بين فساد المال وتحدي السلطة والشعب كيف تُبنى ثقة على أساس منهار؟!
بين فساد المال وتحدي السلطة والشعب .. كلهم كدّابين وعارفين إنهم كدّابين وعارفين إننا عارفين إنهم كدّابين، جملة شهيرة للفنان أحمد زكي من فيلم الحب فوق الهضبة، حيث تجسد هذه المقولة المرحلة الحالية ومانعيشه، بين فساد المال وتحديٍ صارخ للسلطة السياسية وإرادة الشعب من قِبل كيانات بعينها، أثناء انتخابات مجلس نواب 2025.
كتبت: دعاء علي

ومازالت تلك الكيانات بعينها، تتحدى الشعب المصري بالتزوير وتوجيه المواطنين في أبهى صوره، خلال المرحلة الثانية من انتخابات مجلس نواب 2025, ضاربة عرض الحائط بماحدث خلال المرحلة الأولى، وبنفس الانتهاكات والمخالفات التي نوهت عنها السلطة السياسية المتمثلة في شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال بيانه الذي نُشر عبر صفحته الرسمية فيسبوك، باحترام إرادة واختيار المواطن فيمن يمثله في البرلمان.
رسالة تحدي
وكأن تلك الكيانات يبعثون برسالة تحدي مفادها: “نحن أكبر من أي سلطة وأي شعب”، بالإضافة إلى التهديدات الصريحة الموجهة من أحد الأحزاب للمواطنين بمقاضاة أي شخص وجه اتهامات وانتقادات لهم، وكأن الشعب هو المتهم، والحزب فوق النقد والفهم والقانون.
بوضوح شديد لا يحتمل أي تفسير، فإن المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية تركت خلفها جرحًا شعبيًا لم يهدأ بعد، والانتقال إلى المرحلة الثانية وكأن شيئًا لم يكن بمثابة تجاهل صريح لحقيقة قانونية وسياسية مفصلية.
مناخ مشحون وملوث
أما عن المرحلة الأولى تمت فى مناخ مُلوث بالمال السياسي، ومشحون بتدخلات أفسدت إرادة المواطن، وأفقدت العملية الانتخابية معناها قبل أن تبدأ.
كما أن الاحتقان الشعبي الذي أعقب الجولة الأولى لم يكن حالة انفعال عابرة، بل كان نتيجة مباشرة لانهيار الثقة في المؤسسة الانتخابية المتمثلة في الهيئة الوطنية للانتخابات، حيث ثبت بشهادة الوقائع لا الاتهامات أنها لم تستطع ضبط المشهد، ولا حماية العملية الانتخابية من المال الفاسد ولاصراعات القضاة التي ظهرت خلال الأيام الماضية بتراشق الاتهامات فيما بينهم، وهي الفوضى التنظيمية بعينها التى خرجت للرأي العام في مشاهد عبثية لا تليق بدولة تسعى لترسيخ مؤسساتها.
حقيقة ثابتة
أما المرحلة الثانية، فمهما افترضنا نزاهتها تبقى الحقيقة ثابتة: وهي الخلل الذي ما زال قائمًا فى النفوس، لأنه حدث بالفعل خلال المرحلة الأولى، ويتكرر المشهد مجددًا في الثانية بفجاجة وتحدي صارخ لجميع ماسبق، فكيف نبنى ثقة على أساس مكسور؟ وكيف نعيد تقديم مشهد انتخابي نزيه؟ بينما أثر الفساد الأول لم يُمحَ ولم يُحاسَب أحد عليه؟



