جبر الخواطر لمسات حانية وعبادة منسية تعرف عليها مع دكتور عادل المراغي .

كتبت /نهي شكري.

تعد عبادة جبر الخواطر من أهم العبادات المنسية وهي لمسات حانية تغزو القلوب وتتربع علي عروشها وقد يكون جبر الخواطر بمواساة في أتراح أومشاركة في أفراح أو تشجيع لعمل الخير أو إدخال لسرور أو ثناء علي صنيع أو تهنئة لنيل مراد أو قضاء حاجة أو سؤالك عن شخص ألمت به ملمة، أو عفو عن مذنب أساء او تفريج هم عن مهموم أو مشاركة وجدانية أو صدقه علي محتاج أو رفع ظلم عن مقهور أو عيادة مريض ،وقد تكون في وسائل التواصل الاجتماعي بتعليق علي منشور أو إدخال لسرور وعدم كشف لمستور
وما شرعت جل العبادات في الإسلام إلا لجبر خواطر الخلق من صدقات وزكوات وإطعام وتكافل ….وغيره ،،، ولجبر الخواطر فعل السحر في القلوب.
تذكر أن امرأة بغيا جبرت خاطر كلب فشكر الله صنيعها فدخلت الجنة وأخري كسرت خاطر قطة فدخلت النار.
إياكم وكسر الخواطر فإنها ليست عظاما تجبر ولكنها أرواح تقهر
وكل كسر لعل الدهر يجبره *وما لكسر نفوس الناس جبران
ومن اللمسات الحانية في حياة الصحابة أن امرأة من الأنصار دخلت على أمنا عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك
وبكت معها كثيرًا دون أن تنطق كلمة ،قالت أمنا عائشة: لا أنساها لها أبدا”
وعندما تابَ الله على كعب بن مالك بعدما تخلف عن تبوك
دخل المسجد مستبشرًا
فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه
قال كعب: لا أنساها لطلحة أبدا”
مواقف الجبر في لحظات الانكسار لا تُنسى.
ومما يدل علي أهمية هذه العبادة أن الجزاء من جنس العمل فمن جبر خواطر الناس جبر الله خاطره ومن كسر قلوب الخلق كسر الله خاطره وقد سمي الله نفسه بالجبار وهو الذي يجبر الكسير ويعني الفقير وييسر العسير ويشفي المريض ويجيب المضطر ويعطي السائل وقد جبر خاطر نبيه زكريا فأعطاه الولد بعد أن بلغ من الكبر عتيا واشتعل الرأس شيبا وجبر خاطر أيوب عليه السلام فشفاه وجبر خاطر يونس فنجاه وجبر خاطره خليله ابراهيم فوهب له علي الكبر إسماعيل واسحاق وجبر خاطر حبيبه محمد- صلي الله عليه وسلم – فحوله إلي القبلة التي طلبها وأعطاه حتي أرضاه كما جبر خاطره فردة ان مكة بعد أن اخرج منها قال تعالي (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك الي معاد) ،وكان من دعاء النبي صلي الله عليه وسلم بين السجدتين (رب أغفر لي وارحمني واهدي واجبرني وارفعني وأرزقني)
ولقد سعي النبي صلى الله عليه وسلم في جبر الخواطر فما كسر خاطر احد قط ،وكان إذا صلي الفجر جاء خدم المدينة بآنيتهم بالماء لعله يتوضأ وهو لا يحتاج الماء فكان يغمس يده في الإناء جبرا لخواطرهم ،ولماعبس في وجه الأعمي طيب خاطره وما جاءه الأعمي بعدها إلا هش له وبش وبسط النبي له راءه وهو يقول (مرحباً بمن عاتبتي فيه ربي)
والقارئ لحياة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه ماكسر خاطر أحد قط حتي مع أعدائه الذين آذوه بعد أن أمكنه الله منهم في فتح مكة عفا عنهم وقال لهم اعظم كلمة عفو سمعتها أذن التاريخ (إذهبوا فأنتم الطلقاء)
ومن أروع صور جبر الخواطر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أنه شفع في قضية عاطفية لعبد أسود تعلق بإمرته وأحبها وهي لا تريد وملخص قصة بريرة أنها أرادت أن تتحرر من رق العبودية ، وأن تنطلق في آفاق الحرية ، تملك نفسها ، وتملك قرارها ، وترفل بقدرتها الكاملة لتقرير مصيرها ، ورسم مستقبلها .
وهكذا كان ، فقد اتفقت مع مالكيها من الأنصار على أن تكاتبهم ، فاشترت نفسها بالتقسيط المريح ، بتسع أواق من الفضة ، تدفعها سنويا ، في كل سنة أوقية .
ولما أبرمت الاتفاق ، عمدت إلى نبع الحنان ، وحصن الأمان ، فقصدت بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وحدثت زوجه عائشة رضي الله عنها ، وأخبرتها بحاجتها إلى أن تعينها ، فدفعت عائشة رضي الله عنها ما اتفق عليه إلى مواليها ثم أعتقتها .
وها هي بريرة رضي الله عنها تتنفس عبير الحرية ، وتستنشق عطرها ، وتبدأ حياتها من جديد ، بثوب جديد ، ونفس جديدة .
فلما تأملت حالها رأت أنها زوجة لعبد مملوك ، والإسلام يعطيها حرية اتخاذ القرار ، فلها أن تبقي علاقتها الزوجية كما هي ، على حالها السابق ، ولها أن تنقض الرباط ، وتحل الوثاق ، فقررت بحسم وجزم أن تنهي حياتها الزوجية . وهكذا كان ، لأنها لم تكن تحب زوجها ، ولا تحمل في قلبها له مودة ولا رحمة .
يقول ابن عباس رضي الله عنهما : إن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث ، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس : يا عباس ، ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا ؟ رواه البخاري .
فلما رأى مغيث إصرار بريرة على صده ، وأنها عازمة على تركه ، استشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فشفع له عندها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو راجعته ، فإنه زوجك وأبو ولدك . قالت : يا رسول الله ، تأمرني ؟ قال : إنما أنا أشفع . قالت : لا حاجة لي فيه .
وجبر الخواطر من أهم المفاتيح التي تفتح قلوب الناس وتنفذ الي شغاف القلوب،وهي عبادة تقوم عليها أغلب أحكام الإسلام من زكوات وصدقات وقضاء حاجات وادخال سرور وابتسامة وتفريج هم وقضاء دين وإقالة عثرة وتكافل إجتماعي وقبول هذا لمعتذر روي الطبراني بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه فلم يقبل عذره لم يَرِدْ عَلَيَّ الحوض ) .
ومن صور جبر الخواطر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرد سائلا قط فان لم يكن معه ما يعطيه أرشده إلي من يعطيه
وجبر الخواطر خلق اسلامي إنساني رفيع يدل علي سمو النفس ورقي المشاعر ورقة الاحاسيس ونحن نتعامل مع أنفس بشرية لها أحاسيس ومشاعر كسرها كالزجاج
قال الشاعر
إن القلوب اذا تنافر ودها
مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
وكسر المشاعر أشد ألما من كسر العظام ومن العسير أن تلتئم

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.