تريزا فى مفترق الطريق(2) يبقى الوضع على ما هو عليه !!

كتب أحمد الدليل 

في  مقال سابق تم التطرق لتلك الأزمة (البريكست )الخاصة بإنفصال وخروج بريطانيا من الكيان السياسي والإقتصادي الموحد وهو ما يعرف على الساحة الدولية بالإتحاد الأوروبى.
وقد تم الحديث عن رفض البرلمان البريطانى فى جلسة ١٥يناير الماضى
الإتفاق الذى تم بين تريزا ماى ورئاسة الإتحاد الأوروبى فى بروكسل مما سبب مأزق للجميع وخاصة الجانب البريطانى وذلك الإقتراب موعد الخروج فى ٢٩ مارس الحالى.
منذ تلك الجلسة العاصفة لمجلس العموم وبدأ شبح البريكست العشوائي الفوضوى غير المنظم يظهر فى الآفاق بقوة مصحوبا بنتائج إقتصادية مظلمة وبخاصة على الجانب البريطانى.

 

فخلال السنوات الماضية كون بريطانيا عضوا داخل الإتحاد الأوروبي بالتالى كانت عضوا داخل الإتحاد الجمركي لدول أوربا وبالتالى إعفاء حركة السلع والخدمات الصادرة منها والواردة من أوربا من الضوابط الجمركية ذلك أدى إلى سهولة وإنسياب فى تدفق التجارة بين بريطانيا وباقى ٢٧ دولة من أعضاء الإتحاد الأوروبي وجديد بالذكر أن حجم المعاملات التجارية مع أوربا تبلغ ٥٠% من إجمالى حجم التجارة البريطانية

السؤال الذى يطرح نفسه عما سوف يكون من تأثير سلبى للبريكست؟
وللإجابة عن ذلك السؤال نستعرض بعض الدراسات التى أجريت بخصوص النتائج المترتبة على البريكست.

 

أجرى المعهد البريطانى للدراسات الإقتصادية والإجتماعية دراسة مفادها أنه بحلول عام٢٠٣٠ ستكون إجمالى تكلفة الخروج من الإتحاد الأوروبي قد بلغت١٠٠مليار جنيه أسترلينى وستكون حجم التجارة مع أوربا ٤٦% مما هى عليه الآن وسيقل الإستثمار الأجنبى إلى ٢١% مما هو عليه الآن ويصاحب ذلك بالطبع تراجع فى متحصلات الخزينة البريطانية من الضرائب
و فى دراسة أخرى أجراها معهد المديرون البريطانى فى الفترة من ١٧_١٩يناير على أكثر من ١٢٠٠ شركة من الشركات العاملة فى بريطانيا أبدى ٢٩% من هذه الشركات إستعدادهم لنقل أنشطتهم خارج بريطانيا إذا ما تم تفعيل البريكست بشكل فعلى.

الدراستين السبقتين تمثلان لمحة بسيطة عن توقعات وتكهنات حول تأثير البريكست إقتصاديا على بريطانيا فماذا حدث على أرض الواقع فى الأيام الماضية؟

أعلنت شركة هوندا اليابانية لصناعة السيارات إغلاق مصنعها داخل بريطانيا وسبقتها شركة سونى للأجهزة الكهربائية بقرار أقل حدة بنقل بنقل مقارها الرئيسى فى أوربا من لندن إلى أمستردام .

كذلك هدد إيرباص عملاق صناعة الطيران الأوروبى بإغلاق مصنعها فى بريطانيا فى حالة حدوث بريكست بدون إتفاق مع بروكسل.
وعلى مستوى القطاع المصرفى قام العديد من البنوك وفى مقدمتها فروع البنوك أمريكية إتخذت إحتياطاتها بنقل أنشطتها إلى مدن أوربية مثل أمستردام وباريس.

أما على مستوى الحياة المعيشية فى بريطانيا بدأ المواطنين فى تخزين السلع الأساسية وبخاصة الأدوية خوفا من حدوث نقص حاد فى تلك السلع إذا ما حدث بريكست بدون إتفاق.

فعلا سيحدث إنهيار إقتصادى لا يعلم عقباه إلا الله فى حالة إكتمال البريكست إتضحت مؤشراته خلال شهرى يناير وفبراير الماضيين .
نتيجة ما سبق وخلال جلساته فى الأسبوع الماضى رفض مجلس العموم البريطانى خروج بريطانيا عشوائيا من الإتحاد الأوروبي بدون إتفاق وكذلك أصر البريطانيون على رفض آتفاق تريزا ماى مع الأوربيين بخصوص ترتيبات الخروج .
وبغض النظر عن الأعباء الإقتصادية لإتفاق الخروج إلا أن السبب الرئيسى لرفضها هو أنها تتضمن بقاء أيرلندا الشمالية الخاضعة للتاج البريطانى ضمن الإتحاد الجمركى الأوروبى و يرى أعضاء مجلس العموم أن ذلك يؤدى إلى المساس بوحدة بريطانيا ويعرضها للتفتت مستقبلا.
وعلى الجانب الأوروبى ترى بروكسل أن أيرلندا الشمالية يجب أن تظل تحت الإتحاد الجمركى الأوروبى لأن ذلك كان أهم أسباب نجاح إتفاق السلام فى أيرلندا فى عام١٩٩٨.
بالتالى قرر البريطانيون إبقاء الوضع على ماهو عليه .
هذا فعلا ملخص ما توصل إليه البريطانيون من خلال
الجلسات المتتالية لمجلس العموم البريطانى خلال الأسبوع الماضى و التى أختتمت بجلسة الخميس١٤ مارس بالتصويت على تأجيل الخروج من الإتحاد الأوروبى حتى نهاية يونيو من العام الحالى٢٠١٩ ليتم طرح نفس السؤال من جديد بالرغم من إستمرار المفاوضات خلال العامين الماضيين بدون جدوى هل يستطيع البريطانيون والأوربيون فى خلال ثلاثة أشهر من الآن الوصول إلى إتفاق يرضى جميع الأطراف ؟.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.