ثورة الذكاء الاصطناعي: من يقود قطار التغيير في سوق العمل العربي؟
تم نشر المقال فى صحيفة اليوم الدولى عدد شهر مايو
ثورة الذكاء الاصطناعي: من يقود قطار التغيير في سوق العمل العربي؟
منذ فجر التاريخ، كانت أدوات الإنسان امتدادًا لقدراته: النار، العجلة، المحراث، البوصلة… وكل أداة عظيمة أعادت تشكيل الحضارة. واليوم، الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل شريك جديد في صياغة الحياة، خصمٌ ومساعدٌ في آنٍ واحد. إنه ليس نقلة تكنولوجية فحسب، بل تحولٌ في فلسفة العمل، وتوزيع الثروات، ومعنى الكفاءة نفسها.
كتب: هاني سليم
في العالم العربي، حيث يُطل المستقبل على مجتمعات شابة، وإمكانات غير مستغلة، وأنظمة تعليم متباينة، تصبح هذه الثورة التكنولوجية لحظة حاسمة: إما أن نركب القطار في مقصورة القيادة، أو نُركن إلى الانتظار على الرصيف.
في الغرب، تحركت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل وأوبن أيه آي ومايكروسوفت لتحديد قواعد اللعبة. أما في الشرق، فالصين جعلت من الذكاء الاصطناعي أحد أعمدة تفوقها العالمي، مضيفة إليه بعدًا جيوسياسيًا.
في المقابل، في الدول العربية، هناك من بدأ يدرك خطورة أن يكون مجرد مستهلك في هذا السباق، فظهرت استراتيجيات وطنية طموحة:
الإمارات خصصت وزارة للذكاء الاصطناعي، وأطلقت مدنًا ذكية مثل “NEOM” في السعودية و”مصدر” في أبوظبي.
السعودية أنشأت هيئة “سدايا”، وتطمح لقيادة العالم العربي في هذا المجال.
مصر أطلقت استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وبدأت في ربطه بالتعليم والخدمات الحكومية.
إن سوق العمل العربي: الميدان الحقيقي للمعركة
الذكاء الاصطناعي لا يلغي الوظائف فقط، بل يعيد تعريفها. والسؤال الجوهري ليس: “كم وظيفة ستختفي؟”، بل: “كم مهارة جديدة سنحتاج؟”.
ومع ذلك، هناك ومضات أمل:
شاب مصري يستخدم الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيق يُساعد الصُم على التفاعل اللحظي مع المجتمع.
ريادية لبنانية تطور منصة للتعليم الشخصي باستخدام خوارزميات الذكاء.
شركات ناشئة في تونس والأردن تحلل البيانات الزراعية لتحسين الإنتاج.
لكن تبقى هذه النجاحات استثناءات تحتاج إلى بيئة حاضنة لكي تصبح قاعدة.
إن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي الإنسان، بل يعيد تعريف دوره. فكما اختفى ناسخو المخطوطات بعد اختراع الطباعة، ستختفي بعض الوظائف، لكن ستولد أخرى أكثر تعقيدًا وإبداعًا.
وفقًا لتقارير دولية، فإن 85٪ من وظائف عام 2030 لم تُخلق بعد. هذا الرقم ليس للتخويف، بل للتنبيه. كيف نُعد أبناءنا لوظائف لم نرَها بعد؟ كيف نُعلمهم الإبداع، النقد، التعاون مع الآلات بدل منافستها؟
القيادة في هذه المرحلة لا تعني إصدار القوانين فقط، بل خلق ثقافة جديدة للعمل. ثقافة لا تقدس الشهادة الورقية، بل تحتفي بالمهارة، بالتجربة، وبالقدرة على التعلم المستمر.
في النهاية ثورات التكنولوجيا لا تنتظر أحدًا. والذكاء الاصطناعي لن يُبطئ خطاه حتى نلحق به. القطار يسير… والسؤال ليس إن كنا سنصعد، بل في أي مقعد سنجلس. هل سنقود قطار التطور التكنولوجي ام سنكون في المقعد الخلفي؟
كتب: هاني سليم
منذ فجر التاريخ، كانت أدوات الإنسان امتدادًا لقدراته: النار، العجلة، المحراث، البوصلة… وكل أداة عظيمة أعادت تشكيل الحضارة. واليوم، الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل شريك جديد في صياغة الحياة، خصمٌ ومساعدٌ في آنٍ واحد. إنه ليس نقلة تكنولوجية فحسب، بل تحولٌ في فلسفة العمل، وتوزيع الثروات، ومعنى الكفاءة نفسها.
في العالم العربي، حيث يُطل المستقبل على مجتمعات شابة، وإمكانات غير مستغلة، وأنظمة تعليم متباينة، تصبح هذه الثورة التكنولوجية لحظة حاسمة: إما أن نركب القطار في مقصورة القيادة، أو نُركن إلى الانتظار على الرصيف.
في الغرب، تحركت شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل وأوبن أيه آي ومايكروسوفت لتحديد قواعد اللعبة. أما في الشرق، فالصين جعلت من الذكاء الاصطناعي أحد أعمدة تفوقها العالمي، مضيفة إليه بعدًا جيوسياسيًا.
في المقابل، في الدول العربية، هناك من بدأ يدرك خطورة أن يكون مجرد مستهلك في هذا السباق، فظهرت استراتيجيات وطنية طموحة:
الإمارات خصصت وزارة للذكاء الاصطناعي، وأطلقت مدنًا ذكية مثل “NEOM” في السعودية و”مصدر” في أبوظبي.
السعودية أنشأت هيئة “سدايا”، وتطمح لقيادة العالم العربي في هذا المجال.
مصر أطلقت استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وبدأت في ربطه بالتعليم والخدمات الحكومية.
إن سوق العمل العربي: الميدان الحقيقي للمعركة
الذكاء الاصطناعي لا يلغي الوظائف فقط، بل يعيد تعريفها. والسؤال الجوهري ليس: “كم وظيفة ستختفي؟”، بل: “كم مهارة جديدة سنحتاج؟”.
ومع ذلك، هناك ومضات أمل:
شاب مصري يستخدم الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيق يُساعد الصُم على التفاعل اللحظي مع المجتمع.
ريادية لبنانية تطور منصة للتعليم الشخصي باستخدام خوارزميات الذكاء.
شركات ناشئة في تونس والأردن تحلل البيانات الزراعية لتحسين الإنتاج.
لكن تبقى هذه النجاحات استثناءات تحتاج إلى بيئة حاضنة لكي تصبح قاعدة.
إن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي الإنسان، بل يعيد تعريف دوره. فكما اختفى ناسخو المخطوطات بعد اختراع الطباعة، ستختفي بعض الوظائف، لكن ستولد أخرى أكثر تعقيدًا وإبداعًا.
وفقًا لتقارير دولية، فإن 85٪ من وظائف عام 2030 لم تُخلق بعد. هذا الرقم ليس للتخويف، بل للتنبيه. كيف نُعد أبناءنا لوظائف لم نرَها بعد؟ كيف نُعلمهم الإبداع، النقد، التعاون مع الآلات بدل منافستها؟
القيادة في هذه المرحلة لا تعني إصدار القوانين فقط، بل خلق ثقافة جديدة للعمل. ثقافة لا تقدس الشهادة الورقية، بل تحتفي بالمهارة، بالتجربة، وبالقدرة على التعلم المستمر.
في النهاية ثورات التكنولوجيا لا تنتظر أحدًا. والذكاء الاصطناعي لن يُبطئ خطاه حتى نلحق به. القطار يسير… والسؤال ليس إن كنا سنصعد، بل في أي مقعد سنجلس. هل سنقود قطار التطور التكنولوجي ام سنكون في المقعد الخلفي؟