تونس: الآلاف على مشارف السجن بسبب الديون في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة
يواجه الآلاف في تونس السجن المحقق جراء الديون المتراكمة بسبب الضغوطات المعيشية وارتفاع الأسعار والحالة الاقتصاد الصعبة التي يمرون بها في تونس والتي تشمل معظم بلدان العالم .
انتصار محمد حسين تكتب
يواجه عدة آلاف من الأشخاص على الأقل يقبعون في السجن في تونس لمجرد تحرير شيكات لم يتمكنوا من سدادها لاحقا. وكثيرون غيرهم ممن يواجهون اتهامات مختبئون أو خارج البلاد.
ترقى هذه الممارسة إلى حبس المدين، ما يُدمّر الأسر والشركات، وينتهك القانون الدولي.
تقرير هيومن رايتس ووتش
ذكرت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير نشرته اليوم إن عدة مئات من الأشخاص في تونس على الأقل مسجونون لمجرد تحرير شيكات لم يتمكنوا من سدادها لاحقا. ترقى هذه الممارسة إلى حبسن المدين، وهو ما ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويُدمّر الأسر والشركات.
التقرير الصادر في 35 صفحة
وكان التقرير الصادر في 35صفحة بعنوان “لامفر حبس المدين في تونس”
وتوثّق هيومن رايتس ووتش عواقب التشريع التونسي القديم المتعلق بالشيكات بدون رصيد. بالإضافة إلى إرسال الأشخاص المعسرين إلى السجن، أو العيش في الخفاء أو المنفى، يُغذّي القانون دائرة من المديونية ويجعل حياة أسر بأكملها شاقة.
وفي سياق الأزمة الاقتصادية الحالية في تونس، ينبغي للسلطات التعجيل باستبدال الأحكام القانونية التي تسمح بحبس المدين بتشريع يُميّز بين الرفض المتعمد وعدم القدرة الحقيقية على السداد.
سلسبيل شلالي
ذكرت سلسبيل شلالي مديرة تونس في هيومن رايتس ووتش: “السجن بسبب الديون غير المسددة أمر تجاوزه الزمن وقاس ويأتي بنتائج عكسية لضمان استرداد الدائنين لمستحقاتهم. عندما يظل المدينون طلقاء، تكون لديهم إمكانية كسب الدخل لسداد ديونهم تدريجيا، مع الاستمرار بإعالة أسرهم”.
وقد أعلن في يوم 22مايو البيان بأن مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون لتنقيح الأحكام القانونية المتعلقة بالشيكات دون رصيد، والذي يقترح، وفقا للبيان، تخفيف العقوبات السجنية والمالية، وينص على عقوبات بديلة للسجن، من بين تدابير أخرى. عُرِض على “مجلس نواب الشعب” لمناقشته.
وثّقت هيومن رايتس ووتش 12 حالة ملاحقة قضائية لأشخاص بسبب شيكات بدون رصيد، بينهم أشخاص مسجونون وآخرون يعيشون في الخفاء أو في المنفى.
اقرأ أيضاً: التمويل المصرفي
رغم أن الشيكات كانت في الأصل وسيلة للدفع، إلا أنها تُستخدم في تونس على نطاق واسع كوسيلة للحصول على الائتمان، خاصة في القطاع التجاري حيث تُمكّن أصحاب الأعمال من تأمين السلع أو الخدمات التجارية مقابل شيكات يقدمونها بهدف صرفها لاحقا، في موعد متفق عليه.
صعوبات اقتصادية
ونظرا للصعوبات التي تواجهها الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى التمويل المصرفي بسبب افتقارها إلى الضمانات أو شروط التمويل التي تفرضها البنوك، يعتمد كثيرون في القطاع التجاري على هذه الممارسة، المعروفة باسم “شيك ضمان”.
شيكات ضمان
فعندما يعجز الأشخاص الذين أصدروا شيكات “ضمان” عن سدادها لاحقا، فإنهم مهددون بالسجن، حيث يُعتبر الشيك دون رصيد جريمة جنائية عقوبتها
السجن حتى خمس سنوات بموجب المجلة التجارية التونسية وفقاً لما تقره الحكومة التونسية.
وحتى مايو/أيار 2024، كان 496 شخصا مسجونين بسبب شيكات دون رصيد، إلا أن “الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة“، وهي جمعية تجارية تُركّز على هذه القضية،
وفي إحدى الحالات الموثّقة، حُكم على مجيد هذلي، مقاول بناء، في 2016 بالسجن لمدة 122 عاما وتسعة أشهر بسبب حوالي 50 شيكا.
كان هذلي يعمل على إعادة تأهيل مبنى حكومي في 2010، لكن المشروع تعرّض لتأخير وأضرار مادية بعد أحداث خلال ثورة 2011. تقول عائلته أيضا إن المؤسسة الحكومية التي تعاقدت معه لم تدفع له كامل مستحقاته.
