ترتقي المجتمعات برقي فنونها.. الفن وتحضر الشعوب

ترتقي المجتمعات برقي فنونها.. الفن وتحضر الشعوب

بقلم :دكتورة دليلة مختار

يظل الفن بمختلف أشكاله وصوره عبر العصور و تعاقب الحضارات يلعب دورا مهما في بناء المجتمعات و تقدمها. فهو مجموعة من الأعمال البشرية التي تهدف إلى لمس الحواس و العواطف (كالرسم و النحت و الفيديو و التصوير الفوتوغرافي و الرقص و الموسيقى وغيرها).

 وهو وسيلة إتصال جماهيري تسمح للفنان بتوصيل الأفكار والإنطباعات و العواطف من خلال استخدام التدريج الجمالي الذي يهدف إلى إقامة تواصل معين من الروح مع جمهوره.

فدور الفن هو تمكين كل من الأفراد والمجتمعات من إقامة أو تحديث علاقاتهم مع أنفسهم، مع بيئتهم، مع إخوانهم من البشر وإنسانيتهم، باختصار، لتعديل علاقتهم مع الواقع.

التقارب بين الشعوب

 فهو أقوى الجسور التي تشيد بين الشعوب و أسرعها تأثيرا، بل و قد يلعب دورا تعجز السياسة أن تلعبه.

 حتى الرياضة و إن كانت تقارب بين الشعوب، إلا أنها تخلق تنافسا و مشاحنات من شأنها أن تؤدي إلى بعض الخلافات، بينما الفن يكون دوما محطا للإلجماع.

 وهو ما نلمسه حرفيا في مجتمعاتنا، على سبيل المثال فقد لا نتأثر بأي رأي أو حقيقة نسمعها أو نقرأها و لكن إذا ما تم تجسيدها في عمل فني كفيلم أو أغنية فإن التأثر بها يؤتى ثماره بأشكال مضاعفة و سريعة، و لطالما حركت الموسيقى و الأناشيد وجدان الشعوب لتتحول إلى وحش كاسر في الحروب تبرز وطنيتها و عنف إنتمائها إلى أوطانها، و لكم من عمل سنيمائي و شريط وثائقي حرك مشاعر البشر و جعلها تتعاطف و تنتفض لأجل الآخرين.

 إذ أن الفن يسمح للجميع بالدخول في تواصل روحي مع أفراد آخرين، والشعور بأنهم يشاركون اللحظات والمشاعر معهم، وأن يكونوا متعاطفين مع ما يشعرون به.

 كما أن الفن عمل دائما على إحياء ذكرى الأحداث وصياغة الذكريات وتمجيد الشخصيات و سرد الأحداث التاريخية و الحضارية، فهو يلعب دورا في بناء هوية الأفراد والمجتمعات.

ونذكر أن للفن وظائف عديدة نشير إلى بعضها في أنه يسمح للأفراد بالتعبير عن أنفسهم وتزيين بيئتهم لتجسيدها، له وظيفة رائعة لخلق المشاعر، يعتبر أداة هامة للتعليم و نشر المعرفة، و أيضا أداة للدعاية و التلقين.

مطالعة النفس

 كما أنه معروف بقدرته على الاستبطان “مطالعة النفس”، بل وقد اكتشف الإغريق القدماء قدرته على التنفيس، و يستخدم حاليا في العلاج مثلما أصبحنا نرى و نقرأ عن “العلاج بالفن و الموسيقى” لأمراض مختلفة لاسيما لذوي الإحتياجات الخاصة من أهل الهمم.

قيم التسامح

كما أن للفن دور في ترسيخ القيم من حيث مساهمته في تهذيب الفرد و الإرتقاء بالذوق العام، و إلغاء أي فوارق اجتماعية بين الأفراد، و إسهامه في تكوين شخصية معتدلة، مفكرة، صبورة ومبتكرة.

 بالإضافة إلى أنه يعزز قيم التسامح و تفهم الآلام، مما يصبغ لدى الفرد ثباتا إنفعاليا في معاملاته يجعله يرتقي بنفسه إلى أعلى درجات الرقي و السمو في مختلف مناحي حياته.

استخدام الفنون في التعليم

و من خلال ما تم ذكره، فإننا نتوصل إلى أن الفن يمثل ضرورة حتمية في حياتنا اليومية، بل و في كل خطوة نخطوها، لذلك وجب تفعيل استخدام الفنون في التعليم لما لها من أثر في الفهم السريع و التفكير الإبداعي، و تذكر المعلومات و تحسين التركيز لدى الطالب و قدرته على حل المشكلات و التفكير خارج الصندوق.

إهتمام الأسرة

و أخيرا، نوجه ضرورة إهتمام الأسرة بالجانب الفني و تنمية المواهب الفنية  لدى الأبناء مثل” الموسيقى والرسم  و تعويدهم على زيارة المسارح و الأوبرا و المتاحف”.

الزيارات الميدانية

 والتأكيد على ذلك المنهج في المدارس استكمالا لمسيرة التربية في الأسرة من خلال أساليب التعليم وممارسة الأنشطة الفنية المختلفة و الزيارات الميدانية للأماكن الأثرية محاكاة لدروس التاريخ المدونة في الكتب مما يجعلها ترسخ في أذهان الطالب بشكل يضمن ثباتها و استيعابها.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.