تازه تحترق.. حريق ضخم يلتهم عشرات المحلات بـ قبة السوق بالمغرب
تازه تحترق.. حريق ضخم يلتهم عشرات المحلات بـ قبة السوق بالمغرب
كتبت/ نورا الحسينى
تازه تحترق
تازه تحترق في صباح ثقيل على الذاكرة الجماعية، بالمغرب الشقيق إستيقظت المدينة تازه على نيران إلتهمت قرابة خمسين محلا تجاريا داخل قبة السوق.
إشتعلت ألسنة اللهب في دقائق، لكن ما إحترق فعلا لم يكن فقط الخشب والبضائع… بل سنوات من الكد، أحلام أسر كاملة، ورأس مال هو كل ما تملكه مئات العائلات لتستمر فوق خط الحياة، وفي لحظة صامتة بعد إنطفاء النيران، بدا المكان كأنه فقد نبضه، و كأن قلب المدينة القديمة توقف عن الخفقان للحظات.
أزمات وكفاح
ومع ذلك، فإن الأزمات ليست نهاية الطريق، بل هي اللحظات التي تختبر مدى إلتحام المدن مع أبنائها، وتكشف إن كان في الجراح ما يكفي من نور لإعادة إشعال الأمل. وهنا يبرز السؤال الأكثر إلحاحا الآن: ماذا لو فكر التازيون جديا في دعم تجار قبة السوق؟ ليس دعما مشروطا ولا مبادرة موسمية، بل وقوفا صادقا خلف رجال ونساء وجدوا أنفسهم فجأة أمام رماد يابس يطلب بداية جديدة.
ليس صدقة ولا إحسانا، بل حماية لإقتصاد محلي هش تصدع تحت النيران. فهؤلاء التجار لم يحترق معهم متجر فحسب، بل إحترقت شبكة كاملة من العلاقات الإجتماعية والإقتصادية التي كانت تغذي قلب المدينة القديمة.
كل محل كان أكثر من باب خشبي أو رصيف صغير، كان مصدر رزق مباشر وغير مباشر، ومساحة يتقاطع فيها المزودون والحرفيون والعمال، وكلهم اليوم في مهب الفراغ دعمهم الآن هو حماية لدورة إقتصادية صغيرة، لكنها حيوية، تحفظ شيئا من هوية تازة وتوازنها الإجتماعي.
والدعم ممكن لو توفرت الإرادة لا يعني أن ننتظر صندوقا حكوميا رسميا أو لجنة وزارية مع أن ذلك واجب لا نقاش فيه بل يعني أن يتحرك المجتمع المحلي، أفرادا وجمعيات و مقاولات صغيرة
مقترحات.
ليفتح بابا للأمل يمكن أن تنطلق مبادرة تضامن جماعية تتيح تبرعات مالية ولو رمزية، أو إعادة تجهيز بعض المحلات، أو توفير معدات بسيطة تعيد الحركة إلى أياد وقفت فجأة دون أدواتها. يمكن أن يكون الدعم بشراء بضائعهم فور عودتهم، أو بمساعدتهم في الترميم، أو بمجرد منحهم الشعور بأنهم ليسوا وحدهم في هذا الإمتحان القاسي.
والدعم ليس ماديا فقط، هناك دعم معنوي لا يقل قيمة، زيارتهم، مشاركتهم الألم، نشر قصصهم، التذكير بأن ما ضاع اليوم يمكن أن يعود غدا أقوى مما كان.
وفي جانب آخر، هناك الحاجة إلى وعي وضغط مدني على الجماعات والجهات المعنية لتفعيل آليات الدعم والتعويض والتنظيم الحضري بسرعة وعدل، فخسائر التجار ليست حادثا عرضيا، بل نتيجة هشاشة بنايات وتراكم إهمال دام سنوات.
تازة ليست مدينة تنسى أبناءها
هي مدينة صنعتها أيادي البسطاء، و احتضنت أجيالا من الحرفيين الذين أعطوا لـ أسواقها وشوارعها روحا لا تباع ولا تشترى.
وما دامت هذه الروح حية، فإن ما احترق يمكن أن يبني من جديد.
اللحظة اليوم ليست لحظة بكاء على الدخان الذي تصاعد صباحا، بل لحظة تفكير في المستقبل: كيف نعيد الحياة إلى ما احترق، وكيف نثبت أن التضامن ليس شعارا، بل قوة تعيد بناء مدن بكاملها.
ماذا لو…؟
ماذا لو تحرك التازيون جميعا؟
ربما سنكتشف أن ما يمكن أن يحترق من محلات لا يمكن أبدا أن يحترق من روح مدينة تعرف معنى التكافل حين يشتد البلاء.







