يكتب افلامه ويصيغها عن طريق ورش كتابية فنية لمؤلفين شباب حيث من الصعب على الكتاب الكبار التعاون معه لأنهم معه سوف يتحولوا إلى موظفين يلبون رغباته و وجهات نظره الفنية ولن يبدعوا  لأن “ِشاهين” هو الآمر الناهى من الألف إلى الياء و تلك كانت نقطة خلاف كبيرة مع “عاصي الرحبانى” المنتج الذى كان يريد أن يتدخل فى “سينما فيروز” التى أخرجها “شاهين” و لكن “شاهين” لم يعجبه هذا و هدد بالإنسحاب وبين كل هذا و ذاك , لا يسعنا إلا أن نقول أن “شاهين” نسخية أصلية فنية غير مكررة رغم كل طباعه التى قد تصل احيانا الى حد عدم التوازن , وسيظل “جو” هو ربان سفينة الفن و نقطة مضيئة فى تاريخ الفن السابع..

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.