تداعيات الصراع الروسي الأوكراني على الاقتصاد المصري

تداعيات الصراع الروسي الأوكراني على الاقتصاد المصري

بقلم د.حمدي سيد محمد محمود باحث أكاديمي

تتباين تداعيات الأزمة الحالية على الاقتصاد المصري نظرا لكونها أكبر مستورد للقمح في العالم، كما أن قطاع السياحة في مصر يعتمد بشكل كبير على السياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا. ونستعرض عبر هذا المقال آثار وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والمخاطر المحتملة على الاقتصاد المصري والتي تتمثل في:
أولا:ارتفاع عجز الموازنة العامة
في ظل تقدير الموازنة العامة للدولة المصرية على مدار العام المالي الحالي 2021-2022 سعر برميل النفط عند مستوى 61 دولار، بينما ارتفعت الأسعار للتجاوز 100 دولار للبرميل، يُشكل هذا الفارق عبئا كبيرا على الاحتياطي النقدي والموازنة العامة الدولة.

وعلى صعيد القمح

تستهدف مصر شراء نحو 8.61 ملايين طن، منها 5.11 ملايين طن عن طريق الاستيراد، حيث حدد مشروع موازنة العام المالي 2021/2022 سعر القمح المخطط استيراده بقيمة تبلغ 255 دولار للطن، مقارنة مع 193.8 دولارًا للطن خلال العام المالي السابق 2020/2021، بزيادة بلغت 61.2 دولارًا، غير أنه بسبب التوترات والأزمة الحالية رفعت روسيا أسعار القمح فى نوفمبر 2021 ووصل سعر الطن إلى 327 دولار.
ومن المتوقع أن تُترجم الزيادة في سعر القمح الفعلي مقارنة بسعره التقديري بمشروع الموازنة إلى زيادة العجز المالي خلال العام الجاري، وصعوبة تخفض العجز الكلي من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة.

ثانيا: ارتفاع كبير في أسعار القمح

و تُعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث تُوفر روسيا وأوكرانيا نحو 80% من واردات القمح لمصر. وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن مصر خلال الـ 11 شهر الأولى من عام 2021، حصلت على 4.2 مليون طن من القمح الروسي بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح، وعلى 651,4 ألف طن من القمح الأوكراني بنسبة 10,7%.
و وفقًا لبيانات منظمة “الفاو” فإن كلاً من روسيا وأوكرانيا تحتلان مركزا بالغ الأهمية في سوق المواد الزراعية في العالم حيث توردان 25 % إنتاج الحبوب في العالم.
و تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن نسبة واردات المواد الغذائية من إجمالي الواردات السلعية تبلغ نحو 20.7%، وبسبب تأثر وانقطاع سلاسل التوريد بسبب الأعمال العسكرية و العقوبات الاقتصادية التي المفروضة على روسيا سوف تتراجع مستويات الإمداد من السلع الغذائية أو سترتفع أسعارها بشكل واضح، مما يؤدى إلى اتساع عجز الميزان التجاري غير البترولي البالغ 42.1 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2021، وهو الأمر الذي من شأنه زيادة فاتورة الاستيراد مما يُثقل كاهل الاحتياطي النقدي المصري من العملة الصعبة

 

.
ثالثا: ارتفاع أسعار النفط عالميا
شهدت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا بلغ أكثر من 8% ليتجاوز مستوى 105 دولارات لبرميل خام برنت، بسبب فرض الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات اقتصادية على روسيا، بجانب عزل بعض البنوك عن نظام الدفع العالمي “سويفت”، والذي أدى إلى إضعاف قيمة الروبل الروسي، و ينعكس هذا الارتفاع بشكل كبير على زيادة تكلفة استيراد المواد البترولية. هذا إلى جانب كثير من توقعات خبراء الاقتصاد بأنه إذا طال أمد الحرب واتسع نطاقها، من المتوقع أن يقفز سعر البرميل إلى 150 دولارا.

 

رابعا: زيادة معدلات التضخم
زيادة أسعار السلع الغذائية وتكاليف المواد الخام عالميا سيكون له تأثير مباشر فى مستوى ارتفاع أسعار السلع الغذائية محليًا بسبب اعتماد الدولة على السلع والخدمات المستوردة من الخارج، مما يسرع من وتيرة التضخم المالي فى مصر ويؤثر سلبا على القدرة الشرائية، وقد يدفع ذلك البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة الفترة القادمة للسيطرة على معدلات التضخم.
وسجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في يناير الماضي 8%، مقابل 6.5%، ليسجل بذلك أعلى مستوى له منذ سبتمبر 2021، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وعلى مدار الشهور الماضية يسجل معدل التضخم الشهري ارتفاعًا ليتأرجح بين مستوى 6 و8%.
خامسا: انخفاض أعداد السياح الوافدين
ستؤثر الحرب الناشبة بين روسيا وأوكرانيا وإغلاق المجال الجوي الأوكراني وفرض حظر طيران في الأجواء الروسية الى إلغاء مئات الحجوزات الوافدة لمصر من أوكرانيا أو روسيا، حيث شهد فبراير الماضي انخفاض عدد الرحلات السياحية الأوكرانية إلى جنوب سيناء إلى نحو 188 طائرة مقارنة بنحو 264 طائرة في يناير 2022، وشهد أيضا عدد الرحلات السياحة الروسية انخفاضا من 463 طائرة في شهر يناير إلى 225 طائرة في شهر فبراير. وتمثل السياحة الروسية والأوكرانية ما بين 60 و65% من حجم الأسواق الوافدة إلى مصر، في الفترة الأخيرة.
ويعد قطاع السياحة المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي حيث تُساهم السياحة بما يصل إلى 15% من الناتج الاقتصادي لمصر، وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، فإن قطاع السياحة المصري، شهد، المزيد من التعافي خلال 2021 مع عودة حركة السفر الدولية، لترتفع
الإيرادات بنحو 20% في النصف الأول من 2021 مقارنة بالعام السابق.
سادسا: ارتفاع أسعار الذهب والمواد الخام
تسببت الأزمة في صعود أسعار الذهب لتتخطى حاجز 1800 دولار للأوقية خلال شهر فبراير 2022، وصعد سعر الجنيه الذهب أيضا بنحو 272 جنيها خلال تعاملات إلى 6904 جنيهات، ويساوي هذا السعر قيمة الذهب في الجنيه، ويرتبط سعره بأسعار الجرام عيار 21.
وتعتمد كثير من دول العالم على روسيا في تأمين إمدادات العديد من المعادن والمواد الخام المستخدمة في عدد من الصناعات خاصة صناعات الإلكترونيات، وصناعة السيارات والأجهزة المنزلية، وفي ظل الحرب الدائرة وفرض عقوبات غربية على الاقتصاد الروسي سوف تتأثر سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار تلك المواد التي تعاني بالفعل من أزمة في نقص الرقائق وأشباه الموصلات.
وفى إطار مواجهة هذه التحديات الصعبة، يتعين على الحكومة المصرية إيجاد بدائل وحلول سريعة، تساعد في الحد من الآثار السلبية الناتجة عن الحرب الدائ

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.