تظاهرات الجنوب و الملفات المؤجلة امام الحكومة العراقية المقبلة … بقلم اللواء د. عماد علوّ “العراق”
نقلا عن العدد العاشر لصحيفة اليوم الدولى ـ حاليا بالآسواق
ـ نقلا عن العدد العاشر لصحيفة اليوم الدولى ـ حاليا بالآسواق
على الرغم من نجاح حكومة الدكتور حيدر العبادي في التصدي لكثير من الملفات الشائكة والمعقدة التي ورثتها من حكومة السيد نوري المالكي ، مثل ملف مواجهة تنظيم داعش الارهابي وتحرير المحافظات التي احتلها التنظيم الارهابي ، وملف كركوك واعادتها الى سلطة الحكومة الاتحادية ، كذلك ملف المنافذ الحدودية والمطارات ، كما نجحت حكومة العبادي في تقليص النفقات والهدر المالي لمواجهة تداعيات انخفاض اسعار النفط ..!
الا أن حكومة الدكتور حيدر العبادي شأنها شأن سابقاتها من الحكومات العراقية التي تعاقبت منذ الاحتلال الامريكي للعراق في عام 2003 ، فشلت في التصدي لظاهرة الفساد المالي والاداري ، الذي عرقل عمليات التنمية وتسبب بهدر مبالغ خيالية من العملة الصعبة ، فتقلصت فرص العمل امام الشباب العراقي ، وتدنت بل وانعدمت تقريبا” الخدمات العامة ، كما تردت قطاعات التربية والتعليم والصحة ، والبنى التحتية في قطاعات الكهرباء والماء والصرف الصحي .
وعلى الرغم من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية الكبيرة التي شاركت بها قطاعات شعبية واسعة ، وقوى سياسية مشاركة بالعملية السياسية مثل التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي وقوى سياسية ليبرالية اخرى ، لكنها لم تلقى صدى أو رد فعل ايجابي من لدن الحكومة العراقية والقوى السياسية الكبيرة والمهيمنة على المشهد السياسي العراقي .
استنادا” لما سبق فان التظاهرات الشعبية واسعة النطاق التي تشهدها المحافظات العراقية الوسطى والجنوبية والتي اندلعت شرارتها الأولى من مدينة البصرة ، تأتي في سياق التذمر والرفض الشعبي للأداء الحكومي ازاء ملفات الفساد المالي والإداري واحتكار فرص العمل للأحزاب والقوى السياسية المتنفذة وتردي الخدمات الصحية والتعليمية والتباطؤ في اصلاح او اعادة اعمار البنى التحتية مثل شبكات الطاقة الكهربائية والماء والصرف الصحي .وهذه التظاهرات الشعبية واسعة النطاق تعتبر رسالة تحذير قوية الى القوى السياسية والاحزاب المهيمنة على السلطة في العراق ، بالإضافة الى المرجعيات الدينية التي اتخذتها تلك الاحزاب والقوى السياسية غطاء” لها .
لذلك فان الحكومة العراقية المقبلة التي ستتشكل في ضوء نتائج انتخابات ايار 2018 ، المثيرة للجدل ، سترث تركة ثقيلة من الملفات المعقدة والشائكة التي يصعب التعاطي معها اذا ما عجزت حكومة العبادي المنتهية ولايتها عن احتواء نقمة الشارع العراقي واقناع المتظاهرين بجدية القوى السياسية في التعاطي مع مطالبهم وهي مهمة ليست بالسهلة ، الفشل بها سيؤدي بالوضع السياسي في العراق الى نفق مظلم وازمة سياسية ومجتمعية لا يحمد عقباها …
كاتب المقال :
اللواء الركن المتقاعد
الدكتور عماد علوّ
المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية / بغداد