توجو مزراحي اليهودى الذي عشق مصر قضى عمره فيها ورفض الهجرة لإسرائيل

 

كتبت: غادة العليمى

 

توجو مزراحى رجل إرتبط إسمه بتاريخ السينما فى مصر فهو واحد من صناع السينما وأعمدتها أنتج وأخرج ومثل وقام بعمل المونتاج والتصوير وعمل فى كل ما يخص صناعة السينما ليخرج إلى المجتمع نوع ساحر من الخدمات التى ترتقى به وتساهم فى تحضره اسمه الفن .. الفن المصرى.

لا أحد يعمل أو يهتم بالسينما لا يعرف توجو مزراحى فـ إسمه مرتبط بوجودها وتواجدها كما إنه كان كذلك مكتشف للمواهب الفنية التي أصبحت رموزا كبيرة للفن في مصر والعالم العربي حتى وقتنا هذا.

 

من هو توجو مزراحى

 

هو رجل مصرى من اصل ايطالي من مواليد مدينة الإسكندرية 2 يونيو عام 1901 لعائلة يهودية كانت تعيش بمصر درس بمدارس الإسكندرية وحصل على دبلوم التجارة الفرنسية ثم سافر إلى إيطاليا عام 1921 ليكمل دراسته في التجارة حاز على درجة الدكتوراه ثم انتقل إلى فرنسا والصدفة قادته إلى زيارة استوديوهات السينما هناك فوقع فى عشق هذا الفن وملك عقله وقلبه.

ثم عاد توجو مزراحي مجددًا إلى مسقط رأسه فى مدينة الإسكندرية في عام 1928 وحقق حلمه الذى حلم به فى فرنسا وأسس شركة “الأفلام المصرية”.

وفي عام 1929 قام بإنشاء استوديو سينمائي في منطقة باكوس وجهزه بكافة معدات التحميض والطبع وغرف الممثلين.

أول أفلامه بإسم مستعار

قدم توجو مزراحى أول أفلامه عام 1930 بعنوان”الكوكايين” وهو فيلم صامت قام ببطولة الفيلم بنفسه لكن تحت إسم مستعار هو “أحمد المشرقي” خوفاً من غضب عائلته التي كانت تطمح أن يستمر في العمل التجاري الذى كان يعشقه ويحترفة ويتفوق فيه اليهود فى مصر والعالم وحقق فيلمه نجاحاً كبيراً لاقى إستحسان من الجمهور ومن الحكومة المصرية وأرسل له حكمدار القاهرة الإنجليزي بنفسه “رسل باشا” خطاب شكر عن صناعة هذا الفيلم الذي يعالج قضية اجتماعية خطيرة وهي الإدمان.

 

وفي عام 1934 أصبح فيلم “الكوكايين” ناطقاً ومصحوباً بالموسيقى التصويرية ليأخذ شكل جديد إحترافى فى صناعة السينما.

 

وكون توجو مزراحي والفنان الكوميدي الراحل علي الكسار ثنائى ناجح حيث رأى فيه مزراحي نموذجا للشخصية المصرية النوبية خفيفة الظل والتي حقق معها نجاحا كبيرا في السينما و المسرح.

 

ومن أشهر ماقدم من أفلام مازالت تذاع حتى اليوم .. مثل “ألف ليلة وليلة”، “علي بابا والأربعين حرامي”، “نور الدين والبحارة الثلاثة”.

 

ومن أحد أشهر إكتشافات مزراحى فى الفنانين الفنانة “ليلى مراد” التي تعد أحد من أيقونات الفن السينمائي والموسيقي في العالم العربي حتى وقتنا هذا وأخرج لها أفلام من علامات السينما المصرية مثل “ليلة ممطرة”، “ليلى بنت الريف”، “ليلي بنت مدارس”، “ليلى في الظلام”.

وفي عام 1946 قدم “مزراحي” الفيلم الغنائي الاستعراضي “سلّامة” الذى قام بإخراجه و قام الشاعر “بيرم التونسي” بتأليف الأغاني و”زكريا أحمد” بالألحان وكوكب الشرق “أم كلثوم” بالغناء فكانت النتيجة أحد أروع الأفلام الغنائية في تاريخ السينما المصرية.

 

 

لم يكن “توجو مزراحي” مجرد رجل مهتم بإقامة فن السينما بمصر وإنما عمل على تدعيم الصناعة ككل ووضع حجر الأساس لها من كل الزوايا ليضمن لها التواجد حتى بعد رحيله لذلك أسس نقابة للسينمائيين بمشاركة المخرج “أحمد بدرخان”.

تم تدشين نقابة خاصة بالسينمائيين مازالت تهتم بشئونهم حتى اليوم وكما اهتم بفن التمثيل إهتم أيضا بالغناء وإكتشف عديد من الأصوات الغنائية أشهرهم الفنانة ليلى مراد ، إبراهيم حمودة والثنائي حسين ونعمات المليجي ، وحسن صقر ومحمد عبدالمطلب وإسماعيل يس وزوزو لبيب وبهيجه المهدي.

نهاية مؤسفة بعد حياة حافلة

 

رغم الشهرة والنجاح والعطاء لكن الحياة لا تخلو من المنغصات والأزمات، تعرض توجو مزراحى رغم وطنيته وعطاؤه لشائعة قضت على شعبيته وأودت به إلى الإكتئاب وإعتزال المجتمع والبعد عن الأضواء حين إتهمه البعض بالصهيونية بسبب أصله اليهودى وما أسفر عنه كثير من المعتركات السياسية بمصر.

 

بينما غادر توجو مزراحي مصر حزيناً في عام 1948 واستقر في إيطاليا وظل فيها رافضا الذهاب إلى إسرائيل حتى وفاته 5 يونيو عام 1986 تاركا عددا كبيرا من الأفلام الناجحة والتي تركت بصمة في تاريخ السينما المصرية حتى وقتنا هذا وسيظل إسمه كأحد أعمدة الفن المصرى مؤسسا للسينما وأحد من صناع المسرح ومنشئ لنقابة السينمائيين ومكتشفا للنجوم وصاحبا لأشهر الأعمال السينمائية والمسرحية الخالدة فى تاريخ الفن المصرى.

 

كاتبة المقال

الكاتبة والأديبة أ / غادة العليمى

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.