جابر جمال: كرامتي خط أحمر.. وهذه الأغنية كانت سبب دموع هاني محروس
جابر جمال: حريص على أن أكون أنا لا نسخة تشبه أحد ولا امتداد لغيري
إعداد وحوار: ريهام طارق
الملحن جابر جمال الدين موهبة حقيقية تشق طريقها بثبات، يبحث دوما عن الاختلاف والتميز، ليقدم أعمال مختلفة استطاعت أن تحقق نجاحاً كبيراً وتظل عالقه في ذاكرة الجمهور.
في هذا الحوار الحصري، لـ جريدة أسرار المشاهير نفتح دفاتر الإبداع مع جابر جمال الدين، لنكشف خفايا الرحلة من لحظات الإحباط إلى التألق، من الغناء وكتابة الشعر إلى التلحين، من لحظات البكاء في ظل الإحساس بالإحباط واليأس حتى الوصول إلى لحظات النجاح والانتصار .
في البداية نرحب بـ الملحن جابر جمال الدين في جريدة أسرار المشاهير ونشكره على إتاحة الفرصة لإجراء هذا الحوار:
في البداية نحب أن نتعرف على جابر جمال الدين الإنسان قبل الفنان.. حدّثنا عن البدايات، النشأة، الخلفية الدراسية؟
أنا من مواليد مدينة الإسكندرية، في التاسع عشر من مايو، مواليد برج الثور، نشأت في بيئة محبة للفن وهذا ما زرع في داخلي حب الفن منذ الطفولة، تخرجت من كلية التجارة و أقيم حاليًا في الإسكندرية.

هل جاء دخولك إلى المجال الفني بمحض الصدفة، أم كان حلما يراود ذهنك منذ الطفولة؟
دخولي إلي المجال الفني لم يكن صدفة أبدًا، بل كان حلمًا منذ كنت طفلا ولاحظ والدي ووالدتي، موهبتي وحرصا على تنميتها بكل حب ودعمها.
كنت لدي شغف كبير بالاستماع إلى كاظم الساهر وحب إلقاء القصائد الشعرية، وكانت لدي قدرة كبيرة على الحفظ السريع لكل ما اسمعه من أغاني، وفي كل تجمع أو مناسبة عائلية، كنت أغني، وكان رأي الجميع آنذاك أنني أمتلك صوتًا جميلًا وموهبة واعدة.
رحلتي بدأت كمحب للموسيقى والغناء فقط ولم تراودني، أبدا فكرة التلحين والتوزيع، ومع مرور الوقت، بدأت أولى خطواتي في عالم التلحين، عندما لفت نظري القريبين مني أنني ملحن موهوب من أوائل من آمنوا بموهبتي كان النجم تامر حسني، الذي قال لي في عام 2018: “أنت موهوب جدًا، وعندك جُملة موسيقية حلوة وجديدة”، هذا التشجيع كان نقطة تحوّل دفعتني إلى التركيز أكثر على التلحين والاجتهاد على صقل موهبتي.
جابر جمال الدين: أمي صاحبة الفضل الأول في حياتي ولولا ما كنت وصلت إلى ما أنا عليه اليوم
من كان صاحب الدور الأهم في اكتشاف موهبتك ودعمك الفني: والدك أم والدتك؟
والدتي، بلا تردد، هي صاحبة الفضل الأكبر في اكتشاف موهبتي في بداياتي، حفظها الله، كانت الأقرب لي، وأكثر وعيا بتفاصيل شخصيتي و ميولي الفنية، كانت والدتي تتابعني عن قرب وتلاحظ أدق تفاصيل تصرفاتي و اهتماماتي، آمنت بموهبتي منذ اللحظة الأولى، ووقفت بجانبي بكل ما أوتيت من حب ودعم، وكانت دائمًا تحفّزني وتشجعني على الاستمرار، حتى قبل أن أُدرك أنا شخصيًا أن لدي موهبة حقيقية، لولا دعمها المبكر، ربما ما كنت وصلت إلى ما أنا عليه اليوم.

جابر جمال الدين: إسلام الجريني رفيق المشوار الصعب.. أول من اكتشف موهبتي في التلحين و شجعني على خوض التجربة
حدثني عن بداياتك مع التلحين؟ وما أبرز التحديات والمواقف الصعبة التي واجهتك في هذا المشوار؟
في الحقيقة، بدأت رحلتي كمطرب، ثم انتقلت إلى كتابة الأغاني كشاعر غنائي، وكنت أتمتع بموهبة واضحة في هذا المجال بشهادة كل من حولي، لكن نقطة التحوّل الكبرى جاءت في منتصف عام 2018، عندما اجتمعت مع صديق عمري ورفيق رحلتي الفنية، الشاعر إسلام الجريني.
كنا نجلس سويًا ذات يوم، فقرأ كلمات أغنية كتبها، فأخذت الورقة وبدأت بدندنة لحنٍ ارتجالي، لم أتوقع أن يلفت الأمر انتباهه بهذه القوة، لكنه نظر إليّ وقال: “أنت ملحن موهوب وخطير فعلًا!”، وأضاف: “لازم تبدأ تشتغل على التلحين فورًا” هذه الكلمات كانت بمثابة حافز ودفعة قوية وثقة منحني إياها، ومن هنا بدأت رحلتنا المشتركة.
شكلنا سويًا ورشة عمل، نعمل من خلالها على أفكار جديدة تجمع بين الكلمة واللحن، وكانت أولى ثمار هذه الورشة أغنية بعنوان “صباحك حلو”، وهي من ألحاني وكلمات إسلام الجريني، وغنتها المطربة رنا سماحة، الأغنية جاهزة منذ عام 2018، لكنها لم تُطرح بعد، ومن المقرر أن ترى النور قريبًا إن شاء الله،
وهذا تصريح حصري لأول مرة لأغنية”صباحك حلو”، .
أما عن أصعب المواقف، فربما كان التحدي الأكبر هو كسر حاجز الانتقال من شاعر إلى ملحن، وإثبات نفسي في هذا الاتجاه الجديد.

جابر جمال الدين: دموع هاني محروس على لحن “أنا بطولي” كانت شهادة ميلادي كـ ملحن
ما هو أول لحن لك؟ وهل هناك موقف لا تنساه مرتبط بهذا اللحن؟
أول لحن لي تم طرحه لي بشكل احترافي في السوق كان أغنية “أنا بطولي” للمطرب سيف مجدي، و تم طرحها رسميا علي المنصات الموسيقية عام 2020، هذا العمل كان نقطة تحوّل مهمة في مسيرتي، ليس فقط لأنه أول ظهور رسمي لي كملحن، بل لأن الموقف المرتبط به لا يمكن أن يُمحى من ذاكرتي، الفنان الكبير هاني محروس، الذي أكنّ له كل الحب والاحترام، كان صاحب الفضل الأكبر في خروجي إلى النور، في نهاية عام 2019، لم أكن معروفًا داخل الوسط الفني، لكنني قررت التواصل مع استاذ هاني محروس، وكان أول من آمن بموهبتي وفتح لي مكتبه وقلبه، استمع إلى عدد من ألحاني، وكان آخرها لحن أغنية “أنا بطولي”.
ما لن أنساه أبدًا هو رد فعله حين سمع اللحن لأول مرة، فوجئت بأنه تأثر بشدة وبكي، و أعاد تشغيل الأغنية أكثر من مرة، و كأن شيئًا ما في اللحن قد لامس روحه، هذا الموقف منحني ثقة لا توصف، و شعورًا بأنني أسير في الطريق الصحيح، وبالفعل، بعد طرح الأغنية في الأسواق، حققت نجاحا لافتًا ونالت إعجاب العديد من صناع الموسيقى، وسجلت عددًا كبيرًا من المشاهدات، لتكون بداية قوية ومبشرة في عالم التلحين.
جابر جمال الدين: الصبر أول درس تعلمته وحريص على أن أكون “جابر جمال” فقط لا نسخة مكررة تشبه أحد ولا امتداد لغيري
ما هو أول درس تعلمته بعد دخولك الوسط الفني ولا يزال يؤثر فيك حتى اليوم؟
أول و أهم درس تعلمته بعد دخولي إلى الوسط الفني هو الصبر والمثابرة، في هذه المهنة لأنها لا تُعطي ثمارها سريعًا، لكنها تُكافئ من يسعى بصدق ويصبر على التحديات، منذ بداياتي، أدركت أن أواصل السعي، دون أن أسمح لليأس أو الطاقة السلبية بالتسلل إليّ، كما تعلّمت ألا ألتفت للمحبطين من حولي، وألا أفقد شغفي بما أقدمه، مهما كانت الظروف أو العقبات.
كذلك، وضعت أمامي هدفا واضحا لا أحيد عنه، هو أن اجتهد واعمل على تطوير نفسي، بالاطلاع والاستماع المستمر، لكل جديد يظهر في عالم الموسيقى، وحرصي على أن يكون لي بصمة فنية وهوية مستقلة، تعبر عني لا تشبه أحد، وأن أكون دائمًا “جابر جمال” فقط لا نسخة من أحد، ولا امتداد لغيري.

جابر جمال الدين: كل نجم تعاونت معه كان بمثابة حافز قوي في مشواري ساعدني على الإبداع والتطور من فني
تمن هو الفنان الذي تعتبره الأهم في مسيرتك حتى الآن؟
الحمد لله حتي الآن تعاونت مع نخبة من كبار نجوم الغناء في مصر والعالم العربي، مثل “مدحت صالح، رامي صبري، أصالة، لطيفة، حمادة هلال، مصطفى قمر، مسلم، نهال نبيل، وغيرهم من الأسماء اللامعة التي أكنّ لها كل الاحترام والتقدير، وأرى أن كل فنان منهم كان صاحب بصمة خاصة في رحلتي، ولكل منهم مكانة كبيرة في قلبي.
كل تجربة مع أحد هؤلاء النجوم كانت حافز مهم في مشواري ساعدني على الابداع والتطور من فني، وأجمل ما سمعت منهم، أنهم يرون فيَّ كملحن شيئًا مختلفًا، وهذه شهادة أعتز بها.
جابر جمال الدين: تامر حسني يحب الحاني ورغم ذلك لم نعمل معا حتى الآن واتمني ان يحدث هذا قريباً.
من هو المطرب الذي تجمعك به علاقة طيبة وتواصل مستمر، ورغم ذلك لم يجمع بينكم تعاون فني حتى الآن؟
تربطني بالنجم تامر حسني علاقة مليئة بالحب والاحترام والتقدير، وهو من النجوم الذين أعتز بهم كثيرًا على المستويين الإنساني والفني ورغم هذا التواصل الجميل بيننا، لم يحدث أن تعاونا فنيًا حتى الآن، لكن الأجمل من ذلك بالنسبة لي أن تامر حسني يستمع إلى ألحاني ويعبر دائمًا عن إعجابه بها، وقال لي أكثر من مرة إنه يرى أن لدي احساس مختلف في التلحين وأتمنى من قلبي أن يجمعنا تعاون قريب، لأن صوت تامر حسني عندما يغني لحن لي ستكون خطوة فنية فارقة في ملفي الفني.

جابر جمال الدين: اللحن الجيد ينادي صاحبه في الوقت المناسب وسيصل في النهاية إلى الصوت الذي يليق به.
إذا أخبرك مطرب بعد سماع لحن لك أنه لا يناسبه و وصفه أنه ضعيف.. كيف تتعامل مع هذا الموقف؟
أؤمن تمامًا أن الفن أذواق، وما يعجب شخصًا قد لا يلفت انتباه آخر، وهذا أمر طبيعي جدًا، وإذا قال لي مطرب إن اللحن لا يناسبه أو لم يعجبه، لا أنزعج على الإطلاق، لأنني أدرك أن كل فنان يرى العمل من زاويته الخاصة، ويتعامل مع اللحن بناءً على إحساسه الشخصي وصوته وتوجهه الفني.
وفي المقابل، قد يرفض مطرب لحن لي ، لكنه ينال اعجاب نجمًا آخر ويعتبره من أهم الألحان التي قدمها في مشواره، لذلك لا أتأثر سلبيًا بهذه المواقف، بل أتعامل معها باحترافية تامة، لأنني أؤمن أن اللحن الجيد ينادي صاحبه في الوقت المناسب، وسيصل في النهاية إلى الصوت الذي يليق به.

هل تختلف طريقتك في التلحين باختلاف شخصية الفنان؟
أنا لا أتعامل مع التلحين بوصفه قالبًا جاهزًا يُقدَّم لأي صوت، بل أُفضّل أن تولد الموسيقى بحرّيتها الكاملة، دون أن أقيدها باسم مطرب معين، وأبدأ دائمًا من إحساسي الفني كـ جابر جمال، و أجتهد أن يكون كل عمل يكون تجربة متفرّدة ومختلفة عما سبقتها ، وبعد الانتهاء من صياغة اللحن، أبدأ في مرحلة التفكير في الصوت الأنسب لتقديمه، من حيث الإحساس، والطاقة، وقدرة المطرب على ترجمة ما تخيلته موسيقيا، كما أنني حريص دائمًا على أن يكون كل تعاون بمثابة نقلة موسيقية جديدة واضافه في مشوار المطرب، وفي نفس الوقت يحمل العمل بصمتي كملحن يُقدّم له لونا جديد عليه لم يقدمه من قبل، و أكثر ما أسعدني خلال تعاوني مع العديد من المطربين، هو أنهم أظهروا شغفًا حقيقيًا لخوض تجارب جديدة ومغامرات موسيقية غير تقليدية، وكان لديهم الجرأة الكافية للابتعاد عن مناطق النمطية والتكرار، وهو ما خلق بيننا حالة إبداعية استثنائية.
من هو الفنان الذي خذلك خلال مسيرتك؟
أستطيع أن أقول بثقة لم يحدث أبدًا على العكس تمامًا، كل الفنانين الذين تعاملت معهم كان بيني وبينهم علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والحب الفني والإنساني والمطربين الذين لم يجمعني بهم عملا فنيا حتى الآن، جميعهم تجمعني بهم علاقة طيبة مليئة بالمودّة والتقدير.
من هو المطرب الذي شعرت أنه أخرج أفضل ما لديك كـ مُلحن؟
كل مطرب تعاونت معه كان سببا في استخراج جانب خاص ومختلف من موهبتي، وأنا أؤمن أن كل صوت له بصمته، وكل صوت يلهمني بفكره جديده، لذلك، أستطيع أن أقول أن كل مطرب غنى من ألحاني استطاع أن يأخذ مني أفضل ما أملك، بما يناسب إحساسه وصوته.

جابر جمال الدين: إسلام الجريني ومحمود سليم من الشعراء القادرين على اظهار افضل ما عندي
من هو الشاعر الغنائي الذي استطاع أن يستفز طاقتك الإبداعية ويُخرج أجمل ما لديك كملحن؟
الشاعر الغنائي إسلام الجريني، هو الاسم الأول خطر ببالي، ليس فقط لأنه صديقي وأخي ورفيق مشواري منذ أكثر من 15 عامًا، بل لأنه من الشعراء لذين لديهم أسلوبًا خاصًا به، جريئًا، متجددًا، وله بصمة واضحة ومستقلة في كل أعماله، وهناك كيمياء فنية تجمع بيننا، وقدّمنا سويًا العديد من التجارب التي أعتز بها.

كذلك، الشاعر الغنائي محمود سليم من الأسماء التي كان لها تأثير كبير في مسيرتي، وحققنا معًا نجاحات مهمة، أول لحن لي، أغنية “أنا بطولي”، كانت من كلماته، وحققنا من خلالها انطلاقة قوية، وأغنية “حبيت يا بويا العرباوي” للفنانة نهال نبيل، وهي من الأعمال التي قدّمت لونًا جديدًا وجريئًا عليها، كذلك قدمنا أغنية “الناس الزعلانه” للنجم مدحت صالح، و”عندي سر ليك” للمطرب فريد، وهي أغنية مختلفة تمامًا من حيث الشكل والروح.
وحاليًا، نُحضّر سويًا أغنية جديدة من كلماته، ومن ألحاني، بالتعاون مع النجم الكبير مصطفى قمر، ومن المقرر طرحها قريبًا بإذن الله.
وهناك أيضا اسم جديد أتوسم فيه الخير وهو الشاعر الصاعد سمير طارق، أتوقع له مكانة كبيرة في الفترة المقبلة، ونعمل حاليا على الانتهاء من أغنية جديدة من كلماته، ومن الحاني.


هل تعتمد في اختيارك للمطرب على شهرته ومكانته الفنية أم على موهبته الحقيقية حتى لو كان مطرب صاعد في بداية مشواره؟
الموهبة الحقيقية هي ما تجذبني أولا وأخيرا، بغض النظر عن شهرة المطرب، ومكانته، لأن النجاح لا يصنعه الاسم، بل الموهبه والإحساس والقبول والاختيار المبني على إدراك ووعي وثقافة المطرب .. فقد أحقق مع صوت صاعد بسبب موهبته القوية، و ذكائه وقبوله لدى الجمهور، ما لم استطع أن أحققه مع نجم كبير.
جابر جمال الدين: اغنية “سابوك في البيت”، من أعمالي القريبه من قلبي جدا لأنها تمثلني بصدق
ما هو اللحن الذي استغرق منك وقت طويل في التلحين؟
أطول لحن استغرق مني وقت وجهد هو لحن أغنية “سابوك في البيت” للمطرب مسلم، كلمات الشاعر محمود سليم ، هذه الأغنية تحديدا كانت حالة خاصة لمستني و عشتها بالكامل، لدرجة أنني كنت أُطفئ كل أنوار الاستوديو، لاتعايش مع الكلمات واللحن، و عشتها لدرجه أنني كنت أبكي، لأنها لمست بداخلي كثير من المشاعر الإنسانية الصادقة والمؤلمة في آن واحد. ولهذا استغرقت وقتا أطول من المعتاد، وأنا اعتز جدا بهذه الأغنية لأنها من الألحان التي تمثلني بصدق.
هل هناك لحن وُلد في لحظته الأولى فور سماعك للكلمات؟
بالتأكيد هناك أكثر من تجربة كانت ولادة لحنها لحظية ،على سبيل المثال، أغنية “هوينا هوينا”، للفنانة لطيفة من كلمات إسلام الجريني، أرسلها لي عبر “واتساب”، وبمجرد أن قرأت الكلمات، أمسكت الهاتف وفتحت رسالة صوتية، وخرج اللحن مني في اللحظة ذاتها وكأنه كان موجودًا بداخلي وينتظر فقط أن يُقال.
حدث ذلك، أيضا مع النجم رامي صبري، لحّنت الأغنية من أول قراءة للكلمات وخرج اللحن للنور كما هو دون أي تعديل،
أما الأغنية التي أعتبرها واحدة من أسرع ما لحّنت على الإطلاق فهي “العنب الساقع” للنجمة أصالة، كنا نجلس أنا والشاعر إسلام الجريني، وفور ما سمعني الكلمات لحّنتها في دقائق معدودة، واعتبر هذه نفحة يهبها الله لمن يشاء من عباده.
هل ترى نفسك و أبناء جيلك من الملحنين والشعراء الغنائيين والموزعين أحدثوا تطور ملموس في شكل الموسيقى خلال السنوات الأخيرة؟
بلا شك، شهدت الموسيقى خلال السنوات الأخيره تطورا في الأشكال و الأذواق، وهذا أمر طبيعي يتماشى مع تغير الزمن واختلاف الأجيال، فكل فترة تحمل طابعا جديدا، يعكس الواقع الذي نعيشه، ومن الطبيعي أن تظهر ألوان موسيقية جديدة ومتطورة لتواكب هذا التغير.

كيف تحافظ كـ ملحن على مواكبة هذا التطور دون أن تفقد هويتك الفنية؟
أنا أؤمن أن سر الاستمرارية لا تأتي إلا بالتطوّر ، ولهذا أحرص دائمًا على أن أكون متابعا جيداً لكل ما هو جديد سواء على المستوى المحلي أو العالمي، أستمع كثيرًا لأغلب الإصدارات الحديثة، وأجتهد في تطوير أدواتي دون أن أفقد بصمتي الخاصة، في النهاية هدفي هو أن أُقدّم موسيقى تشبهني، و تحمل توقيعي وفي نفس الوقت تكون مواكبة للعصر الذي نعيشه، لضمان بقائي بقوة على الساحة مع الحفاظ على هويه مستقلة بذاتها لا تشبه أحدًا.
هل تصنع ألحانك بناءً على متطلبات السوق حتى وإن كانت بعيدة عن قناعاتك الفنية؟
في الحقيقة، لا يمكنني أن أقدم عملاً لست مقتنع به، قد أراعي متطلبات السوق و أذواق الأجيال المختلفة، ولكن لا أتنازل أبدًا عن قناعاتي الفنية، ما أفعله هو أنني أحاول دائمًا أن أقدم لحنا يواكب العصر ويتماشى مع الذوق العام، لكن من خلال رؤيتي الخاصة لصنع ، ألحان تلامس الجيل الجديد، وترضى أيضًا من تربى على اللون الموسيقي الأصيل لكن بطابع خاص يحمل توقيع جابر جمال.
جابر جمال الدين: لا اعتبر الترند مقياس.. الخلود الفني هو المقياس الوحيد الحقيقي للنجاح
هل تعتبره “الترند” مؤشرًا فعليًا على نجاح الأغنية أم مجرد ظاهرة مؤقتة؟
بالنسبة لي، “الترند” ليس مقياسًا حقيقيًا لنجاح أي عمل فني، بل هو مجرد ظاهرة لحظية وموجة مؤقتة، قد تُصنع بأساليب مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لا تعكس بالضرورة جودة الأغنية أو تحدد قيمتها الفنية
النجاح الحقيقي في رأيي هو الاستمراريه وتظل عالقه في ذاكرة الناس مهما مر عليها سنوات، هناك أعمال كثيرة لم تدخل قائمة “الترند”، لكنها أصبحت من كلاسيكيات الموسيقي العربية، وفي المقابل، هناك أغاني حققت أرقامًا خيالية لحظة طرحها، ثم مسحت تمامًا من الذاكرة.
اليوم، عدد المشاهدات بات جزءًا من لعبة السوشيال ميديا، تتحكم فيها أدوات دعائية وتقنيات معينة، لكنها عاجزه أن تمنح أي لحن أو أغنية الخلود الفني الذي يمثل المقياس الحقيقي والوحيد للنجاح.
هل هناك ملحن من أبناء جيلك تشعر تجاهه بالغيرة الصحية أحيانًا؟
في الحقيقة، لا أشعر بالغيرة من أي ملحن، حتى وإن كانت “غيرة صحية”، ولكن أُكنّ للجميع منهم كل الاحترام والتقدير، وأُقدّر مجهود كل منهم و أرى أن المنافس الوحيد الذي أعترف به هو جابر جمال نفسه، أنا في سباق دائم مع ذاتي، و أسعى دائما لأن يكون كل عمل جديد أقدمه أقوى وأفضل مما سبقه، و أرفض أن أكرر نفسي، الوصول إلي النجاح سهل بينما الحفاظ عليه هو الأصعب.
جابر جمال الدين: الاختلاف لا يفسد للود قضية ولكن كرامتي خط أحمر
إذا حدث خلاف بينك وبين أحد من المطربين أو الشعراء الغنائيين ثم وجدت نفسك مضطرا للتعاون معه فنيا… هل ترفض أم تتعامل بـ احترافية وتقبل العمل معه؟
الخلاف في حد ذاته لا يُفسد للود قضية، طالما لم يتجاوز الطرف الآخر حدود الكرامة أو يُلحق بي أذى نفسيًا، ففي هذه الحالة يمكنني تجاوز الخلاف والتعاون معه إن كان العمل يستحق، فأنا أؤمن بأن الاحترافية تقتضي أن نضع المصلحة الفنية فوق الخلافات الشخصية، لكن، إن تخطى الأمر حدود الاحترام و تحول إلى إساءة مباشرة أو تعدي على كرامتي، فلا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أكمل التعاون، لأن كرامتي خط أحمر .
جابر جمال الدين: النجاح بالنسبة لي ليس محطة نهاية بل هي بداية تبني مع كل عمل جديد
اين ترى مكانتك الفنية في الوقت الحالي؟
الحمد لله، أشعر برضا كبير عن كل ما حققته حتى الآن، و أعتز بكل خطوة قطعتها وكل هدف وصلت إليه، وأدرك جيدًا أن ما أنا فيه هو فضل من الله أولًا، ثم بدعوات أمي الغالية، التي كانت دائمًا سندي الروحي في مشواري.
واليوم أرى مكاني وسط أهم الأسماء في عالم التلحين على الساحة الفنية المصرية، و أسعى بكل جهد وإصرار لأكون دائمًا في المقدمة، النجاح بالنسبة لي ليس محطة نهاية بل هي بداية تبني مع كل عمل جديد.
ما الذي يُسعد جابر جمال أكثر من نجاح لحن له؟
أن ارى امي بخير و باحسن حال وان تكون راضيه عني دائما لان كل نجاح احققه بيكون سببه بعد توفيق الله سبحانه وتعالى هو رضا أمي، وايضا عندما اصنع لحنًا جميل وينال حب واعجاب الجمهور.
متى شعرت بالإحباط واليأس؟ وكيف تغلبت على هذا الشعور؟
شعرت بالإحباط في بداياتي، حين دخلت المجال الفني، وكنت لا املك الخبرة الكافية لفهم متطلبات السوق وفن التعاملات ، واجهت أبوابًا كثيره اغلقت في وجهي ورفضا متكرر، وكان هناك من لم يمنحني حتى فرصة الاستماع إلى ما أقدمه، كل هذه التجارب تركت أثرا نفسيا سيئا بداخلي ومرت عليّ ليالي كثيرة بكيت فيها من شعور قاسي مليء بالإحباط واليأس و الخذلان والقهر، لكنني قررت ألا أستسلم، حولت تلك الطاقة السلبية إلى قوة دافعة وإصرار داخلي، وقلت لنفسي: “سأثبت لهم جميعًا أنني أستحق” آمنت بموهبتي، ووضعت حلمي أمام عيني، وبدأت أعمل بجد على تطوير نفسي وإثبات أنني موهبة ولدي شيئا حقيقي اؤمن به، ومن هذا أن الإيمان بالنفس هو أول الطريق، وأن من يملك حلما حقيقيا يجب ألا يسمح لأحد أن يحطمه بل يجعل من كل لحظه يأس نقطة لبداية جديدة أقوي.
ما الذي تخطط له في المرحلة المقبلة؟
الفترة القادمة أركز على نظرية “الكيف لا الكم”، بمعنى أن يكون كل لحن أقدمه أقوى وأفضل من الذي سبقه، يحمل بصمة أصيله، لأنني أرفض أن أقدم عددًا كبيرًا من الأعمال بلا تأثير، وبجانب هذا حريص على الدراسة المستمرة لتطوير أدواتي، اسلوبي و رؤيتي الموسيقيه، واضع نصب عيني هدفا واحدا وهو أن أكون ضمن أهم ملحني الوطن العربي، أنا أخذ بكل أسباب النجاح واترك في النهاية النجاح والتوفيق لله عز وجل.
احلم أن اصنع مكتبة موسيقية ضخمة تبقي في تاريخ الموسيقى العربية ويفتخر بها كل من أحبني، من عائلتي و أصدقائي و جمهوري.
ما هو حلمك الذي تحقق؟ وما هو الحلم الذي لا تزال تسعى إليه؟
الحلم الذي تحقق لي هو أنني تعاونت مع كبار نجوم الغناء في الوطن العربي، وحققت معهم نجاحات حقيقية، أما الحلم الذي لا زلت أسعى إليه، هو صناعه مكتبة موسيقية ضخمة تُخلَّد في تاريخ الموسيقى العربية، ويفتخر بها كل من أحبني، من عائلتي و أصدقائي و جمهوري.
قبل أن نختم هذا الحوار… ما هو أكثر سؤال لفت انتباهك أو لامس مشاعرك كملحن؟ وهل كان هناك سؤال شعرت أنه استفزّ بداخلك شيئًا مختلفًا؟
أكثر سؤال لمس مشاعري بالفعل، كان: “متى شعرت بالإحباط؟” لأنه أعادني إلى ذكريات موجعة عشتها في بداياتي، حين واجهت الرفض والإغلاق من البعض، وذكرتني كم كان الصبر والتعب هما سلاحي الحقيقي حتى أصل لما أنا عليه اليوم.
كما أن سؤال: “هل هناك ملحن تشعر بالغيرة منه؟” حرك بداخلي إحساسا آخر… إحساس المنافسة مع الذات، لأني أؤمن أن منافسي الوحيد هو جابر جمال نفسه، و أسعى دائمًا لأن أتفوق على ما قدمه في كل مرة.
وأخيرا… هل هناك سؤال كنت تتمنى أن أطرحه عليك ولم تجده ضمن الحوار؟ وما هو هذا السؤال؟ وما إجابتك عليه؟
بصراحة شديدة، لم أشعر بوجود أي سؤال ناقص، على العكس تمامًا، الحوار كان متكاملا غنيا، وتناول الجوانب الشخصية والمهنية والنفسية بكل عمق واحتراف، تناولت كل الجوانب و طرحتي أسئلة لم أكن أتوقعها، لكنها كانت قادرة على استخراج مشاعر وتفاصيل بداخلي لأول مرة أصرح بها.
أقولها بكل صدق، أنتِ محاورة ماهرة، و حوارك هذا من أمتع اللقاءات التي خضتها، وقدرتك على إدارة الحوار بسلاسة وعمق تؤكد أنك من أهم الصحفيين في الوطن العربي، أشكرك من كل قلبي، وأتمنى أن نكرر هذا اللقاء في كل نجاح جديد لي بإذن الله.
في النهاية لا يسعنا إلا أن نشكر الفنان جابر جمال علي هذا الحوار الأكثر من رائع على وعد بحوار آخر مع نجم جديد ونجاحات جديدة مع ريهام طارق

ريهام طارق صحافية متخصصة في الشؤون الفنية والثقافية، تمتلك خبرة واسعة في إجراء الحوارات الصحفية مع كبار نجوم الفن في الوطن العربي، تعمل مدير قسم الفن في جريده اسرار المشاهير.
بدأت حياتها المهنية في عدد من الصحف والمجلات الرائدة، من بينها جريدة “إبداع” بالمملكة العربية السعودية، وجريدة “الثائر” في لبنان، وجريدة “النهار” في المغرب، ومجلة “النهار” في العراق، كما شاركت بكتابات تحليلية في مجال السياسة الدولية، ما يعكس تنوع اهتمامها المهني وقدرتها على الجمع بين الرؤية الثقافية والتحليل السياسي في آن واحد، كما عملت عضو اللجنه الاعلاميه في المهرجان القومي للمسرح المصري.