ترك الشيخ وثورة الغضب .. مصر جاءت وجاء التاريخ بعدها وصدرت الإسلام لكم
ترك الشيخ وثورة الغضب …في مشهد إعلامي متعدد الأوجه برزت تصريحات عبثية لتركى آل الشيخ كمحور للنقاشات الحادة وأثارت ردود فعل واسعة النطاق في مصر وتجلت فيها حساسية الهوية الوطنية والاعتزاز بالتاريخ المصري.
بقلم / عزة الفشني
حيث تصدى المصريون حماة تراثهم العريق بكل قوة للتصريحات التي اعتبروها مستهينة بتاريخهم و مسيئة لكرامتهم مؤكدين على عظمة حضارتهم التي تعد من أقدم الحضارات في العالم.
دفاعهم عن بلدهم كان انعكاساً طبيعياً لاعتزازهم العميق بجذورهم و رفضهم القاطع لأي محاولات تقليل من شأن إرثهم الحضاري الكبير
ويظهر ذلك في التفاعل الشعبي الواسع و البيانات الرسمية الصادرة دفاعاً عن تاريخ مصر و مستقبلها و تأتي هذه التصريحات في سياق جدل أوسع حول دور الشخصيات العامة في تشكيل الراي العام وتأثيرها على العلاقات بين الدول والحوار الثقافي بين الشعوب.
من الواضح أن الاهمية التاريخية والثقافية لمصر هى ما دفعت هذا التركى للتقليل من تاريخ وحضارة وعراقة مصر في محاولة منه لإنتزاع موقعها القيادى البارز فى منطقة الشرق الأوسط وإسناد هذا الدور إلى بلاده لكن كل محاولات الإنتقاص والنيل من مصر دائماً ما تبوء بالفشل فمصر ذات تاريخ عريق وحضارة ضخمة معترف بها عالمياً مما يجعلها مرجعاً هاماً للمقارنات.. فتصريحات تركي آل الشيخ الموجهة لمصر بحكم أن لها حضور إعلامى مميز وتفاعل شعبى كبير وكنوع من أنواع التروج وتسليط الضوء على إنجازات دولة بعينها .
– مصر صدرت الإسلام إلى الدولة التى نزل بها الإسلام
لكن ما لا يعلمه آل الشيخ ومن على شاكلته أن حضارة مصر الآبيه منذ بدء الخليقة وهى مذكورة باسمها من الخالق سبحانه وتعالى.. مصر أم الدنيا وفيها خزائن الأرض كما جاء في سورة سيدنا يوسف عليه السلام.. وقال عنها شيخنا الجليل الإمام الشعراوى إن مصر صدرت الإسلام إلى الدولة التى نزل بها الإسلام.. فهي غنية عن التعريف من قبل هذا وذاك ويعلم جميع أهل الأرض أن مصر هى الحضارة والإلتزام والتدين المعتدل حتى من قبل دخول الإسلام بها فهي فى رباط إلى يوم قيام الساعة وكل مواطن مصرى يعتز بوطنيته ولا يلتفت إلى أمثال ترك أو غيره.
فى بعض تصريحاته العنترية يجري تركي آل الشيخ مقارنات بين مصر والسعودية فى محاور مختلفة وذلك لأسباب عديدة منها السياق التنافسى حيث تكون المقارنات غالباً فى العديد من المجالات مثل الإقتصاد. البنية التحتية. التعليم أو الترفيه. وذلك جزء من التنافس الإقليمى وتسليط الضوء على إنجازات دولة بذاتها.. وفى ترويجه لإنجازات السعودية على حساب أم الدنيا إنتقص بشكلٍ سافر التاريخ الضخم والعريق لمصر ذات الحضارة الفرعونية القديمة والفريدة.. والإسهامات الكبيرة لقدماء المصريين فى العلوم والفنون والعمارة. وتأثيرهم فى التاريخ العالمى.. وهذا ليس بكلام مرسل أو دفاعاً عن مصريتى فقط لكن حضارة مصر العريقة واسهاماتها فى الإنسانية معترف بها عالمياً.
– الإضطراب النفسي وتناقض تصريحات آل الشيخ
أما عن تصريحاته الأخيرة حول رغبته في عمل يبرز للعالم تاريخ مصر وحضارتها الفرعونية والتى يبدو فيها أنها تناقض واضح لتصريحاته السابقة والتى تظهر أننا أمام شخصية حدية تعاني من الشيزوفرينيا أو الإضطراب النفسي.. فلسنا بحاجة إلى من يتحدث عن حضارتنا.. العالم أجمع هو من يتحدث عنها. ويكفينا فخراً وعزة أن الله عز وجل ذكرها فى مواضيع كثيرة من القرآن الكريم.. فمن الجائز أن الهدف وراء هذا التصريح هو دس السم في العسل فمن يحمل هذا الكره والحقد والضغينة لمصر من الممكن أن يفسد علينا حضارتنا بحجة صنع فيلم عالمي وينسبه لنفسه.. فإذا كان صادق النية من الأفضل له أن يصنع فيلم عن التكية المصرية أو عن عامل رمادا أو عن المحمل وكسوة الكعبة المشرفة والتى كانت تخرج من مصر سنوياً في موسم الحج.. بخلاف المعونات التي كانت تقدمها مصر لأهل السعودية قديماً.. كل ذلك مدون فى التاريخ بأحرف من ذهب ليبرهن على عظمة مصر.. فنحن المصريون نعلم جيداً تاريخ وحضارة بلدنا فلسنا بحاجة إلى من يروج عنها.. حضارتنا معروفه منذ آلاف السنين.. وعليه أن يشغل هذا الترك نفسه ببلده ويمحي الأمية والجهل عنها والتى اعتقد انه من بينهم.. فالجاهل ليس بالضرورة من لا يجيد القراءة والكتابة فهناك الكتير ممن لديهم أعلى الشهادات والجهل سائد عقولهم.
– مصر جاءت ثم جاء التاريخ بعدها
من دلائل عظمة مصر كما يرويها لنا التاريخ يحكى قديماً أن نبى الله إبراهيم مر بمصر العظيمة لتلقى العلم وأعطاه ملك مصر هدية عبارة عن جارية مصرية مثقفة ومتدينة وهي السيدة هاجر جدة أولاد العم تزوجها وأنجبت له ولد أسماه إسماعيل.. ذهب بهم نبى الله لوادٍ غير ذى زرع صحراء جرداء لا زرع بها ولا ماء.. ولأن الأمر كان صعب لكن فى النهاية امتثلت السيدة هاجر ورضيت بأمر الله.. وعاشت فى هذا المكان وصار الآن باسم المملكة العربية السعودية.. وأخرجت منها أعظم رجال البشرية وخير البرية إمام المرسلين سيدنا محمد رسول الله. فإذا كانت الرواية من عظمة تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا فليكن وإن لم يكن فلا تتلاعبوا بالتاريخ ولا بالحضارات السابقة لأن هذا لايليق بمكانتنا ولا بأخلاقنا ولا بعظمة ديننا الحنيف. فمصر جاءت ثم جاء التاريخ.
– تصريحات آل الشيخ فردية لا تمثل إلا نفسه
لكن أؤكد أن هذا الجدل الذي أثاره تصريحات تركي آل الشيخ هى تصريحات فردية لا تمثل السعوديين.. فلا يجب ألا ننساق وراء من يحاولون إشعال الفتنة بين الشعوب.. المملكة العربية السعودية لها في قلوب المصريين منزلة وحب لا ينافسه إلا حبنا لمصر فلو سألونا عن أحب بلاد الدنيا إلينا بعد مصر فهي المملكة.. ألا يكفي أن فيها مكة والمدينة.
أختتم فصل التصريحات المثيرة للجدل بالتأكيد على عزم مصر الذى لا يلين وتاريخها النورانى الذي سيبقى شعلة لا تنطفئ تضئ درب الأجيال القادمة متحدية كل محاولات التشويه ومدافعة بكل شموخ عن هويتها و تراثها الأبدى و بذلك تبقى مصر هى مصر الأصالة و العظمة تسير بثبات نحو مستقبل مشرق تحفظ فيه كرامتها و تراثها بكل اعتزاز و فخر
وستبقى منارة للحقيقة فى عالم متغير وستسطر باستمرار قصة عظمتها للأبد.
أما شعب مصر العظيم الذي برز لحصن منيع وتصدى بصلابة لأى محاولات من شأنها تزييف او تقزيم لتاريخهم المجيد متمسكين بتراثهم كأمانة لا تمس.. ومؤكدين بكل فخر أن حضارتهم هى نسيج من نور ساطع فى مسار الإنسانية. ودفاعهم عن بلدهم لم يكن مجرد رد فعل بل كان تعبيراً عميقاً عن وعيهم بقيمة وطنهم وإيمانهم الثابت بأنه ركيزة أساسية فى صرح الحضارة العالمية فكان صمودهم فى مواجهة تلك التصريحات شاهداً حياً على رسوخ هويتهم وعلى حيوية تاريخهم المتاصل فى وجدانهم وضميرهم .



