بهاء سلطان يحتفل بعيد ميلاده اليوم .. بقي عنده كام سنه ؟!
كتب: هاني سليم
يطفئ الفنان بهاء سلطان اليوم شمعته الثالثة والخمسين، محتفلًا بميلاده وسط محبة جماهيره التي لم تخفت يومًا، بل ازدادت رسوخًا عبر سنوات طويلة من البُعد والانتظار، ليبقى صوته حاضرًا في ذاكرة الناس وكأن الزمن توقف عند أغنياته. هو واحد من تلك الأصوات النادرة التي لا تتكرر، صاحب خامة صوتية دافئة تدخل القلب بلا استئذان، وصاحب مشوار فني مليء بالمنعطفات، لكنه ظل وفيًا للفن الحقيقي ولذوق جمهوره.
في عيد ميلاده، يعود الحديث مجددًا عن مسيرته الفنية، وعن اللقاء الذي شكّل نقطة تحول محورية في حياته مع الموسيقار الكبير عبده داغر، والذي منحه درسًا خالدًا ظل يرافقه حتى اليوم. كما يطل سلطان على الساحة بعمل جديد ضخم يعد بالكثير، بعد أن تجاوز سنوات من الصمت والتأجيل.
بداياته.. صوت مختلف وسط زحام الألفية
ظهر بهاء سلطان في أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، وهي فترة شهدت ثورة موسيقية وظهور عشرات النجوم في مصر والعالم العربي. ومع ذلك، نجح في أن يفرض نفسه بسرعة وسط هذا الزحام، بفضل صوته الفريد وقدرته على المزج بين العاطفة والصدق في الأداء.
كانت انطلاقته الكبرى مع أغنية “يا تري” التي كتبها الشاعر مصطفى كامل ولحنها ووزعها الفنان حسن أبو السعود، وحققت نجاحًا لافتًا وضع اسمه في الصفوف الأولى. تلتها أعمال أخرى مثل “قوم أقف” و**”الواد قلبه بيوجعني”**، التي رسخت مكانته كصوت يملك شخصية مستقلة، بعيدًا عن التقليد أو الاعتماد على الصخب الموسيقي السائد وقتها.
اللقاء الذي غيّر حياته.. عبده داغر ونصيحة العمر
رغم نجاحاته المبكرة، إلا أن التحول الحقيقي في مسيرته جاء بعد لقائه بالموسيقار الكبير عبده داغر، أحد أبرز أعمدة الموسيقى الشرقية، وصاحب تجربة عميقة في تأهيل الأصوات.
يحكي سلطان عن هذا اللقاء قائلًا: “ماكنتش أتخيل أن الشخص اللي كنت بسمعه وأتأثر بيه، ييجي يوم وأقابله. لما رحت له وسمعته صوتي، فاجئني بهدية عمري.. شريط نادر للشيخ محمد عمران. الشريط ده مش موجود لا على الإنترنت ولا أي مكان. قالي: اسمعه وقلّده، وخليك ماشي على ده طول ما أنت عايش.”
كانت تلك النصيحة بمثابة حجر الأساس في مسيرته، إذ وجّهته نحو مدرسة الطرب الأصيل والتعمق في المقامات، بدلًا من الانجراف وراء الأغاني السريعة العابرة. ومنذ ذلك الوقت، ظل سلطان متمسكًا بالصدق والروح في الغناء، مؤمنًا بأن الصوت الحقيقي لا يحتاج إلى بهرجة كي يصل للناس.
دروس قاسية ومواقف لا تُنسى
تجربته مع داغر لم تخلُ من المواقف الطريفة التي كشفت عن جدية الموسيقار الكبير. يروي سلطان أنه كان معتادًا على زيارة داغر بعد صلاة العشاء، لكن في إحدى المرات قرر أن يذهب إليه مبكرًا بعد المغرب. وعندما طرق الباب وفتح له داغر، سأله باستغراب: “إيه؟” فأجابه بهاء: “جيت بدري.” فرد داغر بابتسامة مقتضبة وأغلق الباب في وجهه، في رسالة واضحة أن الالتزام والانضباط جزء أساسي من التدريب الفني.
صراع طويل وظل الجماهير
على مدار سنوات، مر سلطان بفترات صعبة ابتعد فيها عن الساحة بسبب أزمات إنتاجية وقانونية عطلت مشواره. ورغم غيابه، ظل جمهوره وفيًا له، يطالب بعودته ويستمع لأغانيه القديمة وكأنها صدرت بالأمس. هذا الولاء الاستثنائي كشف أن الفن الحقيقي لا يُمحى، وأن الصوت الصادق يظل حاضرًا حتى في غياب صاحبه.
مدرسة غنائية خاصة
ما يميز بهاء سلطان عن غيره أنه لم يعتمد يومًا على الاستعراض أو على الأغنيات الخفيفة التي سرعان ما تختفي. بل اختار أن يقدم أعمالًا تعيش طويلًا، بصوت يحمل خليطًا من القوة والدفء والصدق. لذلك نجد أن أغنياته الأولى ما زالت تتردد حتى اليوم في الأفراح والحفلات، ويحفظها الجمهور عن ظهر قلب.
بهاء سلطان ومرحلة العودة
اليوم، يقف سلطان على أعتاب مرحلة جديدة مع المنتج حمدي بدر، الذي أعاد إحياء التعاون بينهما بعد نجاحات سابقة. الألبوم الجديد، المكوّن من 8 أغنيات، لن يُطرح دفعة واحدة، بل على فترات متباعدة، في خطة تسويقية تهدف لإبقاء الجمهور على تواصل دائم مع أعماله.
ويصف المقربون المشروع بأنه “مفاجأة من العيار الثقيل”، خاصة أن سلطان يمتلك رصيدًا من الانتظار لدى جمهوره، ما يجعله مطالبًا بتقديم أعمال ترتقي لمستوى هذا الترقب الطويل. وقد سبق التعاون بين سلطان وبدر نجاحات كبيرة مثل أغنية “أنا من غيرك” و**”براحة يا شيخة”**، وهو ما يرفع سقف التوقعات.
إرث فني يتجدد
يمكن القول إن بهاء سلطان اليوم ليس مجرد مطرب يملك صوتًا جميلًا، بل هو مدرسة غنائية قائمة على الصدق والإحساس. وقد علّم جمهوره أن الغناء ليس مجرد مهنة، بل رسالة تحتاج إلى الالتزام والجدية. ولعل أهم ما يميزه أنه لم ينجرّ وراء موجات “الترند” السريعة، بل ظل متمسكًا بجذوره الفنية التي صاغها مع عبده داغر، وجعلته صوتًا خالدًا في ذاكرة جيل بأكمله.