تدشن مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية والاستثمار المشترك بين عُمان ومصر اللجنة المصرية العُمانية المشتركة تباشر أعمال دورتها الـ 14 بمسقط
القاهرة ،مسقط، خاص:
يأتي انعقاد أعمال اللجنة المصرية العُمانية المشتركة بمسقط في دورتها الـ 14 في إطار مُتابعة تنفيذ نتائج الزيارة المهمة للرئيس السيسي إلى سلطنة عُمان واللقاء بينه والسُلطان قابوس في فبراير 2018، وعلى رأسها العمل على تعزيز علاقات التعاون الثنائي في كافة المجالات، وخاصةً على الصعيد الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري، والدفع بها إلى آفاق أرحب بما يرقى إلى مستوى العلاقات الأخوية المتميزة التي تجمع بين البلديّن والشعبيّن الشقيقيّن.
ومن المُقرر أن تشهد أعمال اللجنة التوقيع على عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الجانبين، فضلاً عن التشاور وتنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وبما يُعزز من قوة العلاقات بين البلدين ويدفع مسار العمل العربي المشترك باعتباره دعامة أساسية للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
وقد رسخت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عُمان، ولقاءاته مع المسئولين العُمانيين، الأطر الاستراتيجية للعلاقات العُمانية المصرية في شتى المجالات، وبالأخص في الجوانب الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية المشتركة، لأن ثمة رغبة مشتركة من البلدين في السعي نحو مواجهة التحديات الاقتصادية التي تفرضها البيئة الاقتصادية الدولية.
إذ ترغب مصر وعُمان في تكثيف وتوطيد علاقات التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري، بعد أن نجحت الدولتان في تأهيل المناخ الاستثماري الذي يحتاجه المستثمر المحلي والاجنبي، ولا سيما في المجالات اللوجستية، وتوفير البنى التحتية العصرية من الطاقة والمياه والكهرباء والطرق، تعزيز استقلالية وكفاءة القضاء، وتحديث الأطر التشريعية المناسبة للاستثمار من خلال إقرار القوانين الجاذبة وتوفير حوافز للمستثمرين.
وتجسد اللقاءات المستمرة بين المسئولين فى مصر وعُمان رغبة الحكومتين في استثمار علاقاتهما المتميزة في تنشيط الجانب الاقتصادي منها باعتبار أن السوق المصري يعد من الأسواق الواعدة وأن عُمان تنظر إلى مصر بأنها إحدى المحطات الهامة التي يمكن من خلالها إعادة التصدير للبلدان الأفريقية المجاورة .
آلية التفعيل واتفاقيات التعاون
تمثل اللجنة العُمانية المصرية المشتركة آلية مهمة ضمن آليات تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وعُمان، من خلال الانتظام في عقد دوراتها مرة في القاهرة والأخرى في مسقط، الأمر الذي يمثل نقلة أخرى مهمة في خطوات تنشيط وتفعيل أطر ومجالات التعاون بين مصر وسلطنة عمان بشكل أكبر وفي كل المجالات وبما يدعم جهود التنمية في الدولتين ويعود بالخير على شعبيهما.
وخلال استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 24 فبراير 2019 أسعد بن طارق آل سعيد، نائب رئيس الوزراء العماني لشؤون العلاقات والتعاون الدولي وممثل السلطان قابوس، على هامش انعقاد أعمال القمة العربية الأوروبية الأولى بشرم الشيخ، أشاد الرئيس السيسي بمتانة العلاقات الثنائية بين البلدين، ومؤكداً في ذات الوقت التطلع لتعزيز تلك العلاقات مع الجانب العماني في مختلف المجالات بما يُحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، وكذلك لتبادل وجهات النظر بشأن قضايا المنطقة، منوهاً في هذا الصدد بالتوازن والحكمة التي تتسم بها السياسة العمانية بقيادة السلطان قابوس .
ومن جانبه؛ ثمن نائب رئيس وزراء سلطنة عمان تميز العلاقات المصرية العمانية، وما يجمع الشعبين والبلدين الشقيقين من تاريخ ممتد من المودة والتعاون المشترك، مؤكداً حرص بلاده المتبادل على تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر على جميع الأصعدة ومواصلة دفع أطر التعاون المشترك إلى آفاق أرحب، لا سيما في ضوء المكانة الخاصة التي تحظى بها مصر على المستويين الرسمي والشعبي في عمان، ودور مصر الداعم لأمن واستقرار دول الوطن العربي، خاصةً الخليجية .
وخلال لقائه بالقاهرة يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العُماني في أبريل 2017، أكد الرئيس السيسي حرص مصر على تطوير التعاون الثنائي مع عُمان في مختلف المجالات، وتعزيز مستوى التنسيق والتشاور بين البلدين، وأعرب عن تطلعه لأن تساهم نتائج أعمال اللجنة العُمانية المصرية المشتركة في تفعيل مختلف أوجه العلاقات الثنائية وتحقيق تقدم ملحوظ في التعاون الثنائي في شتى المجالات.
وكانت زيارة سامح شكري وزير الخارجية إلى سلطنة عُمان في مطلع عام 2017 قد أحدثت دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، ومن أجل استدامة تحقيق النتائج المثمرة للزيارة، أوصت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، بتكثيف التعاون والتبادل التجاري بين مصر وسلطنة عمان، وسرعة تنفيذ وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وإنشاء لجنة عليا مشتركة للتنسيق والتكامل بينهما، كما أوصت اللجنة بتعيين ملحق تجاري لمصر في سلطنة عُمان بناء على طلب المصريين العاملين في السلطنة لتسهيل التجارة بين البلدين، وتفعيل وتكثيف الدور المهم للجهود المصرية في السلطنة في مختلف المجالات لما لها من دور حيوي في تعزيز الروابط الشعبية بين البلدين الشقيقين.
وثمنت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، فى بيان لها 17/1/2017، قرار السلطان قابوس بالتوجيه لحكومته بتسهيل العقبات التي تواجه العمالة المصرية فى السلطنة وأمر السلطان بدراسة المشروعات المعروضة من الجانب المصري لإنشائها بمصر ورصده نحو 250 مليون دولار للاستثمارات فى مصر.
وفي ترجمة واقعية تعكس رغبة البلدين المشتركة في تعزيز أُطر التعاون، وقعت مصر وعُمان في الرابع والعشرين من فبراير 2017 ثلاث اتفاقيات للتعاون الثنائي في مجالات الشباب والرياضة والطلائع، والتدريب العمالي بين وزارتي القوى العاملة في البلدين، واتفاقاً حول المساعدة والتعاون المتبادل في الشؤون الجمركية، في ختام اجتماعات الدورة الـ13 من أعمال اللجنة المصرية العمانية المشتركة، التي عقدت بالقاهرة برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري، ويوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العُماني.
وتفعيلاً للتعاون الاقتصادي بين البلدين، جاءت اللقاءات الثنائية المصرية العُمانية والتي نظمتها الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات العمانية (إثراء)، بالقاهرة خلال مايو 2017 بين نحو 20 شركة عُمانية وعدد من الشركات المصرية، وذلك لبحث زيادة فرص التبادل التجاري المشترك.
كما شهد مايو 2017 جولة مباحثات بين مصر وسلطنة عمان بشأن التعاون في مجالات الخدمة المدنية والتطوير الإداري، إذ بحثت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري مع خالد بن عمر بن سعيد المرهون وزير الخدمة المدنية العُماني، على هامش اجتماعات المنظمة العربية للتنمية الإدارية بمدينة الدار البيضاء، التعاون في مجالات الخدمة المدنية.
وتم تأطير هذه المباحثات بمذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين لتعزيز التعاون في المجالات المشتركة، والاستفادة المتبادلة من الممارسات والتجارب الإدارية الناجحة المطبقة في كلا البلدين، وبصفة خاصة أنظمة إدارة الجودة وتنمية الموارد البشرية والقوانين والتشريعات المنظمة للوظيفة العامة، وتفعيل تقنية المعلومات وتبسيط الإجراءات وأنظمة العمل في القطاع الحكومي.
كما عُقد لقاء تعريفي لرجال الأعمال المصريين عن مميزات الاستثمار في سلطنة عُمان من قبل الاتحاد العالمي للمستثمرين يوم 15/11/2017 بمناسبة العيد الوطني السابع والأربعين للسلطنة.
ويبدو أن شهر مايو هو شهر التعاون الإداري بين سلطنة عُمان ومصر، إذ شهد مايو 2014 توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وعمان في مجال التطوير الإداري، شملت مجالات عديدة منها التدريب والتطوير والاستشارات والتخطيط الوظيفي وتبادل القوانين والتشريعات المنظمة للموارد البشرية والتقنية الحديثة والآليات المستخدمة في قياس عائد التدريب والتطوير الإداري.
وانطلاقاً من التناغم في الأفكار والمبادرات المصرية العُمانية، طرحت مصر وسلطنة عُمان رؤية مشتركة لتطوير سوق التأمين العربي، وذلك خلال الاجتماع الدوري الثاني لمنتدى الهيئات العربية للإشراف والرقابة على أعمال التأمين التي استضافتها سلطنة عُمان مؤخراً، بمشاركة واسعة من ممثلي الهيئات الرقابية من مختلف الدول العربية.
فضلاً عن ذلك، تشكل الاستثمارات العمانية جزءا مهماً من الاستثمارات الخليجية والعربية في مصر، وثمة تعاوناً ملحوظاً بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين، وهناك نحو 142 شركة مصرية كبرى تقوم بمشروعات ضخمة في سلطنة عُمان في مجالات البنية التحتية.